تناولت الباحثة والأكاديمية التونسية منيره هاشمي في مقال لوكالة مهر للأنباء الأوضاع السياسية الجديدة التي تشهدها امريكا بعد وصول الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب وجاء نص المقال كالتالي:
صدقت الامبراطورية الامريكية نظرية فوكوياما "نهاية التاريخ" بانها اصبحت وحدها من يصول ويجول ووحدها من لها القدرة على حكم العالم وتشكيله على حسب مصالحها بعد انتهاء الحرب الباردة وانتهاء روسيا كقطب مزاحم لها .
ركبت امريكا سفينة "هنتغتون" في صدام الحضارات فبدأت في أوائل التسعينات في حرب اثنية بين ألد اعدائها الأرثوذكس والمسلمين حربا تحسسية على طريقة تسلسل تساقط الدومينو في البلقان وكانت النتيجة ان هذه الحرب وحدت المسلمين من كافة المذاهب ومن كل الاقطار حيث توافدوا لنصرة اخوتهم في البوسنة والهرسك فكانت هذه النقطة هي بمثابة الضوء الاحمر بالنسبة لأمريكا وهي تنبيه من الدرجة الاولى لابد من العمل عليه اولا .
واما الاختبار الثاني هو ان روسيا لم تقدر على تحريك ساكنا لنصرة حليفها التقليدي (الصرب) عند قرار الغرب بتدمير صربيا وقوتها العسكرية تحت قصف حلف الناتو عندها تأكدت امريكا بان روسيا قد انتهت وهي لم تعد قادرة حتى على حماية حدودها ناهيك على نصرة حلفائها مما زادها ثقة بأنها " الامبراطورية الوحيدة في العالم التي لم يتوفر لغيرها من الإمبراطوريات عبر التاريخ ما توفر لها من قوة علمية وعسكرية وتكنولوجية وثقافية واقتصادية على حسب ما جاء في"بريجنسكي" رقعة الشطرنج الكبرى فتسلحت برؤية العالم الجيوسياسي؛ بريجنسكي على حسب رؤيته وخبرته في سقوط الامبراطوريات يقول : ما مفاده ان الكثافة الديمغرافية مع بعد المسافات هو من اسباب عدم سيطرة الامبراطوريات عبر التاريخ على البلدان التي كانت تحت سيطرتها وهذا غالبا ما يكون السبب في اضمحلالها وسقوطها وانتهاء حضارتها كإمبراطوريه تكتسح العالم .
اذا وعلى وقع هذا الثنائي ( هنتغتون وبريجنسكي ) وبعد ان فرضت سلطتها وثقافاتها الشيطانية وألغت حكومات وسطت على ثروات الشعوب ولقمة عيشهم ولم تكتف بل شربت من دمائهم واقتلعت فلذات اكبادهم وتاجرت فيها وجعلت من اجسادهم مخابر للتجارب فتنمردت و عربدت وصاحت انا ربكم الأعلى وركبت موجة الحروب الاهلية والاثنية لتقليص الديمغرافية الاسلامية اولا وتدمير كل شيء يمت الى الحضارة بصلة لأنه حسب هنتغتون فهنالك خطر وعائق لسيطرتهم على العالم وهذا الخطر يكمن في التعليم والديمقراطية لهذه الشعوب والذي يدعم عودتهم الى جذورهم وتأجيج العداوة ضد الليبرالية العالمية و سيطرتها.
تحضر المجتمعات يؤدي لتبنيها قيماً غربية سطحية ولكن شرب الكوكا كولا لا يجعل الروسي امريكيا "صدام الحضارات لهنتغتون"، تحت عدة مسميات و بداية من نشر الديمقراطية والحرية الى الحرب على الارهاب الى الثورات المفتعلة والحروب الاهلية والاثنية دمرت العالم وقتلت الملايين في محاولتها لتقليص الكثافة الديمغرافية في افغانستان و البلقان وافريقيا و العالم العربي اولا و في استجابة الى مخططاتهم لإحكام السيطرة على العالم والهيمنة على البحار والاقاليم واصلت دون اعتبار سيادة وخصوصيات الامم والدول وكان نهمهم وطمعهم يسوقهم وهم في نشوة التفوق العلمي والعسكري والاستعلاء والجبروت والقوة .
انتقلت امريكا إلى حلمها في شرق اوسط جديد على مقاس الكيان الصهيوني والذي فشل في محاولتين سابقتين الاولى عند قتل الرئيس رفيق الحريري ومحاولة زعزعة المنطقة بعد اتهام حزب الله في محاولة لمحاكمته والقضاء عليه والثانية في حرب 2006 والتي انتصر فيها حزب الله على قوتهم العتيدة التي طالما ارعبوا العالم بها .
تسلحت امريكا بالمتطرفين والجاهلين والمرتزقة تحت امرة المخابرات ودخلت في حرب ضروس بالوكالة ضد سوريا إلا ان التحالف بين حزب الله والجيش السوري من جهة وايران وروسيا من جهة اخرى افشل حلم الشرق اوسط الجديد للمرة الثالثة وكشف عن ولادة جديدة لقطبين اثنين ولدا من الرماد تماما كالفينيق وهما ايران؛ التي حوصرت اقتصاديا لأكثر من ثلاثين سنة مع حرب عالمية شنت ضدها لمدة ثماني سنوات قام بها صدام حسين بالوكالة على العالم الغربي مع تجميد لأرصدتها في البنوك الغربية إلا إنها استطاعت اأن تصبح قطبا يحسب له الف حساب هذا هو طائر الفينيق الاول واما الطائر الثاني هو روسيا التي سقطت وانحلت كقوة عظمى في نهاية القرن الماضي وكانت امريكا قد تأكدت من ذلك في عدة مناسبات ولكنها ولدت كذلك من الرماد في اقل من ثلاثين سنة.
شلت المفاجأة امريكا وافشلت كل مخططاتها ودراسات خبراءها وهي الان تحاول ان تعيد كفة الرعب لصلحها بعد ان اهتزت صورتها بإخفاقاتها المتتالية وذلك عبر تصريحات ترامب المثيرة للسخرية . /انتهى/
تعليقك