بدءاً من تعيين قائد جديد للجيش اللبناني وصولاً الى دعوة الحكومة لوضع قانون انتخابي على قاعدة أولوية إجراء الانتخابات النيابية، ومروراً بمطلب التسلح بصلاحيات رئيس الجمهورية والتوافق على مقاربة موحدة لآلية إدارة جلسات مجلس الوزراء... هذه المطالب وغيرها دفعت العماد ميشال عون الى الاستعانة بمؤيديه لاطلاق نداء لمناصريه لإقامة احتجاج شعبي واسع وتسيير المظاهرات للتوصل الى حل للأزمة الرئاسية القائمة في لبنان.
توافد أنصار "التيار الوطني الحر" من مختلف المناطق اللبنانية ليتجمعوا حيث تجمعوا امام هيئة القضاء في نهر الموت، وذلك في اطار سلسلة من التحركات الشعبية المتواصلة والتي ستشمل بحسب القيمين عليها مسيرات سيارة تجوب مناطق بيروت، كما جابت مسيرة لـ"التيار الوطني الحر" سوق جبيل، رافعة الاعلام اللبنانية وأعلام "التيار" على وقع الاناشيد الحزبية، وخرجت بالمسيرة المنطلقة من القضاء، وكذلك تحرك مناصرو التيار في صيدا وجزين وعدد من المناطق المختلفة اللبنانية الاخرى .
وارسلت هيئة القضاء "التيار" رسائل نصية قصيرة إلى مناصريها والملتزمين للتجمع أمام هيئة القضاء والانطلاق في مواكب سيارة.
وهنا يطرح السؤال نفسه ماهو هدف العماد ميشال عون من ارسال قيادات واعضاء من «تياره الوطني الحر» الى محيط رئاسة الحكومة في وسط بيروت، وكانه ارسل رسالة الى سعد الحريري ومن ورائه ان الحكومة التي يترأسها "تمام سلام" ، ولدت بتسوية داخلية ورعاية اقليمية - دولية، قد انتهت صلاحياتها، لأن هذه التسوية كان يجب ان تطبق وفقا للحوار الذي حصل بين عون والحريري، والذي انفتح خلاله على السعودية، وتغزل بسفيرها في لبنان وقيادتها في المملكة، وسافر اليها للقيام بتعزية الملك الجديد برحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز.
يبدو ان صبر العماد عون على الرئيس الحريري ومن يوجهه خارجيا قد نفد ، وفي هذا السياق تشير مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر»، الى ان ايجابيات العماد عون تجاه «تيار المستقبل» بتسهيل تشكيل الحكومة وفي توزيع الحقائب كما في تعيينات تخصه، اضافة الى تمرير آلية تحفظ استمرار الحكومة وتسيير شؤون الدولة، لم تقابل، اذ كانت «المرونة العونية»، تلقى تصلبا وخداعا من قبل «التيار الازرق» بعد التوافق مع الحريري على ان يكون عون رئيسا للجمهورية والحريري يعود الى رئاسة الحكومة، ويتعاونان معا على بناء الدولة ، لكن فجأة صدر قرار من المملكة، بعدم الاستمرار في الحوار على قاعدة ان عون رئيسا للجمهورية، مرشحا سمير جعجع كمنافس له، وهو ما اعتبره عون بالامر الذي لا يعنيه، لان تفاهمه مع الحريري لم ينص على هذا.
وتقول المصادر ان رمى الكرة في ملعب المسيحيين هدفه الاتفاق على مرشح، فاقترح رئيس «تكتل الاصلاح والتغيير» ان تكون المنافسة بينه وبين جعجع فرُفِض اقتراحه، وهنا يتبين ان الطرف المقابل لا يريد رئيسا للجمهورية تكون له حيثية سياسية وشعبية.
من ناحية أخرى ان المطالب العونية وان كانت تنص في شكلها على مطالب مسيحية الا انها في مضمونها تشكل مطالب محقة لجميع اللبنانيين وهي بمثابة ازالة للقفازات الحريرية عن المخالب السعودية التي تنهش في الجسد اللبناني ورفع الوصاية التي منحها اياها اتفاق الطائف منذ التسعينيات.
ويدل هذا التحرك على ان الفائدة تعود لحزب الله وحلفاءه في الداخل اللبناني حيث يتبين ان الشعار الذي يلوح به تيار المستقبل وحلفاءه بأن الصراع الداخلي هو صراع سني شيعي هو شعار باطل وخير دليل على هذا هو تحرك ما يعتبر بالأغلبية المسيحية ضد التمادي السعودي والحد من نفوذه على الأراضي اللبنانية.
فهل يستطيع التيار تحقيق هذه المطالب عن طريق التمهيد لرئيس لبناني دون قيود خارجية ؟؟
تعليقك