قال الكاتب والمحلل السياسي الدكتور، حسين علي حسني حمية، ان الازمة اللبنانية الحالية والتي لا زالت في تصعّد مستمر تكشف كل يوم فصلاً جديدا من فصول المعانات التي يرزح تحت ثقلها معظم الشعب اللبناني متأمّلاً أن يأتي الحلّ والإنفراج على حصان أبيض من الخارج كما العادة، فهل يخيب ظنه هذه المرة؟.

وكالة مهر للأنباء - حسين علي حسني حمية: لم يكن الإقتصاد اللبناني يوماً إلا إقتصاداً ريعياّ لا يرتكز لا على صناعة ولا على زراعة هكذا أرادته الحكومات المتعاقبة والتي تبنت المنهج الحريري الإقتصادي مذهباً لها وظل لبنان في كل تلك الظروف يعيش بحبوحة كاملة مع ان فاقد لكل أركان البنى التحتية. كانت كل المؤسسات الخدمية مثل الكهرباء والهاتف والماء وغيرها مؤسسات هشّة تعتمد أسوء أساليب العمل إضافة للسمسرة والوظائف الوهمية وكل سجلات الدولة كانت ورقية تكتب بخط اليد، فتفقد أحياناً وتتلف أحياناً أخرى وكل ذلك لتسهيل عمليات السرقة الممنهجة فدوائر الدولة من أصغرها لاكبرها تبيض ذهباً. ومع ذلك لم يحدث الإنهيار وذلك كون لبنان كان صندوق البريد لمنظومة صراع الأقطاب او المحاور.

جاء ترامب لينقل الصراع من الخفاء المحسوس إلى الظاهر المعلوم وبالتالي أصبح التطبيع مكشوفاً والصراع على النفوذ والهيمنة واضحاً والإشتباك وقع بالرصاص الحي، وهكذا خسر صندوق البريد دوره المحوري وأصبح أمام واجب الإختيار بين ركوب منظومة صفقة القرن أو الجبهة المقابلة والرافضة لها.

ولما كان من الصعب إسقاط لبنان مع كثرة الساسة الفاسدين والمطبعين في الحضن الإسرائيلي فالكل يخجل من إسقاط ورقة التوت، هذا بالإضافة لقوة حضور الشارع المقاوم ولذلك كان لا بد من تطويع البلد شعبياً إي تجويع الناس ومحاصرتهم حتى تصبح كل الخيارات مقبولة في سبيل رغيف الخبز.

الأزمة تدار بعقول خبيثة فعلى سبيل المثال تم إسقاط كل الشخصيات المقبولة لرئاسة الحكومة وتم حصرها بالحريري الذي أمسك التكليف وبدأ يلعب لعبة الوقت ليكسب أمرين:

* إعادة التسويق لنفسه عربياً ودولياً كأداة فعالة ونافذة في لبنان.

* تفعيل الحريرية السياسية التي إن سقطت لن تعود للحياة ثانية بكون أنها المسؤولة عن الخراب الإقتصادي الحاصل.

الحريري يستغل في معركته امرين أساسيين الأول سيطرته على البنك المركزي، والثاني إدراكه أن حرص خصومه السياسيين على البلد هو قد يدفعهم للتنازل أمامه لكبح جماح الإنهيار خصوصاً حزب الله

يستغل الحريري في معركته امرين أساسيين الأول سيطرته على البنك المركزي بحيث يسهل عليه المضاربة على العملة الوطنية ووضع اسعار غير منطقية للدولار مقابل الليرة كون أن السعر الإقتصادي للدولار أدنى من ذلك بكثير وهو سيعود لتعويم الليرة بعد حصوله على ما يريد مما يكرس وجوده في لبنان كمخلص شعبي، أما الثاني إدراكه أن حرص خصومه السياسيين على البلد هو قد يدفعهم للتنازل أمامه لكبح جماح الإنهيار خصوصاً حزب الله.

الدعم الدولي لم يكن أبداً ركيزة للإقتصاد اللبناني فأبرز دعم يصل بشكل ثابت هو دعم إيراني لم ينقطع وبالتالي الحديث عن الدعم حديث ساقط خصوصاً إذا راقبنا حركة الاموال التي تصل من المغتربين دورياً لذويهم في لبنان والتي تفوق سنوياً ما يصله من دعم على مدار سنوات.

كما أن لبنان يشكّل سوقاً رابحة للدول الغربية فهو من أكثر الشعوب إستهلاكاً للبضائع المستوردة على مستوى المنطقة وبالتالي حجم المبالغ التي تخرج من لبنان إلى الغرب أكبر بأضعاف مما يصلنا من هذا الغرب. ولا بد من الإشارة هنا لدور خبيث جداً يلعبه تجار لبنان بالتعاون مع المصرف المركزي لنهب مقدرات الشعب اللبنان ضمن أكذوبة الدولار المدعوم وبالتالي كل كلام يتحدث عن أن وجود حزب الله يمنع وصول المساعدات هو كلام غير دقيق وعار عن الصحة تماماً.

اليوم يقف الرئيس عون كصخرة صلبة بوجه مشروع الحريري الهادف لحل الأزمة اللبنانية من خلال الموافقة على صفقة القرن

اليوم يقف الرئيس عون كصخرة صلبة بوجه مشروع الحريري الهادف لحل الأزمة اللبنانية من خلال الموافقة على صفقة القرن من خلال توطين الفلسطين والسوريين وإعلان الحياد الكامل بما يخص فلسطين. فالرئيس يريد حل الأزمة من خلال إستنهاض المقدرات اللبنانية الإقتصادية ضمن حل مستدام غير مؤقت يضمن سيادة لبنان في إتخاذ أي موقف أو قرار وأن تكون بوابة هذا الإصلاح هي التدقيق الجنائي المالي والذي يسعى الحريري ومن خلفه لتعطيله كونهم متورطين في نهب أرقام مهولة من مال الشعب اللبناني.

إن حل الازمة اللبنانية يكمن في تشكيل حكومة إختصاصيين ( ضمن الإنتماء الحزبي فالحياد في لبنان كذبة ) يكن اهم أهدافها وضع أسس للنهوض الإقتصادي الإنتاجي من جهة، وفك أحادية الإرتباط بالغرب والتوجه شرقاً من جهة ثانية.

أما الحل النهائي مرتبط بنهاية الصراع الدولي الذي تخوض من خلاله السياسية الأمريكية آخر معاركها في الشرق للبقاء والإستمرار بنهب المنطقة وإذلال شعوبها أو ترضخ للقطبية العالمية الجديدة بالظهور. ومن المهم تنظيف أنظمة الحكم في المنطقة بعامة ولبنان بخاصة من أدوات الحرب الأمريكية وهم الساسة العاملين على قدم وساق لعرقلت كل الحلول ومشاريع التنمية ويستمرون بكل وقاحة في إستنزاف مقدرات بلدهم لتسهيل إبتزازه على طاولة السياسة الدولية وجعله تابع مسلوب الإرادة، ومن هنا لا يمكن التعويل على الدور الفرنسي وغيره فكل هذه الجهات تبحث لنفسها عن دور في المرحلة القادمة ولبنان نافذة الجميع.

/انتهى/