وكالة مهر للأنباء- محمد قادري: في معالجة الملفات الجنائية عادة ما تكون الخطوة الاولى قراءة المعلومات الاولية الى جانب الثوابت للحصول على صورة شفافة عن الموضوع ما تمهد الطريق لصياغة فرضيات أخرى.
من جهة قد شغل حادث اغتيال السفير الروسي في انقرة اذهان الكثير من المحللين والمراقبين السياسيين في المنطقة والعالم حيث بات من البديهي ان هذا الحادث لم يكن مجرد صدفة عابرة وانما كان مخططا له مسبقاً.
ومن جهة أخرى مثل هذا الحادث لاسيما بما تضمن من شعارات أطلقها منفذ العمليلة الذي لم يتجاوز عمره بضعة وعشرين عاما يكشف أن قنوات الإعلام الغربي وحماة الإرهاب قد ادوا مهمتهم أحسن أداء في التعامل مع الأزمة في المنطقة، بحيث نشاهد شابا بهذا المستوى من العمر يعتنق فكرا راسخا ويظن أن فعلته هذه تصب في مصلحة الاسلام وتعتبر جهادا ضد أعداء الأمة الاسلامية.
وفي ما يلي نذكر بعض الملاحظات التي لا يمكن تجاوزها دون الإشارة اليه ولو باختصار:
أولا: إن منفذ العملية وقبل أن يتم قتله من قبل السلطات التركية كشف عن دافعه لهذا الفعل؛ حيث صرح أنه قام بقتل السفير الروسي انتقاما لمعركة حلب، بعبارة أخرى أن منفذ العملية متألم جدا من هزيمة الارهابيين والتكفيريين لاسيما جبهة النصرة في حلب بحيث ساقه هذا الأمر الى اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة.
ثانيا: من المعروف أيضا أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني والدول العربية الرجعية أظهرت من خلال تصريحاتها أنها غاضبة من هزيمة الارهابيين وسيطرة النظام السوري على حلب وفي الحد الأدنى فان القاسم المشترك بين حماة الارهاب وقاتل السفير الروسي هو عدم رضاهم مما حصل أخيرا في حلب.
ثالثا: أبدى الرئيس الروسي وفور علمه بحادثة الإغتيال موقفا ذكيا وحكيما للغاية حيث صرح أن هذه الحادثة تأتي في إطار المحاولات الرامية الى افشال مساعي التطبيع بين تركيا وروسيا وكذلك افشال عملية السلام في سوريا، مضيفاً أن "ردنا الوحيد إزاء هذه الجريمة هو اصرارنا على محاربة الارهاب وأن القتلة سوف يذوقون طعم جريمتهم".
في واقع الأمر أن اغتيال السفير الروسي في ظل الظروف الراهنة وبعد تحرير مدينة حلب من قبضة المجموعات الارهابية إنما كان إنتقاما أمريكيا من روسيا ورسالة صريحة لموسكو الا إن تصريحات بوتين التي أكد فيها مضي بلاده في محاربة الارهاب وعدم تراجعها قيد أنمله قد كدرت نشوة هذا الانتقام لحماة الارهاب وأفشلت مخططاتهم.
رابعا: إن الرئيس الروسي فلاديمر بوتين طالب نظيره التركي أن يتم تحديد هوية من يقفون خلف عملية اغتيال السفير الروسي وهو بهذا يبين أنه غير مقتنع بفرضية أن القاتل قام بالفعل بشكل فردي ودون أن يكون هناك من يحركه ويوجه.
خامسا : لقد تقرر قبل ايام ان يتم اجتماع ثلاثي في موسكو يضم وزراء خارجية ايران وروسيا وتركيا من أجل التنسيق وتبادل الآراء في ما يتعلق بالأزمة السورية وقد يكون من دوافع هذا الاغتيال هو افشال هذا الاجتماع ومنع تشكيله أصلا.
سادسا: من جانب آخر فان مؤتمرا سيتم بعد شهر من الآن بدعوة من المبعوث الأممي الى سوريا دي ميستورا حول القضية السورية وقد لا تكون جريمة اغتيال السفير الروسي بمعزل عن هذا المؤتمر وما قد يتمخض عنه من نتائج، فقد يكون الهدف هو الضغط على روسيا من أجل تقديم التنازلات لحساب المعارضة السورية في المفاوضات المحتملة.
سابعا: أخيرا وليس آخرا فان هذه الجريمة أظهرت أن السلك الأمني في تركيا يترنح كثيرا لاسيما في الاشهر الأخيرة، حيث شاهدنا كثرة العمليات الارهابية مما ينذر أكثر من أي وقت مضى باحتمالية النفوذ في هذا القطاع الأمني الحساس.
وعلى كل حال تشير المعطيات أن الأيام القادمة لن تكون أياما عادية وأن الدول الداعمة للإرهاب التكفيري وبعد هزيمتها في حلب قد تقدم على خطوات كبيرة وواسعة وإن كانت تغطيها بقضايا مثل الدفاع عن حقوق الانسان وتظهر نفسها وكأنها قلقة على أرواح المدنيين./انتهى/
تعليقك