وكالة مهر للأنباء نقلاً عن "الجزيرة نت": وقال شاهد عيان للجزيرة نت -طلب عدم نشر اسمه- إنه لاحظ منذ صباح أمس آليات ضخمة للجرف، وأخرى للحفر والغرز يبلغ قطر ذراعها الدائري نحو 60 سنتيمترا، ويضرب في الأرض بعمق يصل إلى 20 مترا، مضيفا أن هذه الآلة تستخدم في المناطق البرية ولا يجوز استخدامها أبدا في مناطق ذات عمق أثري.
وتوقع المصدر أن الاحتلال سيحفر حتى يبلغ الطبقة الصخرية الأصلية ثم يأتي بالحديد الصلب والإسمنت ويصبها داخل الحفرة، مشكلا أساسات متينة تصلح لبناء طبقات فوقها تبلغ 10 طبقات.
وقد أصدرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بيانا حذّرت فيه من أعمال حفر مستمرة في ساحة البراق وقرب باب المغاربة غربي المسجد الأقصى، في ظل الإغلاق المشدد الذي يفرضه الاحتلال في القدس بذريعة جائحة كورونا، ويمنع المصلين من زيارته باستثناء سكان البلدة القديمة.
وقالت الأوقاف في بيانها -الذي وصلت إلى الجزيرة نت نسخة منه- إنها رصدت جرافة وحفارا كبيرا وآلات ضخمة عند بداية الجسر الخشبي في ساحة حائط البراق، و"إن ما تم رصده من اهتزازت وصلت إلى المسامع يوحي بسعة هذه الأعمال، وباستمرار مشروع استكمال تهويد ساحة البراق وجنوب غربي المسجد الأقصى المبارك".
مسلسل الاعتداءات
يجري الحديث هنا عن المساحة المقابلة لسور الأقصى الغربي، الذي يحتوي على باب المغاربة المحتل منذ عام 1967، ويسيطر عليه الاحتلال مانعا الفلسطينيين من ارتياده، متيحا ذلك لمجموعات السياحة والمستوطنين. كما يسمى السور في جزئه الشمالي "حائط البراق"، وتقابله اليوم ساحة حائط البراق المخصصة بالكامل للصلوات اليهودية بعد هدم حارة المغاربة التي كانت مكانها عام 1967.
وتصل بين ساحة حائط البراق وباب المغاربة تلة أثرية يُصعد إليها لدخول الأقصى عبر ما يسمى "طريق باب المغاربة"، لكن الاحتلال هدم بعضها عام 2007 وأقام جسرا خشبيا بدعائم حديدية متعللا "بانهيار جزء منها عام 2004، لإفساح المجال أمام نصب أعمدة ساندة للجسر العلوي في طريق باب المغاربة"، والحقيقة أن التلة انهارت قليلا بسبب الأمطار وحفريات الاحتلال الذي يمنع ترميمها.
وبعد هدم جزء من التلة وإقامة الجسر الخشبي بنى الاحتلال أسفله كنيسا يهوديا مربوطا بنفق يصل إلى المسجد الأقصى، بالإضافة إلى مصلى للنساء.
وعام 2012 أزال وفكّ عددا من الحجارة الأثرية التي تعود إلى العصرين الأيوبي والمملوكي في الجدران الشمالية لطريق باب المغاربة، وفرّغ الأتربة أسفل محراب مسجد "الأفضل علي بن صلاح الدين الأيوبي" الذي يعد الأثر الوحيد الباقي من المسجد بعد هدم حارة المغاربة، والملتصق بالواجهة الشمالية من الطريق.
وتواصلت الانتهاكات والأعمال الإسرائيلية في المكان حتى عام 2018، إذ وقع حجر من الجهة الجنوبية لسور الأقصى الغربي، ليبدأ الاحتلال بعد ذلك بنصب سقالات على السور، بحجة ترميمه، تستمر حتى اليوم، لكنها تنزاح رويدا رويدا نحو الشمال، الأمر الذي يهدد باختراق الاحتلال لسور الأقصى وإحداث ثغرات فيه.
إزالة الآثار وانكشاف السور
بدوره يحذّر الباحث في تاريخ القدس، إيهاب الجلاد، من احتمال إكمال الاحتلال هدم تلة باب المغاربة وإقامة جسر ثابت عوضا عن الجسر الخشبي المؤقت، ليتمكن لاحقا من استيعاب مرور آليات ثقيلة عبره نحو المسجد الأقصى.
ويضيف الجلاد -للجزيرة نت- أن أعمال الاحتلال المتسلسلة زمانيا ومكانيا بدءا من الزاوية الجنوبية الغربية للسور وصولا إلى تلة باب المغاربة تمثل خطرا حقيقيا على التلة التي إن أزيلت بالكامل ستزال معها آثار بيوت إسلامية وطبقات من العهد الأموي حتى الأيوبي، كما سينكشف بإزالتها السور الغربي ويتخلخل؛ "فالتلة تسند حجارة السور منذ القدم".
اعلان
وعدا عن انكشاف السور، فإن إزالة التلة -حسب الجلاد- ستكشف عن فجوة باب البراق (باب باركلي) حيث توجد عتبة باب ضخمة –تزن أطنانا- وتتبع لمصلى البراق من الناحية الغريبة ويندمج جزء منها داخل التلة أسفل باب المغاربة.
ويهدف الاحتلال بحفرياته هذه أيضا إلى توسعة ساحة حائط البراق الذي يسميه"المبكى"، وفتح المجال لإقامة مصليات يهودية جديدة واستيعاب عدد مصلين أكبر.
تغيير الوضع القائم
وتعقيبا على ذلك قال مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني -للجزيرة نت- إنه رأى الآليات الإسرائيلية تخرج كميات كبيرة من الأتربة من ساحة البراق، مؤكدا أن الاحتلال يمنع الأوقاف الإسلامية من معاينة ما يجري، معتديا على حقها في الترميم والإشراف على المكان كونه وقفا إسلاميا خالصا.
وأضاف الكسواني أن "ما يحدث مخالف لاتفاق الوضع القائم (الستاتيكو) وقرارات اليونسكو التي تمنع الاحتلال من تغيير الواقع في حائط البراق المحتل، خصوصا تلة باب المغاربة الأثرية".
يُذكر أن الاحتلال هدم حارة المغاربة على 3 مراحل؛ إذ دمّر البيوت وما حولها عام 1967، ومجمع الزاوية الفخرية عام 1969، وأزال جزءا من تلة باب المغاربة عام 2007. والتخوف الآن من إتمام المرحلة الرابعة والأخيرة وطمس التلة بالكامل، في ظل جائحة كورونا واتفاقات التطبيع.
/انتهى/
تعليقك