تزامناً مع ظهور الوهابية في الحجاز، والتي استلهمت افكارها من ابن تيمية وحرمت تشييد الاضرحة على القبور وزيارتها، فقد تم هدم جميع القبور في مختلف مناطق الحجاز من قبل الوهابيين، ففي عام 1220 هـ. ق. حاصر الوهابيون المدينة المنورة، وبعد استسلامها، نهب سعود بن عبدالعزيز جميع الاموال والاشياء الثمينة الموجودة في خزائن الحرم النبوي ، وأمر بهدم جميع قباب البقيع.
ويعد الوهابيون اول مجموعة قامت بهدم المراقد والاضرحة من خلال رؤيتها المذهبية، بالرغم من فشل محاولات بعض المجموعات المتشددة التي حاولت هدم هذه المراقد بذريعة وجود كتب تنسب الى ان الخلفاء ذموا الدفن في مقبرة البقيع، زاد الوهابيون على هدم المراقد في الطائف وجدة وكربلاء واماكن اخرى، بالتركيز على اهم هدفهم وهو هدم الاضرحة والقباب في مكة المكرمة ومقبرة البقيع في المدينة المنورة.
ففي الحملة الاولى التي شنها الوهابيون في تلك السنة هدموا او الحقوا خسائر فادحة بمراقد اربعة من ائمة اهل البيت وقبة فاطمة الزهراء (س) المعروفة ببيت الاحزان (عجائب الآثار، ج 3، ص 91).
وحسب ما نقله عبدالرحمن جبرتي، فان الوهابيين اقتحموا المدينة المنورة بعد محاصرتها لمدة 18 شهرا ووقوع مجاعة فيها، وهدموا جميع المراقد باستثناء قبر الرسول (ص).
وارسلت الحكومة العثمانية جيشا لاستعادة المدينة المنورة، وتم ذلك في ذو الحجة 1227 هـ ق، وتم اعادة بناء بعض المراقد في عام 1234 هـ ق بأمر من السلطان محمود الثاني (حكم من 1223 – 1255 هـ ق)، حيث تدل بعض الكتب الى وجود اضرحة بعد تلك السنوات، ومن بين من شاهد وكتب حولها، حسام السلطة نجل عباس ميرزا قاجار، نائب السلطنة الذي زار المدينة المنورة اثناء رحلة الحج في عام 1297هـ وزار قبور الائمة (ع) وبيت الاحزان. (حسام السلطنة، دليل الانام في سبيل زيارة بيت الله الحرام، ص 152). حيث عرف في كتابه اكثر من ابنية واضرحة في مقبرة البقيع. كما اشار كتاب رحلات حاج ايازخان قشقائي في عام 1341 هـ ق اي قبل اكثر من عامين من هدم البقيع (1344هـ ق) الى وجود قبور ائمة الشيعة الاربعة (ع) ومقبرة ابراهيم ابن الرسول (ص) وعبدالله بن جعفر الطیار وصفیة عمة الرسول (ص) و عاتکة اخت صفیة، وام البنين والدة ابو الفضل العباس وعدد من بني هاشم.
وفي 8 شوال عام 1344 هـ ق هاجم الوهابيون مقبرة البقيع وهدموا جميع الآثار التاريخية في هذه المقبرة وكذلك حاولوا هدم القبة الخضراء فوق قبر الرسول (ص) الا وانهم فشلوا في تحقيق مخططهم الخبيث.
لكن ما نريد ان نذكره في هذا الشأن هو: «... لم یکن علی عهد النبي (ص) علی بیت النبي (ص) حائط، وکان اوّل من بنی علیه جدارا عمر بن الخطّاب . . .».
وهذا الاعتراف مذكور في كتاب "وفاء الوفاء"، فاذا كان تشييد بناء وضريح على القبور بدعة حسب عقيدة الوهابية الخبيثة، فلماذا كان اول شخص قام بهذا العمل هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب؟./انتهى/
تعليقك