وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: يعتبر مشروع إنشاء خط سكة حديد المشترك بين الكيان المحتل والسعودية والامارات مشروعاً سياسياً بالدرجة الأولی والمستفيد الأول والأخير منه هو الكيان الصهيوني، وفقا لما يقوله الكاتب والصحفي اليمني عباس السيد في حواره الخاص مع مراسلة وكالة مهر للأنباء مؤكداً علی أن العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وكل من السعودية والإمارات لم تعد خافية على أحد ، رغم عدم الإعلان عنها رسميا، وهي تعود إلى السنوات الماضية حيث تتطور باستمرار ، ويأتي الإعلان عن المشروع المشترك لربط الدول الثلاث بالسكة الحديد ليعكس رغبة بعض الدول العربية في دفع العلاقات مع الكيان المحتل إلى الامام ، ولا تنتقل الحالة السرية إلى العلنية فحسب ، بل تتجاوز مرحلة " التطبيع المشروط " مع إسرائيل إلى التحالف المجاني معها.
وتابع الخبير اليمني بأنه لا يمكن النظر إلى المشروع من زاوية إقتصادية تجارية فقط . فهو مشروع سياسي بالدرجة الأولى ، والمستفيد الأول والأخير منه هي إسرائيل ، سياسيا وإقتصاديا . قد توفر الإمارات قليلا من المال والوقت في نقل وارداتها من دول أوروبا وأميركا ، وزيادة الحركة التجارية في موانئها ، لكن بالنسبة للسعودية ، لا يمكن أن تكون السكة الحديد بديلا أفضل من قناة السويس.
وشدد علی أنه يكتسب مضيق هرمز أهميته من كونه معبرا لنسبة كبيرة من الطاقة التي تنقل إلى دول الشرق والغرب ، إذ تمر عبره 40% من تجارة النفط في العالم " أكثر من 15 مليون برميل يوميا " . هذه الأهمية لن تتأثر بسكة الحديد التي ستمتد من فلسطين المحتلة إلى الإمارات ، مرورا بالأردن والسعودية. ولن تكون بديلا لناقلات النفط.
وأشار إلی أن الرؤية الإسرائيلية للمشروع المشترك بأنه تندرج في إطار " السلام الإقتصادي " ، تؤكد أن خطة المشروع إسرائيلية بامتياز . فالإسرائيليون يسعون إلى تطبيع علاقاتهم مع الدول العربية ، ويتهربون من تقديم أي تنازلات مقابل ذلك ، وهم مستمرون في قضم ما تبقى من أراضي في جيوب الضفة الغربية ، وتهويد القدس وحصار غزة. ومن المؤسف ، أن المناخ السياسي السائد في المنطقة العربية ، والإنحياز الأميركي الكامل لإسرائيل ، يجعل الإسرائيليين لن يحلموا في أن تصبح حکومتهم جسرا يربط الشرق بالغرب ، و يتسبب في تنمية أطماعهم في التوسع وفرض التطبيع مع المحيط العربي دون تقديم أي تنازلات أو بعض من الحقوق مشروعة للشعب الفلسطيني .
وصرح السيد بأنه ما يجري من خطوات تطبيع بين الكيان الإسرائيلي ودولتي السعودية والإمارات ، لن تقتصر تداعياته على الدولتين العربيتين ، فالسعودية والإمارات تعملان كقاطرة لجر بقية الدول العربية نحو التطبيع المجاني مع إسرائيل . وهنا تكمن خطورة المشروعات العربية المشتركة مع إسرائيل ، كسكة الحديد التي ستربط الدول الثلاث مرورا بالأردن ، أو مشروع مدينة " نيوم " شمال السعودية . وتجدر الإشارة إلى وجود خطط لمشروعات مشتركة كثيرة بين الدول الثلاث في المنطقة العربية والقرن الأفريقي ، إقتصاديا وسياسيا ـ ومنها مشروع لإستثمار حقول النفط في " الربع الخالي " وهي منطقة صحراوية واقعة بين السعودية والإمارات واليمن وسلطنة عمان ، ويأمل أصحاب الخطة بضم عُمان واليمن إلى المشروع ، وخطة أخرى لإستثمار حقول النفط في إقليم " أوجادين " جنوب إثيوبيا ، وآخر لربط جيبوتي واليمن عبر جسر يمر فوق باب المندب . ومشروعات سياسية مشتركة لدعم الحركات الإنفصالية في المنطقة .
وأضاف بأن مشروع سكة الحديد سيكون له تداعيات سلبية على إيران و تركيا ومصر ، وخصوصا في المجال السياسي ، إذ تسعى إسرائيل ـ بدعم أميركي لأن تكون هي القوة المركزية في منطقة "الشرق الأوسط الجديد" والتي تعمل منذ سنوات لتشكيلها على أرض الواقع . ومن أجل ذلك ، تعمل إسرائيل على إضعاف الدور التركي والإيراني والمصري في المنطقة ، لأن الدول الثلاث هي المهيأة للعب دور أكبر في المنطقة بالنظر إلى القيم والروابط المشتركة للدول الثلاث مع باقي الدول العربية والإسلامية ، وإلى ما تمتلكه من قدرات ومقومات كبيرة تستطيع من خلالها مواجهة المشروع الإسرائيلي الغربي في المنطقة العربية والإسلامية . /انتهى/