وفیما یلی نص المقال:
بالليلة العاشرة والشهيد غائب في الطوامير المظلمة، تتلاقفه أيدي الجلادين في سراديب الظلم ولا أخبار..
وها أنا بين دفتي الخوف والرجاء، انتظر الفرج ولو بإتصال ..
اتصال فقط، يسكن روع نفسي، المتلهفة للإطمئنان على مغيّبي الكريم..
في أتون نار الإنتظار، لا أعرف كيف تسلل خدر النوم الى رأسي، هي الحيلة التي يتدبرها العقل المتعب، ليدفع الجسد الى السكون، ولا راحة..
غفوت قليلا، وفي داخلي تنمو ثقة مطلقة في الله سبحانه وتعالى أن الفرج آت في يوم الغد، أي اليوم ، وفي عالم الأحلام حصلت البشارة، منقولة من سماحة السيد حسن نصر الله..
كأني في بيت كبير، هو نفسه بيتنا، لكنه بمساحة أكبر، أنيرت جنباته بزيارة سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله ، وكان أخي بإستقباله ..
في عالم الرؤيا سألت نفسي، هذا بيت كريم ولماذا من يستقبل سماحة السيد هو أخي..
فعدت لأجيب لنفسي في العالم ذاته، نعم لأن سماحة السيد هو والد الشهداء ..
اليوم العاشر ولا أخبار عن الغالي، وحين حصلت الرؤيا تأملت خيراً لعل الفرج يكون اليوم بإتصال منه ..نعم..اتصال فحسب!
وكان حقاً الفرج بنجاة المظلوم من قيد الجلاد ..!
يا الله..
وكان لمغيبي الغالي عشرة أيام انبثقت من وهج عاشورائك يا سيدي يا حسين، حيث لا يوم كيومك يا أبا عبدالله..
هو قدره الذي اختاره..
أن يقتدي بك مولاي في حياته وعند الرحيل فكانت تلك الأيام العشرة..قبسك الذي انطبع في قدره..
في اليوم العاشر من الغياب..
المصدر: وكالة أنباء الحوزة
في اليوم العاشر من العطش لأي خبر وسط لهيب الإنتظار الحارق، ورد الإتصال من مستشفى السلمانية الى مكتب الشهيد، يطلب منا الحضور، كأنه أحد رسل القوم إلينا..
ابنتي فاطمة حضرت، وإذا بها تلمح جثمان الشهيد في ثلاجة المشرحة، محاصرا من قوات النظام..
عندها فقط بلغني الخبر..
فاندفعت في شوق غامر لأرى شهيدي..
لم أكن قادرة على تخيل ما فعلته الأيام العشرة في جسده الطاهر!
ما هي الصور التي يمكن لعقلي استبدالها لزوجي الوديع، المسالم..آسفة جداً..
لا أستطع أن أرسم صورا بديلة..دعته وطيبته وابتسامته الخالدة..
الى أن أصبحت أمام جسد الشهيد المسجى..
يا الله..يا الله..
لا شيء يصف فاجعتي وأنا أنسخ في عقلي آثار التعذيب الموسومة على جسده الطاهر..
وأنا أرسم في ذاكرتي خيالات عن آهاته التي أطلقها، وهو بين أيديهم..
سلام الله على جروحك، وصبرك.. وآلامك في أيام غيابك العشرة!
فيوض اللطف الإلهي، تنزل في روحي ووجداني، بعد أن عشت فاجعة ما رأيت، اتجهت نحو قوات النظام التي تحاصر جثمان الشهيد، خرجت من جوفي صرخات مُرة:
-فزنا ورب الكعبة، ما رأيت إلا جميلا..
وكلما تقدمت خطوةً للأمام، تراجعوا خطوة للخلف!
في اليوم التالي وعند مراسم الدفن والتشييع علمنا بتهديد النظام لأخ الشهيد، بعدم التشييع وتصوير الجسد الطاهر!
ولكن ببركة الله وتوفيقه..
والإصرار من جانبي مع أيادي ابطالنا الأحرار (اقبلها شاكرة) تم فتح الكفن وتصوير الجسد الطاهر ليرى العالم أجمع، كيف يتقمص الحقد أبدان بعض البشر، وكيف تصنع الكراهية من أفعال وحشية في جسد رجل مؤمن، صالح، شريف، تم تعذيبه في سراديبهم حتى فارقت الروح الطاهرة الجسد..
ففاز الشهيد ونال العز والشرفا، والخزي والعار لقاتليه..
أما بالنسبة للمحكمة فإني لا أعترف ولا أنتظر إلا ما تجود به السماء العادلة ومحكمتها الفاصلة..
تعليقك