ثم أصدر محمد بن سلمان ولى العهد السعودي قرارا بمنع شيوخ المملكة السعودية من الدفاع عن فلسطين وعن مدينة القدس والمسجد الاقصى وها هو عبد الرحمن السديسي يؤيد القرار ويؤكد على أنه من حق اسرائيل أن تدافع عن نفسها إذا واجهت الخطر”.
ليس من المستغرب أن يصدر عن ممثل للمؤسسة الدينية الوهابية في السعودية مثل هذا التصريح خصوصا وأن السعودية دأبت منذ سنوات على تهيئة العقل العربي والاسلامي علي قبول فكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني فكرا وسياسة.
ولم تكتفي بذلك فمنذ تسلم محمد ابن سلمان ولاية العهد الي جانب والده الملك سلمان عمل على اتخاذ جملة من الخطوات التطبيعية التي كانت في فترة سابقة تدار في الكواليس لتصبح علنية مؤيدة لكل مبادرة تفتح المجال لإعلان علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع الكيان الغاصب دون الاخذ في عين الاعتبار ما قد ينجر عن تلك الاجراءات من وبال على القضية الفلسطينية وعلى الأمة الاسلامية جمعاء.
عمل ابن سلمان على فتح كل القنوات الممكنة مع العدو الصهيوني متكلا على ما بات يعرف بصفقة القرن التي أسست لها الادارة الامريكية ووضعت تفاصيلها مضيفا اليها دعما اعلاميا ولوجستيا كشف الوجه الحقيقي لمشروعه ولصفقاته التي قامت على انهاء تام للقضية الفلسطينية. وجاء اعلان ترامب بأن القدس عاصمة اسرائيل ليحقق اول خطوة في الصفقة تليها العديد من الخطوات التطبيعية والمشاريع المشتركة مع الكيان الغاصب.
من الواضح أنّ تصريح امام الحرم المكي يأتي في السياق نفسه فالقول بأن مسألة القدس شأن داخلي اسرائيلي دليل على التواطؤ والتطبيع.
لكننا نذكر امام الحرم المكي الذي دأب على الصلاة بالمسلمين في العمرة والحج والوقوف على منبر الامامة لتلاوة القرآن بحضور الالاف من المعتمرين والحجاج من كل اصقاع الامة الاسلامية، أن القدس ليست شأنا داخليا اسرائيليا ولن تكون.
يبدو ان الشيخ السديسي نسي او تناسى ما تعنيه القدس للمسلمين وللأمة.. انّ القدس يا شيخ الوهابية المزيف هي اولى القبلتين وهي المكان الأقدس بعد مكّة المكرمة والمدينة المنورة هي أوّل وجهة توجّه لها المسلمون في صلاتهم.
تتجلّى أهميّتها في قصة الإسراء والمعراج عندما أسرى بالرسول الأكرم محمّد صلى الله عليه وعلى اله إلى القدس فأمَّ الصلاة بكل الرسل والأنبياء ثم عرج إلى السماء السابعة ليرى الله ويمرّ بالجنة والنار ويرى أهوال النار ونعيم الجنة. وفي هذه الحادثة فرضت الصلاة وكانت القُدْس قبلتها. يبدو انّ شيخ البلاط السعودي قد فاته هذا الامر ليصرح بأن القدس شأن داخلي اسرائيلي واننا لا نتدخل في شؤون الدول. لكن لابد من تذكير هذا المدعي بمسألة مهمة. ان كانت القدس شأنا داخليا اسرائيليا كما يقول فلماذا تتدخل امريكا في الامر وتفتي بقراراتها لتعترف ادارتها بحق اسرائيل المطلق في القدس كعاصمة أبدية لكيانه. أليس هذا من قبيل التدخل في شؤون الدول الداخلية؟ أما أّنّ ما تقوم به امريكا عمل مشروع و لا ضير ان اتخذت مثل هكذا قرارات تمس بأقدس مكان على وجه الارض عند المسلمين.
لكن اللافت والأخطر في تصريح شيخ الحرم المكي أنه ذكر اسرائيل كدولة وليس ككيان غاصب متناسيا أنّ هذا الكيان الغاصب غدة سرطانية زرعها الغرب ألاستكباري في قلب الامة في فلسطين وفي بيت المقدس ليدمر عقيدتها ويسرق هويتها ويطرد أهلها. لقد تناسى شيخ الوهابية معاناة الشعب الفلسطيني المقهور والمحتل والمظلوم الذي يواجه كل يوم انتهاكات الكيان الصهيوني. والذي لا يزال شعبا يعيش تحت وطأة الاحتلال باعتراف كل المواثيق والقوانين الدولية.
ربما لم ينتبه و هو يصرح بهذا الكلام الخطير بأن معظم دول العالم الحر لا يعترف بإسرائيل ويعتبرها كيان غاصب ومحتل واستعماري هذا اضافة على ان الكثير من احرار العالم يعتبرونها خطرا متفشيا ليس فقط على فلسطين واهلها بل على كل مجتمعات العالم الحر الرافض لكل اشكال الاحتلال والتمييز والعدوان.
تبقى القدس وبالرغم من هذه التصريحات التي تتسم بالوقاحة وانعدام المسؤولية شأنا فلسطينيا عربيا اسلاميا الى قيام الساعة وزوال هذا الكيان الغاصب وكل عملائه.
خبيرة في شؤون السياسة الدولية
تعليقك