٠٩‏/٠٦‏/٢٠٢٥، ١٢:٠٥ ص

الشهيد كركي رأى في الثورة الإسلامية معجزةً وكان من بناتها الأوائل

الشهيد كركي رأى في الثورة الإسلامية معجزةً وكان من بناتها الأوائل

وصفت زوجة الشهيد القائد "علي كركي" زوجها، بأنه من أوائل من آمنوا بالثورة الإسلامية واعتبروها معجزة من معجزات الإسلام، مشيرًا إلى أنه تلقى تعاليم الإمام الخميني وطبّقها في حياته الجهادية، فكان من المؤسسين الفاعلين في مسيرة المقاومة الإسلامية في لبنان.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: قائد مغوار من جبل عامل تعرفه وديان وسهول جنوب لبنان وكل قرية من قرأها، ألحق بالعدو خسائر وانهزامات جعلت اسمه من الأسماء الأولى على لائحة الاغتيال، تتلمذ في المدرسة الخمينية وكان له علاقة وثيقة مع القادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكان شديد التعلق بروح الله الموسوي الخميني قده، عرف عنه تأثره وتعمقه بمبادىء وتعاليم الثورة الإسلامية المباركة، هذا القائد الاستثنائي كان مدرسة تدرس للأجيال القادمة على كافة الصعد، وعلى مدى أربعين عاماً كان الصديق الصدوق لشهيدنا الاقدس سماحة السيد حسن نصر الله، الا ان رزقه الله ما تمناه طوال حياته الا وهي الشهادة ومع صديق حياته شهيدنا الأقدس.

حول هذه الشخصية القيادية الاستثنائية وعلاقتها بالثورة الإسلامية المباركة، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع، حرم القيادي الكبير والجريح الشهيد "علي كركي_ ابو الفضل" السيدة "مريم حرب كركي"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

القرن الماضي كان عام الثورات الشعبية بامتياز، وعام انتصار حركات التحرر الوطني على قوى الاستعمار والإمبريالية. ولم ينتهِ هذا القرن إلا وكانت إيران تسجّل باسم الإسلام واحدة من أهم وأعظم الثورات في العالم. لماذا اعتُبرت الثورة الإسلامية التي قادها السيد الخميني (رضوان الله تعالى عليه) واحدة من أهم ثورات العالم؟ وكيف يمكن مقارنتها بغيرها من الثورات الشعبية؟

يمكن مقارنة الثورة الإسلامية بغيرها من الثورات بعدة نقاط مشتركة وأخرى مختلفة. تشترك الثورة الإسلامية الإيرانية مع غيرها بأنها قامت ضد نظام ظالم وفاسد، وأنها غيّرت المجتمع سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، وأنها أنشأت ثقافة التغيير والمقاومة.
وأما اختلافها، فإن إيران أنشأت بعد الثورة نظامًا سياسيًا جديدًا، وقامت على الأيديولوجيات الإسلامية التي كانت مطلب الثوار الأساسي، وهو قيام نظام إسلامي بقوانين إسلامية، وهذا ما حصل فعلاً. وهو أمر غيّر مسار الشرق الأوسط والعالم.
فلذلك يُقال عن الإمام الخميني: "محقّق حلم الأنبياء"، فالناتج عن هذا الرجل العظيم هو محور الحق في زماننا الحالي.

لماذا اختار الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) أن يربط حراك الشعب الإيراني المسلم من أجل الحرية والخلاص من طاغوت الشاه بالثورة الحسينية وملحمة كربلاء؟ هل كان ذلك من أجل التعبئة الشعبية، أم لتلازم الأهداف وتشابه القيم التي حرّكت الثورتين الإسلاميتين رغم تغيّر الظروف والأشخاص؟

إن كربلاء الإمام الحسين عليه السلام هي من صدر الإسلام. منها عاش الدين المحمدي، وهي مدرسة كربلاء. كربلاء تجري مجرى الدم في شرايين الأمة، وخاصة الشيعة؛ فمنها استلهم الثوار العِبر والمثل.
وهذا ما جعل الإمام الخميني (رضوان الله عليه) يربط هذه الثورة بالثورة الحسينية الخالدة، والماثلة في الوعي الشيعي كأهم مصدر لمقارعة الظلم، ومن أجل الحرية والعدالة.
فكان لتشابه الأهداف والقيم أن انطلقت هذه الثورة من الشعارات التي انطلق منها الإمام الحسين عليه السلام؛ فالحسين نادى في ثورته: "إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما"، وهو ما ردّده الإمام الخميني (رض): "من الأفضل أن نموت جميعًا على أن نعيش أذلاء تحت رحمة أميركا والصهيونية".
إن الإمام الخميني أعاد تصويب البوصلة الجهادية، فأظهر حركة الأمة إلى وجهتها الصحيحة، وهي مقارعة الظالمين مهما كانت قوتهم كبيرة."

كثير من المفكرين والمراقبين للأحداث رأوا أن الإسلام في نظر العالم ونظر أهله، كان قبل الثورة الإسلامية في إيران بصورة اختلفت تمامًا عما صار عليه بعد انتصار الثورة. فهل يمكن توضيح هذه الفكرة؟ وما هي البصمة الخاصة التي تركتها ثورة المستضعفين التي فجّرها الإمام الخميني (رضوان الله عليه) على الحركة الإسلامية الجهادية في هذا العصر؟

لقد أحيا الإمام الخميني (رضوان الله عليه) التعاليم الإسلامية من جمودها، ولم تعد شعارات المقاومة والالتزام بشرائع الشريعة الإسلامية مجرّد أحكام موجودة في الكتب وشعارات جوفاء، بل هو أحيا هذه المفاهيم والأحكام وطبّقها على أرض الواقع.
فأقام حدود الإسلام، وأحيا الشريعة كقوانين للدولة يلتزم بها الشعب، وبدأ المجاهدون في العالم ينهلون من فيض وروحية هذه الثورة، ومن رجالاتها العظام الذين استشهدوا من أجل إقامة الدولة الإسلامية العادلة، ولتطبيق الأحكام المعطّلة تمهيدًا لظهور بقية الله الأعظم (روحي لِقَدَمه الفداء).
وشدّت هذه الثورة أنظار العالم؛ فالمجاهدون في كل العالم رأوا فيها منهلًا وحضنًا وسندًا. فكان شعارها: "لا شرقية ولا غربية، إسلامية إسلامية"، من الإسلام وللإسلام.

الشهيد السعيد القائد الحاج علي كركي كان من الطلائع الأولى التي آمنت بنهج الثورة الإسلامية وتعاليم الإمام الخميني (رضوان الله عليه). فما أثر هذه التعاليم الإسلامية الثورية كما فهمها الحاج كركي؟ وكيف ترجمها في سلوكه والطريق الذي مشى عليه؟

كان القائد الشهيد الحاج علي كركي من الجيل الأول الذي تلقّف تعاليم هذه الثورة مبكرًا، وآمن بها حضنًا وحصنًا للإسلام ولحركات التحرر في العالم.
كان الشهيد يؤمن بصوابية وعظمة هذه الثورة، وكان دائمًا يردد أنها معجزة من معجزات الإسلام، وأن الإمام الخميني هو من ممهّدي إقامة دولة العدل المهدوية، وأنها من نعم الله التي أنعمها عليه؛ أنه عاش في زمن الإمام الخميني، ملهم الثوار.
فكانت كلمات الإمام وخطاباته تهزّ كيان شهيدنا، وتُعطيه دافعًا أكبر للتمسّك بتعاليم الثورة، والمضيّ تحت رايتها وببصيرة قيادتها الحكيمة.
فكان ابنها المجاهد، العامل والمؤسس للمقاومة الإسلامية، مع ثلة قليلة تحوّلت، بفضل دعم هذه الجمهورية، إلى قوة إقليمية يُحسب لها العدو ألف حساب.

لماذا برأيكم كانت فلسطين محطّ أنظار قادة الثورة الإسلامية في إيران، والعمود الفقري لسياسات الجمهورية كما وضعها الإمام الخميني، وجسّدها سماحة القائد الإمام السيد الخامنئي (حفظه الله وأطال عمره الشريف)؟ ولماذا تحوّلت القدس إلى قبلة هذا الجيل من الجهاديين الصادقين في لبنان والمنطقة؟

من البديهي أن تكون فلسطين محور اهتمام الجمهورية الإسلامية وقادتها العظام، نظرًا لتمسكهم بالإسلام دينًا ومبدأ، ولأن الإسلام يرفض الظلم والظالمين.
فكان لا بد لهذه الثورة، ومنذ اليوم الأول، أن تقف إلى جانب فلسطين أرضًا وشعبًا ومقاومة، وهذا ما حصل بالفعل.
فكان الإمام في جلّ خطاباته يذكر أن قبلة المسلمين مغتصبة، وأن على المسلمين الجهاد في سبيل تحريرها، وأن إسرائيل هي غدة سرطانية، ويجب إزالتها من الوجود.
واستمرت بهذا الدعم وهذا النهج مع الإمام الخامنئي، فقدّمت إيران الغالي والنفيس في هذا الطريق، من قادتها ومجاهديها وعلمائها، وضخّت دمًا حارًا وجديدًا في جسد الأمة، فأحيت شبابها، وتمسكوا بالجهاد لتحرير فلسطين والأقصى، ويعود الحق إلى أهله، مجسّدة قول رسول الله صلى الله عليه وآله: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى".
ولهذا، لبّى المجاهدون في لبنان نداء الإمام، وأعلنوا مقارعة عدو الأمة بدعم من إيران الإسلام، وهذا ما أثلج قلب الإمام (رضوان الله عليه)، وقال: "إن جهاد حزب الله لبنان هو حُجّة على العلماء.

ما هي أبرز الذكريات التي تركها الشهيد السعيد القائد الحاج أبو الفضل (رضوان الله عليه) لمحبيه والقريبين منه؟ وما هي أبرز الدروس التي يمكن أن ننقلها للأجيال الجديدة من حاملي شعلة المقاومة والسائرين على دربها من تجربة الشهيد القائد؟

"إن أبرز وأهم ما تركه الشهيد الحاج أبو الفضل هو كل ما يتعلق بشخصيته القيادية، وأخلاقه، والأعمال الجليلة التي قدّمها للإسلام.
فرغم أنه قائد عسكري، إلا أنه كان يذوب عاطفة مع عائلته والمقرّبين منه، والإخوان الذين رافقوه طوال حياته.
فكان يسأل عنهم جميعًا، ويتفقد أحوالهم، ويساعدهم. وهي ميزة يتحدث عنها الكثير ممن جاء يعزّينا، وكل من كان مقرّبًا منه.
أخبرونا أشياء نعرفها، وأشياء لا نعرفها. وكان شديد الاحترام للعلم والعلماء، وأوصى العائلة بالانخراط، إلى جانب العمل الجهادي، بالدراسة الحوزوية.
وكان شديد الاهتمام والاحترام لوالديه ولكبار السن.
كان الحاج صلبًا في المواقف الشديدة، كلما اشتدت الحرب كان يزداد صلابة وثقة بالله وبوعده للمؤمنين. عاشقًا للشهادة، ولخط الحسين، واضعًا نفسه بأمر القيادة الرشيدة.
كان يدعو للسيد الخامنئي ليله ونهاره، ويوصي بالدعاء له، ولسماحة شهيد الأمة السيد حسن نصرالله.
أهم عبرة تؤخذ من حياة الشهيد وتجربته، أنه بدأ الجهاد مع ثلة قليلة جدًا، وبنى مع رفاق الدرب أهم مقاومة في هذا القرن، التي غيّرت موازين الأعداء وحرّرت الأرض، ولن تنتهي، لأنها صارت شعبًا موجودًا بكل كيانه، يؤمن بالمقاومة ويتمسك بها.
لقد كان أفضل مثال للآية المباركة:
"محمد رسول الله، والذين معه أشدّاء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، ذلك مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع ليغيظ بهم الكفّار. وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا."
فهو البكّاء في المحراب ليلًا، والضحّاك إذا اشتدّ القتال. هو الحنون الذي يجالس المريض حتى يشفى، والمهموم حتى يُفرج همّه، وهو الذي يُرهب الأعداء في ساحات الجهاد.
هو الذي تميّز بالصلاة، والصيام، والقرآن. فتعلّم الدين المحمدي، وأقامه في تفاصيل حياته.

/انتهى/

رمز الخبر 1958992

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha