أوقف الجيش العربي السوري عملياته العسكرية على محور مغر المير -مزرعة بيت جن في ريف دمشق الجنوبي الغربي، بعد استسلام "جبهة النصرة" والفصائل المرتبطة بها، ورضوخهم بالدخول في مفاوضات لنقلهم من المنطقة بعد إحكام الطوق عليهم.
هذا التوقيف جاء بعد أن قامت الجهات المختصة على ترتيب اتفاق يقضي بنقل العناصر الإرهابية إلى مدينتي إدلب ودرعا خلال الأيام القادمة، حول هذا الملف يقول الخبير العسكري والاستراتيجي كمال الجفا في حديثٍ خصّ به وكالة مهر للأنباء:
أشار الجفا إلى أنّ المناطق التي كانت تتواجد فيها المجموعات الراديكالية المتشددة تتميز بموقع استراتيجي على مثلث الحدود السورية اللبنانية الفلسطينية وقربها من العاصمة دمشق وخط الإمداد العسكري الأساسي والحيوي لجبهات الدفاع وخطوط النار التي كانت صمّام الأمان للجيش العربي السوري وصراعه الوجودي مع إسرائيل.
واكمل أنّ 120 كلم مربع كلم هي مساحة المنطقة التي سيطرت عليها هذه التنظيمات بعد إنهاك القوات السورية ومواقع الدفاع الجوي والرصد الاستطلاعي للقوات السورية وانتشارها مقابل جبهات العدو الإسرائيلي حيث خطط إسرائيل ومن معها لإقامة حزام أمني على كامل الحدود السورية الفلسطينية وإنهاء تواجد الجيش السوري وتدمير بنيته التحتية التي أقامها خلال 45 عام.
وتابع الجفا أنّ استسلام هذه الفصائل هو نتيجة لعجزها عن تحقيق أي تقدم عسكري أو تنفيذ الهدف المحدد لها أو تنفيذ المهمة الأخيرة التي طلبت منهم وهو وصل القطاع الشمالي والسيطرة على بلدة حضر والتلال المحيطة بها وفتح الطريق بين القنيطرة وجبل الشيخ بالمعركة التي أطلقوا عليها اسم (كسر القيود عن الحرمون) بالرغم من التدخل الإسرائيلي المباشر بعد نقل 200 مسلح من القنيطرة عبر معبر بريقه مرورا بالجولان وإدخالهم إلى بيت جن.
ونوه إلى أنّ المسلحون في البداية سيطروا على بعض النقاط الهامة والتلال وكان حلمهم قيد التحقق لولا الهجوم العكسي الذي شنه الجيش السوري على المنطقة التي دخلوا إليها وقتل 22 من كبار قادتهم لا بل وتقدم للسيطرة على عدد م المناطق وتقدم لعزل "مغر المير" و"تل مروان" عن "مزرعة بيت جن"، وتكبيد هؤلاء المسلحين عشرات القتلى وبالتالي إنهاء أي هدف أو فائدة لوجودهم في هذه المنطقة واستحالة تطوير أو توسيع مناطق سيطرتهم أو حتى استحالة استمرار وجود هؤلاء في المنطقة ومحاصرتهم بالكامل وقدرته على القضاء عليهم أو اعتقالهم مما دعاهم لطلب وقف إطلاق النار وقبول التسوية والترحيل وهو أهون الشرّين بالمحافظة على حياتهم مع عائلاتهم.
واعتبر الخبير العسكري الجفا أنّ عملية نقلهم إلى إدلب ودرعا تعني أنّ هناك بعض الفصائل تفضّل الترحال إلى إدلب المقر الأساسي لجبهة النصرة وهو يناسب المقاتلين من غير أبناء المنطقة والأقرب عقائديا إلى الخط الإخواني التركي متابعاً وهذا يشير إما إلى رغبة في ترك الخط الجهادي السوري وانتظار خط التسوية الدولي، أو تأمين العائلات بعيدا عن الجبهات والانخراط مجددا في جبهات قتالية في محيط حلب وريف حماه وهو لا يقدم ولا يؤخر في الوضع العسكري والتوازنات بالنسبة للجيش السوري ولا يشكل خطر إضافي على سوريا وحلفائها لأن المنطقة مليئة بآلاف المقاتلين من شتّى بقاع الأرض مشيراً إلى هناك تناقضات كبيرة جدا بين هؤلاء وحجم الصراعات الداخلية أكبر من حجم التقاربات والتحالفات وما ينتج عن عمليات قتالية يومية من خسائر بشرية يفوق ما يخسرونه في جبهات القتال مع الجيش السوري.
وأضاف أنه وبالنسبة للراغبين بالانتقال إلى درعا فذلك لأنهم الأقرب عقائديا وعشائريا إلى أبناء المنطقة الجنوبية والخط السعودي الوهابي فمن الممكن أنه مقدمة للتحضير لجولات قتالية مستقبلية تحت راية وتخطيط أمريكي وإسرائيلي لما يعد لجبهات الجنوب السوري إن كان نحو التوصل إلى حلول سياسية ضمن مناطق خفض التصعيد أو إلى تفجير بؤرة قتالية جديدة بالتحالف مع المجموعات المسلحة المتواجدة في المنطقة.
ورأي الجفا، أنّ انتقال هؤلاء ناتج عن تابعية للجهات المشغلة والراعية والممولة وهذا يعني أنّ الراغبين بالانتقال إلى درعا هم الأقرب إلى الخط السعودي الإسرائيلي والراغبين بالانتقال إلى الشمال هم أقرب للخط التركي القطري الإخواني، لأن مجمل المقاتلين في سوريا هم على خلفيات دينية عقائدية متشددة إما إخوانية أو وهابية.
وحول ردود الفعل الإقليمية حول تواجد الإرهابيين بالقرب من الحدود المشتركة كالأردن وتركيا، قال الخبير الاستراتيجي الجفا: إنّ الأردن وتركيا هما شريكان أساسيان ومنصّتان رئيسيتان في الحرب على سوريا وهما حتى الآن يديران بعض الملفات تنظيميا وتمويليا ولا يمكنهم ترك هؤلاء لمصيرهم بل سيكونان بجانب هذا الأدوات إلى النهاية، إما بدفعها لمعارك انتحار جماعي مع الجيش السوري ضمن اتفاقياتها مع الروسي والإيراني أو تأمين حصولها على مكاسب سياسية بالحد الأدنى مع الدولة السورية كونها خسرت المعركة عسكريا ولا يحق لها فرض شروطها إلا فيما يمكن للدولة السورية ان تمنحها لها بالتوافق مع الدول الضامنة للحل السياسي./انتهى/
أجرت الحوار: سمر رضوان
تعليقك