وكالة مهر للأنباء: شهدت الولايات المتحدة نشاطًا متزايدًا في الساحة السياسية العراقية في أعتاب الانتخابات البرلمانية العراقية. وبينما فرضت الولايات المتحدة مؤخرًا عقوبات جديدة على عدد من الأفراد والمؤسسات العراقية، نشر المعهد الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط تقريرًا ناقش فيه احتمال عدم اعتراف الولايات المتحدة بنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، وعدم تعاون واشنطن مع الحكومة المنبثقة عنها.
تزايد التدخلات الأمريكية في الانتخابات العراقية
تريد الولايات المتحدة أن تكون نتائج الانتخابات العراقية بما لا يؤدي إلى تقوية الحشد الشعبي. وانطلاقا من هذا في سبتمبر الماضي، صنّفت واشنطن حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي، جماعات إرهابية.
هذا وقبل بضعة أشهر، أجّل الضغط الأمريكي المراجعة البرلمانية لمشروع قانون معدّل لقوات الحشد الشعبي، والذي كان من شأنه دمجها في النظام العسكري الرسمي للحكومة وتسلسل القيادة العسكرية. وفي هذا الصدد، أفاد رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، برسائل أمريكية إلى القادة السياسيين المعارضين لإقرار القانون.
تفاصيل قانون قوات الحشد الشعبي
تُعرّف المادة 18 من مشروع القانون واجب قوات الحشد الشعبي بأنه "حماية النظام" و"الدفاع عن البلاد، والحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها، ومكافحة الإرهاب". ووفقًا لمشروع القانون، سيكون رئيس قوات الحشد الشعبي برتبة وزير، وسيكون عضوًا في اللجنة الوزارية للأمن الوطني. يستطيع تفويض بعض صلاحياته إلى رئيس الأركان أو الأمين العام للوفد، وعليه ممارسة صلاحيات وزير الدفاع لتطبيق القانون العسكري على موظفي الوفد.
وفي إشارة إلى التدخل والضغط الأمريكي في العملية الانتخابية العراقية وعدم إقرار قانون الحشد الشعبي، قال المحلل السياسي العراقي سعيد البدري إن أي حديث عن عدم اعتراف الولايات المتحدة بنتائج الانتخابات البرلمانية وعدم تعاونها مع أي حكومة قد تضم الحشد الشعبي هو حديث "متحيز" ويأتي في إطار التدخل في الشؤون الداخلية العراقية.
ورأى البدري أن ما ورد في تقرير هذه المؤسسة الأوروبية يعكس سياسة الغرب التي تسمح لنفسها بالتدخل في العراق.
وأضاف البدري أن التجربة أثبتت أن الحشد الشعبي ملتزم بخيار الشعب العراقي وبصون السيادة العراقية ضد أي تدخل، لذا فإن هذه المحادثات تمهيد للتأثير على الرأي العام والضغط عليه لتهميش الحشد الشعبي.
واشنطن ودفع بغداد نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني
وفي إشارة إلى فكرة عدم اعتراف الولايات المتحدة بالانتخابات، قال البدري إنها مجرد فرضية، لكنها قد تحدث خللا في العملية الانتخابية وتضغط على انتخاب نواب مؤيدين للسياسات الأمريكية.
وشدد البدري على ضرورة تكاتف الشعب العراقي لعدم الرضوخ لهذه المطالب، وقال إن عدم معارضة هذه الخطة سيقود العراق نحو التبعية الكاملة للإرادة الأمريكية، وفي ضوء هذه التبعية، يجب على بغداد اتخاذ خطوات نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني. إن القرار الوطني العراقي هو قطعًا عدم السير في هذا الطريق.
وأشار إلى أن "الانتخابات ستُظهر إرادة الشعب العراقي"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستزيد من ضغطها لتمكين مؤيديها من ضمهم إلى الجسم السياسي العراقي.
مبررات لتمديد الوجود العسكري الامريكي في العراق
بحسب البدري، واستنادًا إلى المعلومات المتاحة، فإن واشنطن لا تسعى للانسحاب من العراق، بل تسعى لجعله قاعدة نفوذ لها في المنطقة. لذلك، ستسعى لإيجاد مبررات لتمديد وجودها في العراق بأشكال أخرى، في حين أن العراق قادر على حماية أمنه وتجاوز العديد من التحديات السابقة بمفرده.
ويعتقد أن على القوى الوطنية العراقية المطالبة بالانسحاب الكامل للولايات المتحدة، لا سيما وأن الدستور العراقي يؤكد على عدم وجود أي قوات أجنبية ويحظر استخدام الأراضي العراقية مصدرًا لأي عدوان.
تأثير الضغط الأمريكي على التوازن الداخلي للانتخابات
وعن مدى تأثير الضغط الأمريكي على التوازن الداخلي بين الأطراف السياسية، يرد البدري بأن العملية السياسية في العراق تقوم على ثلاثة عناصر: المشاركة، والتوافق، والتوازن. وبالتالي، فإن أي خلل في هذا التوازن يُعد انقلابًا على حق الأغلبية، وتمكينًا للمخططات الأجنبية للنفوذ داخل العراق.
وفي إشارة إلى الانتخابات المقبلة، قال: "الانتخابات العراقية انتخابات داخلية، ونحن نسير في مسار ديمقراطي، لترسم صناديق الاقتراع معالم الساحة السياسية المستقبلية، وتؤدي إلى اتفاق على رئيس الوزراء المقبل".
وأضاف البدري أن نتائج الانتخابات - مهما كانت - لن توقف الضغط الأمريكي، وأن الولايات المتحدة ستسعى لدفع العراق نحو مخططاتها، ومحاولة الانقلاب عليه، والالتفاف على إرادة شعبه.
/انتهى/
تعليقك