٠٢‏/١٠‏/٢٠١٩، ١:٠٨ م

"الفغم" بين الرواية السعودية والحقيقة

"الفغم" بين الرواية السعودية والحقيقة

اثار مقتل الحارس الشخصي للملك "عبد الله بن عبد العزيز" سابقاً و"سلمان بن عبد العزيز"لاحقاً اللواء" الفغم" ضجة إعلامية، بين مصدقِ للرواية التي أدلى بها النظام السعودي ومكذب لها، فمال الكثيرون إلى ان مقتله في هذا الوقت بالذات أمرٌ يدعو للشك خاصة بان النظام السعودي اشتهر بالتصفيات السياسية داخل وخارج المملكة.

وافادت وكالة مهر للانباء نقلاً عن "رأي اليوم" أن المحلل السياسي الجيوسي كتب فيما يتعلق بقضية الفغم مايلي

يبدو أنّ الأضواء، سيُعاد تسليطها وبكثافةٍ هذه الأيّام على العربيّة السعوديّة، وللمُفارقة في ذكرى مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، المغدور بسفارة بلاده في تركيا، وذلك حسبما ما اعترفت حُكومته نفسها، وتحميلها المسؤوليّة لمسؤولين عن مقتله، كان منهم المُستشار سعود القحطاني، والذي تتضارب الأنباء حول حقيقة تعرّضه للقتل، أو انتحاره.

الأضواء تعود إذاً اليوم بعد إعلان السعوديّة مقتل حارس الملك الشخصي اللواء عبد العزيز الفغم، وهو الحارس الشخصي لكُل من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والملك الحالي سلمان بن عبد العزيز، وهو الذي قُتل بحسب الرواية الرسميّة إثر “نزاع شخصي”.

خلافٌ بين الأصدقاء.. الرواية الرسميّة

وبحسب المُتحدّث الإعلامي للشرطة بمنطقة مكّة المكرّمة، فإنّ الحادثة قد وقعت مساء السبت، عندما كان الفغم في زيارةٍ لصديقه تركي عبد العزيز السبتي، بمنزله بحي الشاطئ بمُحافظة جدّة، المقر الصيفيّ للحُكومة السعوديّة، وعلى إثر خلاف وقع بين الفغم وصديق له يُدعى ممدوح بن مشعل آل علي، الذي كان قد دخل على السبتي والمقتول اللواء الفغم، ليتطوّر الخلاف بين الفغم، وآل علي، ليخرج الأخير، ويعود وبيديه سلاح ناري، ويُطلق النار على الفغم ما أدّى إلى إصابته واثنين آخرين، أشقّاء صاحب المنزل.

الشرطة بحسب بيانها، هرَعَت إلى مكان الحادثة، حيث تحصّن الجاني آل علي، وبادر بإطلاق النار عليها، ومن ثم تطلق عليه النار فتُرديه قتيلاً، وبحسب المتحدّث باسم الشرطة، فقد تم نقل الفغم إلى المستشفى، وقُتِل متأثّراً بجراحه، فيما أُصيب صديقه الذي كان يزوره تركي السبتي، إلى جانب عامل فلبيني تواجُد في المكان وقت وقوع الحادثة يُدعى جيفري ينغ.

الجِهات المُختصّة أكّدت في البيان أنّها ستُواصِل التّحقيق في القضيّة، واللّافت أنّ ثمّة شُهود عيان على الحادثة بقوا على قيد الحياة، وهُم صديق اللواء الفغم، تركي السبتي “المُصاب” وصاحب المنزل الذي وقعت فيه الحادثة، إلى جانب العامل الفلبيني، الذين سيتم استدعاؤهم للتّحقيقات بطبيعة الحال، لتقديم روايتهم للحادثة، والتي انتهت بموت طرفيّ النّزاع الشخصي، الأوّل اللواء عبد العزيز الفغم، والثاني الذي قتل الفغم ممدوح آل علي، والأخير الذي قُتِل من قِبَل الشرطة لرفضه الاستسلام.

وفيما رحل القاتل والمقتول إلى ربّهما، وذهاب سر تأجّج الخِلاف بينهما في بيت صديقهما “المُصاب”، تُطرح التساؤلات في أوساط مُعلّقين، حول الأسباب الحقيقيّة لذلك “النّزاع الشخصي” كما ذكر بيان الشرطة في توضيح وكشف مُلابسات حادثة القتل، والذي تتطوّر (النزاع) إلى حد استخدام القاتل آل علي للسلاح، وإطلاق النّار على اللواء الفغم، والذي من المُفترض أنّ الرّجلين صديقان.

من هو القاتل؟

غُموض أسباب “النّزاع الشخصي” المُفاجئة بين الرجلين، والتي من المُفترض أن تكشِفها مُجريات التّحقيق التي أكّدت الجهات المُختصّة مُواصلتها تحقيقها في القضيّة، تدفع المُراقبين إلى البحث عن معلوماتٍ دقيقةٍ تُعرّف هُويّة ووظيفة القاتل، وتُطرَح التساؤلات فيما كان قد افتُعِل الخلاف بين الرجلين، أو كُلّف القاتل بمهمّته تلك، بينما تتضارب المعلومات حول هُويّة القاتل ممدوح بن مشعل آل علي، الذي قيل أنه ابن عضو مجلس الشورى الدكتور مشعل آل علي، والذي يعمل أيضاً ضابطاً في الحرس الملكي السعودي، حيث ظهر (ممدوح بن مشعل) المُفترض في صورةٍ مُتداولةٍ إلى جانب اللواء الفغم، وهُما يرتديا زي الحرس الملكي السعودي أسود اللّون.

آخر ظُهور للّواء القتيل

أسباب تواجد اللواء القتيل في بيت صديقه بجدّة، كانت بحسب البيان لأسبابٍ تتعلّق بالزيارة، لكن وبحُكم منصب الفغم كحارسٍ شخصيٍّ للملك السعودي، فإن عمله يتطلّب تواجده الدائم إلى جانب العاهل السعودي، لحمايته وحراسته، ولعلّه في الغالب لا يتمتّع بإجازات شخصيّة شأنه شأن باقي مُوظّفين في الدولة، وذلك لطبيعة عمله التي تقتضي التواجد الدائم إلى جانب الملك، ومُتطلّبات تأمين حمايته على مدار الساعة، وهو ما يدفع بتساؤلات في أوساط المُراقبين حول سبب تواجده في جدّة، بدل تواجده في مكان عمله بالقصر الملكي، وكانت صحيفة “سبق” المحليّة قد نشرت مقطع فيديو، تم تداوله على نطاقٍ واسعٍ، قالت إنّه لآخر ظُهور للفغم، وكان يُمارس فيه التمارين الرياضيّة على كورنيش جدّة، ويرتدي زيّاً رياضيّاً، فيما كان لافِتاً، ومُثيراً لاستغراب النشطاء، التقاط هذا الفيديو له من قبل مجهول قبل أيّام من مقتله، وهو الذي لم يظهر إعلاميّاً طيلة حياته، إلا بجانب العاهل السعودي.

الإعلام بشكلٍ عام، تعامل بعضه مع اللواء الفغم، على اعتبار أنه حارس شخصي “سابق” للملك السعودي، فيما لم يذكر الإعلام السعودي، و بيان الحادثة أنه سابق، وكانت بالفِعل قد تردّدت أنباء عن إقالة اللواء المقتول من منصبه قبل أسابيع من مقتله، ولعلّه هذا ما يُفسّر تواجده كما يُرجّح مُراقبون آخرون في جدّة، وليس على رأس عمله في القصر، وبكُل الأحوال هذا لا ينفي أنّ الرجل كما يقول مُتابعون للشأن السعودي قد يكون مخزن معلومات حسّاسة، بحُكم عمله الطّويل إلى جانب مُلوك المملكة، واطّلاعه ربّما على أسرارهم، وخفايا حُكمهم.

ذكرى خاشقجي.. وفرضيّات اغتيال سياسي

في الجانب الآخر لمقتل اللواء الغامضة هذه، تذهب وجهات نظر إلى تحميلها طابع “الاغتيال السياسي”، وهي قد لا تحتمل هذه التّفسيرات، ولكن قد تُبنى هذه الفرضيّات، بواقع ما تعرّض له الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي على يد حُكومته أو بعض المسؤولين فيها، وللمُفارقة يتصدّر مقتل الفغم، بالتّزامن مع ذكرى مقتل خاشقجي، وتحمّل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسؤوليّة مقتله بالرغم كما قال بعدم علمه بها، لكنّها حدثت في عهده، ويتحمّل مسؤوليتها.

خمس فرضيّات تم تقديمها مع الساعات الأولى لإعلان مقتل اللواء عبد العزيز الفغم:

الأولى: أنّ الفغم يملك مخزوناً من المعلومات الحسّاسة، والتي قد تضر بالسلطات السعوديّة الحاليّة، سواء كان على رأس منصبه أو جرى إقالته بالفِعل مُؤخّراً، وعليه جرى افتعال نزاع شخصي، والتخلّص من طرفيّ النزاع بالقتل، حتى تغيب الحقيقة، ويضيع الدم بين القبائل، ولا يُحاسب القاتل الحقيقي.

الثانية: أنّ اللواء الفغم، ولقُربه الشّخصيّ من الملك سلمان وبحُكم عمله كحارس له، ولاءه التّام للملك، قد يُشكّل حجر عثرة في إتمام أيّ عمليّة نقل للحُكم يجري تحضيرها من قبل ولاية العهد، وتواصله مع جهات لا تزال تُواصل رفضها لاستلام الأمير بن سلمان الحُكم، وتصمت احتراماً لتواجد العاهل السعودي في منصبه.

الثالثة: أن يكون الفغم قد قدّم معلومات ثمينة، تُدين القيادة السعوديّة شخصيّاً في مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وخصوصاً أنه قُتِل بالتزامن مع ذكرى اغتياله، وتردّد أنباء عن كشف مُفاجآت جديدة قد تقلب الموازين، وتُعيد قضيّة خاشقجي إلى الواجهة السياسيّة، والإعلاميّة.

الرابعة: استمعت “رأي اليوم” لها، وتقول إنّ طرفاً ثالثاً يضمُر الشر لوليّ العهد السعودي الأمير بن سلمان، وتعمّد افتعال مقتل اللواء الفغم، في تزامنٍ لافتٍ وخبيث مع ذكرى مقتل خاشقجي، وبالتّالي إحراج الأمير شخصيّاً.

الخامسة: وهي الأكثر ترجيحاً في أوساط المُراقبين، تقول أن لا أهميّة تُذكر للقتيل الفغم، وليس له أيّ تأثير حقيقي في مفاصل الحُكم، وأنّه جرى قتله، وتصدير قضيّته للإعلام المحلّي، فالعالمي، فقط للتغطية على “كارثة” أسر حركة أنصار الله الحوثيّة فصيل كامل من الجنود والضبّاط السعوديين، والسيطرة على آليّات، والتقدّم في الداخل السعودي، ضمن ما أسموها عمليّة “نصرٌ من الله”، فيما كان قد سبقها عمليّة استهداف مُنشآت نفطيّة في بقيق وخريص، ومقتل الفغم بالفِعل قد حظي باهتمامٍ عالميٍّ غير مسبوق، وتصدّر اسمه منصّات التواصل، وعلى رأسها وسم “هاشتاق” مُتصدّر حمل اسمه، وتعاطف معه الآلاف حُزناً على وفاته.

كذب المُنجّمون!

قد يكون من السّاخر على مُعِد هذا التّقرير، أن يختِم سُطوره بهذه الإشارة اللّافتة، والمُثيرة للجدل، والأقرب إلى ضرب المندل، المُتوقّع الفلكي المُنجّم اللبناني ميشيل حايك، كان قد أشار في توقّعاته للعام 2019 على شاشة “إم تي في” اللبنانيّة والمُقرّبة من سُلطات المملكة، بأنّ السعوديّة ستُصبِح حديث النّاس، بقوّةٍ يتردّد اسم عبد العزيز الفغم، الحارس الشخصي للملك، يبدو أنّ الرجل قد أصاب في توقّعاته!. /انتهى/

رمز الخبر 1898272

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha