عقدت جامعة الدول العربية اجتماعًا طارئا اليوم الأحد في مقر الأمانة العامة للجامعة على مستوى وزراء الخارجية بناء على دعوة من السعودية، إذ بحث هذا الإجتماع "سياسات إيران وتكليف المجموعة العربية بمجلس الأمن بتقديم شكوى مباشرة تجاهها" بذريعة الصاروخ الباليستي الذي تم اطلاقه من اليمن على الرياض في 4 نوفمبر.
لكن الملفت في هذا الإجتماع هو غياب بعض أهم الدول العربية كقطر ولبنان (على مستوى وزير الخارجية) وسوريا والعراق، وايضا تجاهل أهم القضايا العربية والمستجدات الإقليمية والقضية الفلسطينية والحرب الدائرة في اليمن والارهاب في المنطقة بشكل عام.
ومن جهة أخرى تزامنت هذه القمة الطارئة مع أزمة اعتقال الأمراء ورجال الأعمال من قبل ولي العهد محمد بن سلمان والنزاعات الداخلية في المملكة على السلطة وإحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.
وفي المقابل جاء الإجتماع بالتوازي مع الإنتصارات التي يحققها محور المقاومة في العراق وسوريا.
وحول مآلات هذه القمة ودواعي عقدها الطارئ ومايمكن أن تخرج به، أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الكاتب والمحلل السياسي "جوزيف ابو فاضل"، اليكم نص الحوار.
س: ما هي قراءتكم للبيان الختامي للقمة العربية الطارئة؟
ج: الهدف من هذا الإجتماع الطارئ هو معروف وحتى البيان الختامي هو منتظر. الهدف هو التحرك الأكبر والأوسع للمضي قدما نحو معادات ومخاصمة المحور المقاوم من إيران ومرورا ببغداد حتى دمشق ولبنان. المستهدف هو ايران وحزب الله وايضا الحوثيين الذين يدافعون عن انفسهم وسط المجازر التي ترتكب بحق أبناء اليمن.
س: ما هي دواعي السعودية لعقد هذا الإجتماع الطارئ من حيث التوقيت والدلالات؟
ج: هناك تقاطع لعدة أمور دفعت ولي العهد محمد بن سلمان نحو القيام بهذه الخطوة والهدف الأساسي هو حرف الأنظار من الواقع السعودي المتأزم.
ولي العهد السعودي يستغل سقوط صاروخ بالستي في العاصمة السعودية الرياض للإنطلاقة بشن هذا الهجوم، مستخدما ذريعة توسع ايران وحزب الله في المنطقة.
واحدى الدواعي التي زجت بالسعودية للقيام بهذه الخطوة هي قضية اعتقال الأمراء ورجال الأعمال واصحاب النفوذ في المملكة العربية السعودية بالتنسيق مع صهر الرئيس الأمريكي "جيرارد كوشنر" والعديد من الفرق الأمريكية التي أتت إلى المملكة وقامت بعمليات المداهمة والتوقيف وايضا قضية الرئيس سعد الحريري الذي يمثل نفوذا في لبنان إلى حد كبير كونه رئيس الحكومة.
فتشابك هذه الأمور وشكلت حافزا لدى ولي العهد محمد بن سلمان ليقدم على هذه الخطوة، في محاولة لحرف الأنظار عن قضية الأمراء ورجال الأعمال وقضية إحتجاز سعد الحريري.
يتصرف بن سلمان كانه لايوجد اي قواسم مشتركة بين الطرفين السعودي والإيراني ويتغاضى عن سياسات حسن الجوار، كأنه هناك عداء مستشري ويحاول أن ينقل المعركة من كونها سياسة إلى المعركة الطائفية ومذهبية.
س: حسب بعض التصریحات ان هذه القمة ليست للخروج بقرار شن حرب ضد إيرانو إنما ابلاغ موقف موحد من قبل المشاركين فيه ضد إيران في المجلس الأمن. ما أهمية هذا الإبلاغ وما هو المتوقع منه؟
ج: ايران دولة كبرى في المنطقة ولها حلفاء. الذهاب إلى مجلس الأمن ليس بهده السهولة، الدعم الواضح الذي تتلقاه إيران من قبل روسيا وربما من قبل الصين، يجعل الفيتو الامر المؤكد منه في مجلس الأمن في وجه أي قرار قد يصدر ضد ايران، وفي حال حصول ذلك وإستخدام الفيتو لصالح إيران، ذلك يعتبر إعطاء شرعية لإيران وللمقاومة في لبنان والعراق وللحوثيين في اليمن.
امكانية حصول أي حرب أمر غير وارد، لأن اي حرب قد تحصل فهي سوف لن تكن نزهة لأحد، لا للسعودية ولا لاسرائيل ولا لأمريكا.
الذي يغامر على لبنان لا يعلم مالذي سوف يتنظره في لبنان ولن يستطع أن يعبث مرة أخرى بسوريا ولا العراق ولا في إيران، وحتى غزة لم يعد بأمكانهم المغامرة بها.
س: غياب دول مثل قطر وسوريا وايضا مشاركة لبنان بمستوى وزير الخارجية، كيف يمكن أن يؤثر بأهمية هذه القمة؟ وهل غياب الرئيس اللبناني مبرر؟ هل شاهدتم إجماع في المواقف من قبل كافة المشاركين؟
ج: هذه القمة كانت تختلف تماما بإعتبار غياب قطر ولبنان على مستوى وزير الخارجية والعراق وسوريا ايضا. كأنه هناك جامعة عربية أخرى وايضا هناك فريق عربي أخر من ضمن الجامعة لكن ضمن خط المقاومة والممانعة وسيمثل بعد فترة فلسطين وسوريا ولبنان وربما قطر ايضا.
هناك خلاف عربي كبير وكادت جامعة الدول العربية أن تنفصل بالكامل. دول الخليج (الفارسي) كانت هي الطاغية على الموضوع، خاصة القرار السعودي البحريني الإماراتي، إلى أن جاء الدور المصري الذي لعب دور تدوير الزوايا.
لم يكن هناك إجماع من قبل المشاركين على الإطلاق، البعض منهم طلبوا رفع السقف لأن يكون حزب الله في قائمة الإرهاب لكن البعض الأخر رفض، لذلك عادوا وإتجهوا نحو ايران بحجة أنها تتدخل بالشئون الداخلية للدول العربية.
س: في ضل الانتصارات الكبيرة التي حققها محور المقاومة و انتهاء داعش عسكريا في العراق وسوريا هل تظن أن القمة انعقدت انتقاما من هذه الانتصارات وانها تدل على انتهاء دور السعودية وهزيمة مخططاتها في العراق و سوريا؟
ج: اربع دول لعبت الدور الأساس في العراق وسوريا وهي السعودية وقطر وتركية واسرائيل. هذه الدول هي التي دفعت الأموال وحرضت مذهبيا وطائفيا وعالميا وارسلت السلاح للعراق وسوريا ولبنان. وهذه الدول ذاتها التي طلبت الإجتماع الاستثنائي للدول العربية لحرف الأنظارعن الإنتصارات التي يحققها محور المقاوم سيما الإنتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في البوكمال والقائم بدعم من حلفائه.
هناك محاولة عن حرف الأنظار عن هذا الإنتصار التاريخي. تحقق حلم المقاومة وفتح طريقها من طهران ودمشق وبيروت وربما فلسطين بشكل متصل جغرافيا وهذا ما يضر بمصلحة اسرائيل وأمريكا والسعودية وهذا ما يجعلهم لا ينامون حتى الليل متربصين بخط المقاومة الذي يعمل ضمن شرعية الدول الشعوب التي تدافع عن نفسها.
س: ما هي دلالات و اسباب عدم تناول القمة ملفات مهمة كالقضية الفلسطينية أو موضوع الإرهاب أو الازمة اليمنية وانعقادها تحت عنوان "مواجهة خطر ايران وحزب الله"؟
ج: هم يريدون التركيز على ايران وحزب الله ويريدون الإنالة من إيران لأنهم يعتبرونها الرأس والحشد الشعبي وحزب الله هم الجسد الذي فرض نفسه على المنطقة استطاع هزيمة اسرائيل وهزيمة الارهاب.
انهم يريدون التحريض على ايران وحزب الله نظرا لدورهما على الساحة الإقليمية والعربية ودورهم في محور الممانعة.
القرار الذي جاءت بها القمة العربية قد جاء هزيلا بعد خلافات داخلية ضمنه.
س: ما هي مآلات التصعيد الامريكي بالتزامن مع التصعيد السعودي ضد ايران؟
ج: ماكرون صرح اعلاميا ولن يتحرك عمليا ضد ايران، لكن ترامب عكسه يعمل ليلا نهارا مع السعودية وإسرائيل للجم وايقاف قوة ايران سيما قوتها الصاروخية والدفاعية.
(اوروبا لا تريد أن تنهي الاتفاق النووي وانها احتفلت به كما احتفل الإيرانيون، لكن ما يحصل أن هناك تهويل إعلامي يقوم به ماكرون، ويمكن القول أن هناك مسايرة مع أمريكا ودول الخليج الفارسي). فرنسا تقف في الوسط وتحمل العصى من الوسط.
أجرت الحوار: مريم معمارزاده
تعليقك