لقد حاول الارهابيون ومن معهم تعطيل هذه الانتخابات ووضع العصا في عجلة الديموقرطية ولكنهم فشلوا في النهاية امام ارادة الشعب العراقي الذي شاء ان يشق طريقه الوعر للوصول الى حياة افضل.
وكانت الانتخابات العراقية بحق ملحمة بطولية بين الخير والشر , والنور والظلام انتصر في النهاية فيها الحق على الباطل وباتت الغبرة ان تنجلي من هذا البلد وشعاع الشمس الوهاجة بدأت تتلألأ في سماء الرافدين.
وبهذا الانجاز الرائع فتحت صفحة جديدة في هذه المنطقة التي لم ولن تعرف
كلمات مثل الديموقراطية والحرية ورأي الشعب من قبل.
وبما ان الشعب العراقي قد دفع ثمنا باهظا لنيل الحرية ولكن كما يقول الفيلسوف الالماني الشهير كانت "للحرية ثمن لا يقاس باي ثمن آخر".
واليوم وقد دخل العراق مرحلة جديدة لمواكبة العالم المتحضر بعد ان كان معزولا عن العالم على مدى عقود من الزمن حيث كانت تحكمه الطائفية والشمولية والعنصرية البعثية.
وكم دفع هذا الشعب المقدام ثمنا حتى يصبح نموذجا لجل الشعوب العربية التي ما زالت ترزح تحت ظلم الانظمة الطائفية المقيتة؟.
كم عانى الشيعة في الجنوب والاكراد في الشمال من دمار وقمع وويلات جراء حكم الطاغية صدام طيلة اكثر من ربع قرن من الزمن؟.
كم من الشبان الكرد والشيعة دفنوا وهم احياء وكانوا في مقتبل العمر دون اي مبرر؟
الشعب العراقي دفع ثمن حريته بوحده لا يستطيع احد ان يشاركه في مكتسباته ، لا بل على كل الانظمة العربية التي شاركت النظام العفلقي في قمع هذا الشعب ان تعيد حساباتها وتعتذر للشعب العراقي وترضخ لارادته.
اين كانت هذه الانظمة المستبدة اثناء مجازر الانفال وحلبجة والانتفاضة الشعبانية والذي خلالها قمع النظام العراقي البائد مئات الآلاف من الشيعة والاكراد وغيرهم من مكونات الشعب العراقي؟.
اذن قد حان الوقت لكي تعترف الانظمة العربية بنتائج هذه الانتخابات مهما كانت ، عسى ولعل ان يصفح الشعب العراقي لهذه الانظمة التي عادته وناصرت النظام الصدامي القمعي للاستمرار في السلطة والتفرد بالحكم.
وربما يتذكر جميع العراقيين من كرد وشيعة انتفاضة شعبان المباركة عام واحد وتسعين التي كادت ان تطيح بالنظام البعثي لولا بعض الحكام العرب الذين هرولوا الي البيت الابيض مطالبين جورج بوش الاب بان يحول دون سقوط صدام لان "صدام المكسور الجناحين والضعيف افضل بكثير من الشيعة والاكراد".
واليوم قد سطر العراقيون اروع الملاحم من خلال مشاركتهم المكثفة في الانتخابات واثبتوا وعيهم ويقظتهم وارادتهم من اجل خوض معركة الحياة.
واخيرا وليس آخرا فان الشعب العراقي من خلال هذه الانتخابات الحرة التي جرت في خضم الصراع بين الحياه والموت قد دخل التاريخ من اوسع ابوابه وبات يطل على العالم من اعلى القمم الشماء.
ويبقي الحديث عن مستقبل العراق وهو مستقبل مشرق وزاهر ومشرف , شريطة ان يتمسك هذا الشعب بكرده وعربه وشيعته وسنته بوحدته , ويتعرف على عدو العراق من صديقه , ويقف في صف واحد امام التحديات التي قد يواجهها هذا البلد في المستقبل./انتهى/
حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
تعليقك