قال الفيلسوف "قصي السعدي" إن كل ما نراه في هذه المرحلة من أحداث عالمية بشكل عام وأحداث ضد الحضارة الإسلامية بشكل خاص ما هو إلا مخطط وضع عام / 1995 /، موجهاً رسالة لمن لا يؤمن بوجود الماسونية قال فيها: ليس كل ما لا يصدق يعني أنه غير موجود.

وكالة مهر للأنباء، عبادة عزت أمين: منذ أن خلق الله آدم وأمر بالسجود له، أبى إبليس الّلعين الإنصياع لأوامر خالقه، ورفض السجود واستكبر عن أمر ربه، وتعهد الّلعين يإغواء بني البشر، والدلائل كثيرة من القرآن الكريم على ذلك، منها قوله الذي نقله الله لنا في سورة الأعراف: "قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ." صدق الله العظيم 

فنفهم من هذه الآية الكريمة والآيات المشابهة لها أن إبليس الّلعين أخذ على عاتقه إغواء بني البشر وإضلالهم عن الصراط المستقيم بأي ثمنٍ كان، وعليه أمرنا الله أن نتخذه عدوا إذ قال في سورة فاطر "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ". ولكي يتم مهمته على أكمل وجه لابد له من أنصار من بني البشر يؤازرونه ويتّبعونه ويساعدونه في إتمام مهمته، وهنالك شواهد تاريخية على ذلك، فالسامري وفرعون والنمرود وكل من حذى حذوهم ليسو عنا ببعيدين.

 وفي يومنا هذا لا يزال الّلعين سائراً بمهمته وخطواته وله أعوان في أيامنا هذه من الإنس والجن، فما الماسونية والإمبريالية وقوى الإستكبار العالمي بكافة مسمياتها إلا بيادق في يدي الّلعين يغويهم ويوسوس ويملي لهم كي يفسدوا في الأرض ويغيروا خلق الله، ولكن لما لهذه المنظمة _الماسونية_ من غموض وسرية، كثرت الأقاويل عنها فمنها ما هو صائب وكثير منها ليس بصائب، وعادة ما يتجنب الناس الخوض في أمرها لصعوبة مسالكها ووعورة طرقها وخوفاً من إتهامهم بمناصرة "نظرية المؤامرة" التي تم الترويج لها، لذلك كثيراً ما يتم إتهام الباحثين في هذا المجال بالتهويل والوهم والجنون أحياناً، ولكن عدم العلم بالشيئ حتماً لا ينفي وجوده، وليس كل ما لا يصدق يعني أنه غير موجود.

وتلبية لنداء الحكمة القائلة:"إسأل من كان بها خبيرا" أجرت وكالة مهر للأنباء لقاء مع الخبير في خفايا الماسونية والمنظمات السرية الفيلسوف "قصي السعدي" صاحب كتاب

" الماسونية العالمية، الشركات العابرة للقارات" والذي أفاض علينا بدوره مما آتاه الله من علم في هذا الباب، ويعتبر هذا اللقاء مقدمة لسلسلة لقاءات تنشر في المستقبل إن شاء الله. 

وجرت المقابلة على النحو التالي: 

السلام عليكم حياكم الله أستاذنا الفاضل، بالبداية وقبل أن نتعمق بكتابكم " الماسونية العالمية، الشركات العابرة للقارات" حابين نشكل عند القارئ  أساس أو نظرة شاملة عن "الماسونية" وخاصة أن موضوعها شائك ويحتاج إلى أشخاص أولي عزم شديد.

 أستاذنا الفاضل، عامة الناس يتهمون من يتكلم عن الماسونية أو عن المنظمات السرية التي تعمل من خلف الكواليس "بعشاق نظرية المؤامرة" أو يرمونهم بالوهم وما إلى ذلك، كيف يتسنى لنا بعبارات قصيرة أن نقنع هؤلاء الأشخاص بأن هذا الأمر واقع وإننا نلمس في هذه الفترة نتاج مكرهم.

إن الماسونية لا تتبع فكرة المؤامرة ، بل هي تتبع فكرة المخطط، وهناك فارق كبير بين المؤامرة والمخطط. فالمؤامرة هي إحدى الأدوات لتنفيذ المخطط، وهذا لغط كبير يقع فيه أصحاب المؤامرة وكل من كتب أو تكلم عن الماسونية التي هي نفسها الامبريالية والتي أصبحت منذ أواخر القرن التاسع عشر تحمل اسم الشركات العابرة للقارات أو الشركات العملاقة.

إن من يملك عقلاً علمياً وعملياً في نفس الوقت سوف يستطيع التخطيط لتحقيق أهدافه , والأهداف الحالية للماسونية أصبحت السيطرة والهيمنة على العالم وأقل تقدير قيادة العالم ، وهذا نجده واضحاً في كتابات "بريجنسكي" و "هنتغتن" اللذين يعتبران من أهم الشخصيات التي تعتمد عليها الامبريالية وهما مستشارين لهما أهمية كبرى وأعضاء في مجلس العلاقات الخارجية التابع للامبريالية.

إن الماسونية ليست منظمات سرية،  بل هي منظمة تعمل دون أن تتكلم، فهي تعمل الكثير وتتكلم القليل، وعلينا أن نعي أن معظم الكتب الموجودة في الأسواق التي تتحدث عن الماسونية هي إما كتب ركيكة لا تعبر عن أهداف الماسونية ومن هي الماسونية، وإما كتب كتبت بمعرفة الماسونية، أو كتب تتكلم عن الماسونية التي سميتها "الماسونية المرئية" والتي هي نوادي الوينز والروتري التي أنشأتها الماسونية ذاتها في معظم دول العالم كي تجند لصالحها شخصيات مهمة وغير مهمة تسخرها لتستفيد منها وهذا الجانب يحتاج لشرح ولو إنه غير هام .

ولهؤلاء الأشخاص الذين لا يؤمنون بوجود منظمة اسمها الماسونية العالمية أقول لهم : ليس كل ما لا يصدق يعني أنه غير موجود , فالطائرة التي هي عبارة عن كتلة من الحديد كان احتمال وجودها أشبه بالخرافة لكنها تحققت عام / 1903 / على يد الأخوين رايت , فليس كل ما لا يصدق يعني أنه غير موجود , وكذلك كل موجود ليس بالضرورة أن يصدق , وهذا عائد لوعي الفرد .

 يحتج معارضي فكرة تحكم الماسونية "قوى الإمبريالية كما سميتموها"، أحياناً على الأشخاص الذن يعتقدون بوجودها، بهذا السؤال " أنه طالما أن اعتقادكم بالماسونية مبني على كونها منظمة شديدة السرية، فلماذا تفضح نفسها؟ ولماذا تسمح بعرض فيديوهات عنها؟ وما إلى ذلك، كيف تجيبون أحبتنا إذا ما سألونا هكذا سؤال، هل يتعمدون أحياناً نشر شئ ولو كان يكشف جانباً منهم؟ أم أنها عبارة عن تسريبات من هنا وهنا؟

 إن الإغراق في التفاصيل الصغيرة يجعلك تبتعد عن الجوهر ويجعلك تبتعد أيضا عن الحقيقة . إن معظم ما كتب عن الماسونية والفيديوهات التي تظهر بين الحين والآخر كلها توضح أن الماسونية إما منظمة يهودية أو منظمة ملحدة وهذا للتضليل , لكنني أقول إن الكتب والفيديوهات التي توضح أن الماسونية هي منظمة يهودية فهو يكشف فقط نصف الحقيقة , أما النصف الآخر من الحقيقة فهو أن الأنجلوسكسون هم الذين يقودون تلك المنظمة واليهود هم شريك أساسي لكنهم ليسوا الأساس , وهذا يتطلب شرح واسع .

في الجزء الثاني من كتابي الماسونية العالمية أطلقت على الأنجلوسكسون اسم اليسار الماسوني وأطلقت اسم اليمين الماسوني على اليهود , ووضحت فيه أهداف كل طرف وأسباب منشأ هذه الأهداف .

إن كل ما نراه في هذه المرحلة من أحداث عالمية بشكل عام وأحداث ضد الحضارة الإسلامية بشكل خاص ما هو إلا مخطط وضع عام / 1995 / م وليس مؤامرة كما يدعون , ويجب أن ننتهي من فكرة المؤامرة سواء مع الذي معها أو الذي ضدها وننتقل إلى مسألة التخطيط .

في عام / 2002 / م بعد أن اكتشفت مخطط عام / 1995 / م قلت لأصدقائي ما الذي سيحصل من أحداث في المرحلة المقبلة ومن بعض أصدقائي شخصيات مسؤولة في الدولة , لكن الجميع بلا استثناء لم يأخذ بكلامي , وعندما بدأ الربيع العربي المزعوم قال لي بعض الأصدقاء إن ما قلته لنا قبل أحداث الربيع العربي كنا نظنه فيلم هوليود .

من يقرأ كثيراً يعرف ماذا سيحدث في المستقبل , أنا لست أذكى من غيري , لكنني عرفت أين أقف , لقد وقفت على أكتاف العمالقة لأرى أكثر منهم.

 يقول البعض ان تاريخ الماسونية يرجع إلى زمن الفراعنة ويرى بعض أن مؤسسها وزعيمها "السامري" الذي قال له سيدنا موسى "إذهب فإن لك في الحياة أن تقول لامساس"، بينما يميل طرف آخر إلى كونها قبل ذلك، ويرى كثيراً من الباحثين في هذا الأمر ان تكوينها بشكلها الحالي، يعود إلى أيام الحروب الصليبية كما انهم يربطونها ب"فرسان الهيكل"، هل لكم أستاذي الفاضل، أن توضح لنا بنظرة شاملة تاريخ هذه المنظمة و خط سيرها، حتى يتسنى لقارئنا العزيز أن يرسم صورة مبدأية عن هنها، ريثما نتعمق أكثر في كتابكم.

 أحب أن أضيف أن البعض يرى أنها تأسست من قبل اليهود في القرن الأول ميلادي ضد السيد المسيح عليه السلام  كل ما ذكر من تواريخ عن تأسيس الماسونية ليس صحيحاً . في الحقيقة , لقد تأسست في بداية القرن السادس عشر للميلاد على يد الامبراطور هنري الثامن فقد تم عقد القران بين الإمبراطورية الإنجليزية من طرف والمال اليهودي من الطرف الآخر , ومن أهم أسباب عقد هذا القران هو سيلان لعاب كل منهما بعد اكتشاف القارتين الأمريكيتين , لذا عقد القران من أجل السيطرة على القارتين الأمريكيتين أو على إحداهما على الأقل , لكن بعد أن أصبحت بريطانيا القوة الوحيدة في العالم بعد انتصارها على فرنسا في حرب السنوات السبع أي عام / 1763 / م , بدأت تفكر بالتوسع شيئاً فشيئاً فسيطرت على أمريكا الشمالية , وفي بداية القرن الثامن عشر اكتشفت استراليا لكنها أخّرت الدخول إليها لأنها كانت منشغلة في السيطرة على أمريكا الشمالية , ومنذ السنة الأولى من القرن التاسع عشر بدأت بالسيطرة على استراليا وخلال اثني عشر عام كانت استراليا تحت سيطرتها ثم دخلت أفريقيا وبعض دول آسيا وفي بداية القرن العشرين وبالتحديد عام / 1914 / م استطاعت أن تشعل فتيل الحرب العالمية الأولى لتسيطر على أوروبا , أما حالياً فهي تفكر بالسيطرة على العالم , وهذا سيسبب لها الضربة القاضية وستفشل وتنتهي .

هذه اللمحة التي عرضتها غير كافية لإقناع الناس , ولكن عندما يقرؤون كتابيي اللذين سيطبعا قريباً من خلال مؤسسة دار العتيق للطباعة والنشر , فإنهم سيقتنعون بكل كلمة موجودة داخلهم لأنني وضحت ذلك من خلال وثائق وربطت الأحداث مع بعضها البعض بدقة لتدل على الفاعل الحقيقي , ومن كان وراء كل هذا .

السؤال الرابع: وأخيراً وليس آخراً، نريد منكم أستاذنا الفاضل أن تعطونا لمحة مختصرة عن كتابكم  " الماسونية العالمية، الشركات العابرة للقارات" متى بدأتم به، ما الذي دفعكم لكتابته، ماذا تريدون أن تقولون لنا عبر هذا الكتاب وما إلى ذلك.

سؤال هام جداً .. لذلك لا بد أن أوضح قضية هامة وهو أنني لم أكتب كتابيي الماسونية العالمية وكتاب وقائع اليهود وديانتهم من أجل أن أكشف نواياهم وإلى ماذا يهدفون , فخطة عملي تهدف إلى تقديم منهج فلسفي علمي أحاول من خلاله بث الروح في الأمتين العربية والإسلامية , لأن الهجمة شرسة عليهما , فمنهجي يطمح لتقديم رؤية شاملة تقريباً من أجل النهوض ومحاربة أعداء الأمتين العربية والإسلامية والعالم بأسره , لذلك بدأت في عام / 2013 / م بتأليف الجزء الأول من كتاب الماسونية العالمية , ثم وجدت أن من واجبي توضيح من هم اليهود فقفزت لتأليف كتاب وقائع اليهود وديانتهم الذي فرض نفسه على إيقاع خطتي , وقريباً سأنتهي من تأليف الجزء الثاني من كتاب الماسونية العالمية وهو في اللمسات الأخيرة من التأليف . والسبب الرئيسي للتباعد الزمني بين هذه المؤلفات هو أنني أنجزت مؤلفات أخرى سوف تظهر قريباً من خلال نفس دار النشر. 

يتبع...