وكالة مهر للأنباء - زينب شريعتمدار: في ظل التطورات الاخيرة للملف النووي وحول انتهاء المدة المحددة التي حددها البرلمان الايراني لرفع العقوبات التي فرضتها واشنطن على الجمهورية الاسلامية، ومطالبة مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في جنيف، إسماعيل بقائي، الولايات المتحدة بأن تقوم باتخاذ إجراءات تصحيحية قبل أن تطلب من إيران العدول عن التدابير التي اتخذتها بشأن برنامجها النووي.
واعلان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، أن الاتحاد الأوروبي لم يف بالتزاماته تجاه الاتفاق، قائلاً: "الأسوأ من ذلك، أننا سمعنا المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي يقول إن الاتحاد ملتزم بالاتفاق النووي فقط عندما تكون إيران ملتزمة بهذا الاتفاق، هذا الأمر يبعث على التعجب، ويطرح السؤال هنا، هل أوروبا ملتزمة بعدم تنفيذ تعهداتها بهذا الاتفاق؟ هل هم متعهدون بأن يخلفوا تعهداتهم تجاه هذا الاتفاق؟".
وقررت إيران بألا يُناقش الاتفاق النووي من اتجاه واحد فقط، وأن يكون طريق باتجاهين، وإن أصبحت مناقشة هذا الاتفاق طريق من طرف واحد، فإن إيران لديها العديد من الخيارات التي سوف تتخذها كما اتخذت الخطوات الثالث بتقليص تعهداتها في الاتفاق النووي.
وفي هذا الصدد اجرت وكالة مهر للأنباء حواراً صحفياً مع الكاتب والمحلل السياسي والباحث الاستراتيجي، حسين الديراني، واتى نص الحوار على الشكل التالي:
*المهلة انتهت، ما هي تداعيات وقف العمل بالبروتوكول الاضافي على الاتفاق النووي الايراني؟
الجمهورية الاسلامية تتعامل مع هذا الملف وفقا لارشادات قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي
تداعيات وقف العمل بالبروتوكول الاضافي على الاتفاق النووي الايراني الخاص بمراقبة الانشطة النووية الايرانية لا تتحمل مسؤوليته الجمهورية الاسلامية الايرانية، لانها اعلنت انها ستوقف العمل بالبروتوكول الاضافي اذا لم تلتزم باقي الاطراف بتعهداتها، وفي هذا السياق فان الجمهورية الاسلامية تتعامل مع هذا الملف وفقا لارشادات قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي التي تشترط رفع العقوبات الامريكية بشكل عملي ونهائي قبل عودة الجمهورية الى تنفيذ تعهداتها في الاتفاق.
والبرتوكول الاضافي الخاص جزء من علاقة الدول مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وليس خاصا بايران فقط، وهو منفصل عن الاتفاق النووي الايراني، وتوقع الدول البروتوكول طوعا واختيارا، فهو ليس ملزما على عكس قوانين الوكالة للطاقة الذرية، ويتيح البرتوكول آلية التفتيش المفاجئ لبعض المواقع النووية بعد اخطار الدول بذلك قبل وقت قصير نسبيا، فالكرة في الملعب الامريكي.
* كيف تفسّر المساعي الاوروبية لاحياء الاتفاق النووي في زمن ترامب؟ بينما في الوقت الحالي اصبحوا يطبّقون سياسة الضغط على ايران في عهد بايدن (وكأننا مازلنا في عهد ترامب)؟
الدعوات الاوروبية للاتفاق النووي فارغة لانها لم تترافق مع تنفيذ لتعهداتهم والتزاماتهم
لا يمكن الاعتماد والوثوق بالدول الاوروبية التي وقعت على الاتفاقية النووية، يتفننون في سياسة ازدواجية المعايير في السياسة الخارجية، دعواتهم لاحياء الاتفاق النووي في عهد " ترامب " كانت دعوات فارغة لانها لم تترافق مع تنفيذ تعهداتهم والتزاماتهم بالاتفاق النووي، وكانوا ينافقون في هذا الشأن، لانهم كانوا عاجزين عن مواجهة سياسة ترامب القمعية التي مارسها حتى ضد حلفائه.
اما اليوم يريدون العودة الى الاتفاق النووي من بوابة الرئيس بايدن وسياسته التي لا تختلف كثيرا عن سياسة سلفه ترامب الا في الممارسة الدبلوماسية.
*الغربيون يقولون انهم يعارضون الأسلحة النووية، لكن هذه ليست قضيتهم، إنهم يعارضون حتى حيازت ايران للأسلحة التقليدية، والإمكانات الدفاعية. انهم يريدون أخذ مقومات القوة من إيران، وإلا فإن مبدأ حاجة البلاد إلى التخصيب هو أمر مسلم به. كيف تقيّم نظرة الدول الغربية؟
حين توقيع الاتفاق النووي كانوا يريدون ان يشمل الاتفاق وقف الجمهورية الاسلامية صناعة الاسلحة الصاروخية الدفاعية، ووقف دعم حركات المقاومة المناهضة للكيان الصهيوني، لكن كل ذلك باء بالفشل من خلال صمود وصبر الجمهورية الاسلامية
الدول الغربية مبنية على سياسة الاستقواء والهيمنة، ولا يروق لهم ان تخرج دولة من دول العالم تتمتع بالاستقلالية التامة عن هيمنتهم، فكيف اذا كانت تلك الدولة هي الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة، ولها امتداد تاريخي وثقافي عريق، وجغرافيا استراتيجية في المنطقة، وسياستها معادية للاحتلال الصهيوني، وشعب ثوري عريق، كل هذه العوامل تجعل الدول الغربية في الجانب المعادي للجمهورية الاسلامية الايرانية.
الدول الغربية تعلم علم اليقين ان الجمهورية الاسلامية الايرانية ملتزمة بعدم رغبتها امتلاك السلاح النووي لانه محرم شرعا في الشريعة الاسلامية، وتدعو الدول التي تمتلك هذا السلاح الى اتلافه لانه يشكل خطرا على البشرية اجمعها، لكنهم يساندون الادارة الامريكية والكيان الصهيوني وبعض دول الخليج الفارسي في اتهام ايران بالعمل على حيازة السلاح النووي، وهدفهم الغاء التخصيب حتى للاغراض السلمية والعلمية، كي لا تتمكن ايران من التقدم والتطور العلمي والازدهار الاقتصادي.
وحين توقيع الاتفاق النووي كانوا يريدون ان يشمل الاتفاق وقف الجمهورية الاسلامية صناعة الاسلحة الصاروخية الدفاعية، ووقف دعم حركات المقاومة المناهضة للكيان الصهيوني، لكن اصرار الجمهورية الاسلامية على عدم التطرق الى اي موضوع خارج نطاق المشروع النووي الايراني افشل المؤامرة الغربية والتي ما زالت قائمة وفي قمة اهدافهم، وما تخلي الادارة الامريكية عن الاتفاقية النووية الا لتحقيق هذه الاهداف من خلال الحصار الارهابي المدمر والعقوبات الظالمة المفروضة، لكن كل ذلك باء بالفشل من خلال صمود وصبر الجمهورية الاسلامية.
لذلك نظرة الدول الغربية نظرة عدائية وعدوانية اتجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية.
*ما هو موقف واشنطن من الاتفاق النووي؟ وكيف تقيّم مطالبة واشنطن بانصياع إيران الكامل للاتفاق النووي بينما تبقى أميركا خارج الاتفاق؟
الدعوات الاوروبية والامريكية بانصياع ايران الكامل للاتفاق النووي فارغة وتدعو الى السخرية
موقف واشنطن من الاتفاق النووي هو للابتزاز وفرض الهيمنة لا اكثر ولا اقل، ومطالبة واشنطن بانصياع ايران الكامل للاتفاق النووي يدعو الى السخرية، فمن الذي مزق الاتفاقية النووية ورماها في سلة المهملات؟ اليس الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب؟ وهدد الدول الخمس الباقية بالعقوبات اذا التزموا بتطبيق معاهدة الاتفاق النووي.
ويمكننا القول ان الاتفاقية لم تكن 5+1 بل كانت 1+5 والمعني الوحيد بهذه الاتفاقية والامر والناهي هي الادارة الامريكية التي تمارس البلطجة في تعاملها السياسي والدبلوماسي مع العالم، تتخلى متى تشاء وتعود متى تشاء، فهذا سلوك عدواني لا يمكن للجمهورية الاسلامية الايرانية ان تخضع لهذا الابتزاز والعدوان.
*لماذا اليوم الاوروبيون يجتمعون لمناقشة وبحث الملف النووي الايراني السلمي ويتغاضون عن السلاح النووي الصهيوني؟ لماذا كل هذا الخوف من القوة العسكرية الايرانية؟
في الاساس ان التطرق للملف النووي الايراني حتى قبل الاتفاق النووي الايراني مع الدول 5+1 هو اعتداء على سيادة البلد، فليس من حق الدول ان تتدخل في شؤون البلدان الاخرى في تطوير مشاريعها النووية السلمية، ولم نجد ان الدول الغربية وغيرها اهتمت بالمشروع النووي الصهيوني العسكري ولا طالبت بمحاسبة ومناقشة ومراقبة هذا المشروع النووي التدميري، بينما نجدهم يشكلون تحالف دولي لمنع ايران من تقدمها العلمي وتعطيل مشروعها النووي السلمي ومحاسبتها على خلفية نواياهم الخبيثة، وليس على خلفية نواياها السلمية.
الاوروبيون غير مؤهلين لان يكونوا مستقلين وعادلين في مناقشة الملف النووي الايراني لانهم منحازون كل الانحياز للادارة الامريكية والصهيونية العالمية، وبالنسبة اليهم ان اي امكانيات عسكرية تقليدية ايرانية يعتبرونها تهديد عسكري للكيان الصهيوني المغتصب لارض فلسطين العربية الاسلامية، لان هذه القدرة العسكرية حتما تصل الى ايدي المقاومة التي تتصدى للعدوان الصهيوني المتواصل على الشعوب العربية والاسلامية.
*لماذا رغم التزام الجمهورية الاسلامية التام بالمواثيق والمعاهدات الخاصة بانتاج الطاقة النووية واستخداماتها مقابل امتناع الكيان الصهيوني عن ذلك، تبدو المقاربة من ناحية القانون الدولي في غاية الغرابة واقرب ما تكون الى البلطجة؟
ليس هناك قانون دولي عادل، بل هناك ازدواجية في التعاطي مع الملفات الدولية، فلو كان هناك قانون دولي عادل لما بقيت دويلة الكيان الصهيوني مغتصبة لارض فلسطين، الجمهورية الاسلامية معروف عنها احترامها والتزامها بالعهود والمواثيق الدولية، لكن مع كل هذه الالتزامات نجد بقية الدول تمارس كل انواع الانتهاكات دون رادع ومحاسب، نعم انها بلطجة وهيمنة واستعلاء لا يمكن مواجهة ذلك الا بالمقاومة والصمود والتحدي.
*لماذا الادارة الامريكية لم تتخذ لغاية الان ادنى خطوة تدل على السعي لبناء الثقة في ما يخص الملف النووي؟
عودة امريكا الى الاتفاقية النووية تُعتبر تنازل وهزيمة امام صمود ايران
امريكا ما زالت تعتبر نفسها امبريطورية تتحكم بالعالم بالقوة والاستعلاء، وتجد نفسها ان اي خطوة ايجابية نحو ايران والعودة الى الاتفاقية النووية التي الزمت نفسها بها تعتبر تنازل وهزيمة امام صمود ايران في المطالبة في رفع العقوبات بشكل كامل قبل البحث في العودة الى الاتفاق النووي والتخلي عن خفض التزاماتها.
وحتى لو كانت للادارة الامريكية الجديدة رغبة في السعي للعودة للاتفاق النووي فانها تتعرض لضغوطات كبيرة من الكيان الصهيوني واللوبي البدوي الخليجي في الادارة الامريكية لعدم العودة للاتفاق النووي الا اذا شملت الاتفاقية تخلي ايران عن مشروعها الصاروخي الباليستي ووقف دعم حركات المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وهذا لم يتحقق في ادارة ترامب ولن يتحقق في ادارة بايدن.
هناك طريق وحيد هو العودة الى الاتفاق النووي كما وقع عليه، وتطبيق بنوده تطبيقا عمليا ملزما لكل الاطراف، وإلا يكون حبرا على ورق لا قيمة له.
/انتهى/
تعليقك