٢٥‏/١٠‏/٢٠٢٥، ٣:٤١ م

إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن تُعمّق التقارب بين إيران وروسيا

إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن تُعمّق التقارب بين إيران وروسيا

على الرغم من انعدام ثقتهما بالولايات المتحدة، تُعدّ إيران وروسيا طرفين براغماتيين للغاية. وما دام الغرب يواصل سياساته الانعزالية، فسيكون تعميق التعاون الاقتصادي بينهما نتيجة منطقية. وتوشك إيران وروسيا، اللتان تتشاركان مصالح في معارضة النفوذ الأمريكي، على توسيع تعاونهما الثنائي والمتعدد الأطراف.

وكالة مهر للأنباء: ذكر المجلس الأطلسي في تقرير بعنوان "آلية إعادة فرض العقوبات تُعمّق التقارب بين إيران وروسيا"، أن التوترات النووية بين إيران والغرب اشتدت بشكل ملحوظ مع إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي كانت مفروضة قبل عام 2015 على طهران في سبتمبر/أيلول. وجاء هذا التطور في أعقاب قيام ثلاث دول أوروبية، هي فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، بتفعيل آلية "الاستئناف التلقائي للعقوبات" (Snapback) بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) قبل شهر. نتيجةً لذلك، من المرجح أن تتعزز شراكة إيران مع روسيا، التي تعتبر إعادة فرض العقوبات غير قانونية. ومن المتوقع أن يُسرّع هذا من تحول طهران الاستراتيجي نحو الشرق، والذي بدأ بعد انسحاب إدارة ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة في مايو 2018.

على الرغم من انعدام الثقة طويل الأمد، تُعدّ إيران وروسيا طرفين براغماتيين للغاية. وطالما استمر الغرب في سياساته الانعزالية، فإن تعميق التعاون الاقتصادي بين طهران وموسكو سيكون نتيجة منطقية. إيران وروسيا، اللتان تشتركان في مصالح معارضة النفوذ الأمريكي، على وشك توسيع تعاونهما الثنائي والمتعدد الأطراف.

موقف روسيا من آلية "سناب باك"

بعد إطلاق ثلاث دول أوروبية آلية "سناب باك" في 28 أغسطس، وصفت موسكو هذه الخطوة بأنها "معيبة" من منظور قانوني، بحجة أن الأوروبيين أنفسهم، بانتهاكهم خطة العمل الشاملة المشتركة، فقدوا السلطة القانونية لتفعيل هذه الآلية. كما أكدت روسيا عدم وجود أي التزام قانوني دولي بإعادة فرض عقوبات ما قبل عام 2015، على الرغم من أن الدول الأوروبية الثلاث ادعت "حقًا واضحًا لا جدال فيه" في القيام بذلك.

في عام 2020، عندما حاولت إدارة ترامب تفعيل آلية "العودة السريعة" من جانب واحد، عارضتها روسيا والصين بشكل مشترك، بحجة أن انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة قد أزال أي أساس قانوني لمثل هذه الخطوة. ولتعزيز حجتهما في القانون الدولي، استشهدت موسكو وبكين بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في يونيو 1971 بشأن وجود جنوب إفريقيا في ناميبيا، والذي وسّعاه ليشمل مسألة حظر الأسلحة على إيران وآلية "العودة السريعة". ووفقًا لهذا الرأي الاستشاري، لا يمكن لأي طرف يتنصل من التزاماته بموجب اتفاقية أن يستفيد في الوقت نفسه من الحقوق الناشئة عن تلك الاتفاقية.

حاولت موسكو تأخير وتعطيل عملية إعادة فرض الدول الأوروبية الثلاث للعقوبات بإعلانها رسميًا أنها لن تعترف أو تحترم إعادة فرض عقوبات ما قبل عام 2015 على إيران. ولكن مشروع القرار الذي قدمته روسيا والصين إلى مجلس الأمن للحفاظ على رفع العقوبات المفروضة على إيران فشل في تمريره في 26 سبتمبر/أيلول. فقد عارضته تسع دول، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا؛ بينما أيدته روسيا والصين والجزائر وباكستان فقط، وامتنعت دولتان عن التصويت.

قال ديمتري بوليانسكي، نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، لمجلس الأمن في الاجتماع: "كنا نأمل أن يُعيد زملاؤنا الأوروبيون والأمريكيون النظر في قرارهم ويختاروا طريق الدبلوماسية والحوار بدلًا من الابتزاز الأخرق الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة في المنطقة".

ومع عدم اعتماد قرار بديل بحلول الموعد النهائي في أواخر سبتمبر، دخلت عملية "العودة السريعة" حيز التنفيذ رسميًا. يكشف هذا الحدث عن مفارقة دبلوماسية: فالآليات القانونية التي صممتها دولة واحدة يمكن أن تستمر بعد التوافق السياسي الأولي، وأحيانًا تنتهي على حساب الدولة التي صممتها.

وعلى الرغم من أن موسكو لم تتمكن من منع مجلس الأمن من إعادة فرض عقوبات ما قبل عام 2015 على إيران، إلا أنها لا تزال تتمتع بقدرة كبيرة على تعطيل تنفيذها. ومن الأمثلة الرئيسية على ذلك قدرة روسيا على منع إعادة تنشيط لجنة العقوبات 1737 (التي أنشئت في ديسمبر 2006 لمراقبة وإنفاذ عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران) أو تأخير تعيين خبرائها. بما أن تمديد ولاية اللجنة يتطلب توافقًا في مجلس الأمن، فقد تستغل روسيا موقفها لتأجيله. معارضة موسكو لـ"آلية إعادة فرض العقوبات" ليست رمزية فحسب، بل هي جزء من استراتيجيتها لإضعاف فعالية العقوبات الجديدة.

تعميق العلاقات الإيرانية الروسية في ظل العقوبات

سيساعد رفض روسيا الحالي تطبيق عقوبات الأمم المتحدة الجديدة على طهران إيران إلى حد ما على تحمل الضغوط الاقتصادية المتزايدة. ومن المتوقع أن يتوسع نطاق التجارة الثنائية والتعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة النووية، مع تقدم تنفيذ معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، التي وقعها فلاديمير بوتين ومسعود بيزكيان في موسكو قبل تسعة أشهر. في الوقت نفسه، ستلعب روسيا دورًا داعمًا لمصالح إيران في مجلس الأمن الدولي، وستزيد من انتقاداتها للسياسات الغربية تجاه طهران. إن تحالف روسيا والصين وباكستان وإيران في معارضة إعادة تفعيل آلية "العودة السريعة" والعقوبات الناتجة عنها يعزز اعتقاد المسؤولين الإيرانيين بأن انضمام البلاد إلى مؤسسات غير غربية مثل مجموعة بريكس بلس ومنظمة شنغهاي للتعاون كان الخطوة الصحيحة. واستنادًا إلى مبدأ "التوجه شرقًا" في السياسة الخارجية الإيرانية، تعتقد طهران أن مصيرها الجيوسياسي مرتبط بروسيا والصين وقوى غير غربية أخرى مثل باكستان وجمهوريات آسيا الوسطى وكوريا الشمالية.

من وجهة نظر طهران، يؤكد تحرك الدول الأوروبية الثلاث مجددًا التصور الراسخ بأن القوى الغربية لا يمكن الوثوق بها وأن أي تنازلات نووية لا طائل منها. علاوة على ذلك، فإن الدعم الأوروبي، وخاصة من ألمانيا، لإسرائيل خلال "حرب الأيام الاثني عشر" والضربات العسكرية الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية قد عمق هذا التصور وأضعف صوت مؤيدي "التفاهم الجديد" مع الغرب في طهران. مع ذلك، ستواصل إيران إبقاء باب الحوار مفتوحًا مع الغرب، مع أنها ستُعطي الأولوية للردع على التسوية الدبلوماسية. ومع رفض روسيا تطبيق عقوبات ما قبل عام ٢٠١٥، ستلجأ إيران إلى حكومة بوتين لتعاون أوسع في مجالات تبادل المعلومات والدعم الفني والتقنيات العسكرية المتقدمة، وستعتمد على دور روسيا في تعزيز تعاون إيران الدفاعي مع جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، من طاجيكستان إلى بيلاروسيا.

وبناءً على ذلك، سيُضعف التقارب المتزايد بين إيران وروسيا الجهود الغربية لعزل طهران. فمن خلال تعميق تنسيقهما الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي، لا تسعى الدولتان فقط إلى تحييد فعالية العقوبات الغربية، بل أيضًا إلى تحدي الهيكل العام للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة. وفي حين أن احتمالات إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة أو التوصل إلى اتفاق نووي جديد ضئيلة للغاية، فإن عجز الغرب عن التواصل بفعالية مع إيران بشأن برامجها النووية والصاروخية وغيرها من الجوانب الخلافية في سياستها الإقليمية من المرجح أن يُسرّع من انحراف طهران أكثر نحو فلك موسكو.

/انتهى/

رمز الخبر 1964145

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha