١٩‏/٠٢‏/٢٠١٨، ٦:٠٤ م

أستاذ جامعي:

الاعتقاد باستمرار الحركة الاسلامية لبنة الاساس لمرحلة جديدة للحركات الاسلامية

الاعتقاد باستمرار الحركة الاسلامية لبنة الاساس لمرحلة جديدة للحركات الاسلامية

كتب محسن الويري الأستاذ الجامعي الإيراني مقالا تطرق فيه إلى واقع الحركات الإسلامية وأهم التحديات التي تواجه هذا التيار.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، أن المقال بدأ بطرح تساءل حول هذا الواقع وهل أن الحركات الاسلامية هي حركات فاشلة او انها حركة ناجحة قادرة على صنع مشروع حضاري؟

وإلى نص المقال كاملا

 هذه الورقة المتواضعة تهتم بقضية بسيطة قديمة أرى من الضروري إعادة النظر إليها في الظروف الراهنة في الوسط الإيراني أو غيرالإيراني، وارجو ان لا أخطأ في تسميتي اياها ب"التحدي الاساس في سيكولوجية الحركات الاسلامية" كأعظم وأهم نقطة جديرة بالتركيز في مواجهة الحركات الاسلامية هي محاولة للجواب عن السؤال: هل الحركه الاسلامية (القادرة على صنع مشروع حضاري) حركة فاشلة أم لا؟

أقصد من الحركة الاسلامية كل عمل نابع من دافع اسلامي هادف الي تجديد فهم الاسلام أو اعادة مكانة الاسلام لكفاح التخلف بكافة أبعاده وانماطه وصوره في المجمتمع الاسلامي والنهوض نحو مجتمع يوصف بملامح ومواصفات مثل النماء والتقدم والنمو المتعاظم وتأصيل اسلامي لجميع شؤون الحياة.

فالحركة الاسلامية في رؤيتي هذه ليست فقط حركات تنظيمية جماعية حزبية كانت او جماهيرية بل تشمل كل حركة فردية شخصية، فالحركة الاسلامية في اقتناعي يمكن أن تكون فردية المنطلق ولكنها أمية المستهدف.

فالسؤال هذا: الحركة الاسلامية بهذا المعنى تعتبر أو علينا أن نعتبرها حركة فاشلة أو مازالت حية ناشطة؟

لكي اسرد خلفية هذا السؤال أشير إلي مرحلتين مرتا بنا بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران:

المرحلة الاولي مرحلة رائعة مثيرة نشطة يمكن ان نسميها مرحلة الميثولوجي (الاسطوري) للفكر الحضاري الاسلامي الجديد، بما أننا كنا نتصور ان بسرعة وسهولة نمر على الجدر السميكة أمامنا ونتخطي خطوات وندخل مستقبلا لائحا حضاريا ولكن بعد زمن لايعتبر قليلا واجهنا اشياء كثيرة دعتنا الي اعادة النظر في رؤيتنا، فقضينا تلك المرحلة.

المرحلة الثانية مرحلة جديدة مخيفة ومخيبة للآمال وهي مرحلة الصدمة النابعة من مواجهه الواقع كما هو، مرحلة الاخفاقات المتكررة. اخفاق اطروحة التقريب المذاهبي، اخفاق اطروحة الصحوة الاسلامية، اخفاق الربيع عربيا كان ام اسلامياً، اخفاق حشد الجماهير، اخفاق تحطيم العوائق، اخفاق القضاء علي السلطات المنتمية إلى الغرب ضد صالح المسلمين، اخفاق اتحاد الحكومات، اخفاق الحركة العلمية المتوازنة في البلدان الاسلامية، في هذه المرحلة التي نعيشها الآن ما نسمع من الخلافات والمنازعات الدموية الطائفية هي اكثر بكثير مما تردنا من الاخبار الايجابية، كما تخيب آمالنا تقارير المشتغلين بالعلاقات الدولية والشؤون المستقبلية للعالم وكما تيأسنا نظرات العلماء الطائفيين.

هاهنا وفي هذه الظروف يطرح هذا السوال نفسه هل نعترف بفشل الحركه الاسلاميه او نتجه اتجاها معاكسا؟

واعتبر هذا السؤال قضية وظاهرة سيكولوجية، لأن الجواب عنه يؤثر علي جميع نشاطاتنا ويدعونا إلى تفعيل الطاقات والقدرات او تعطيلها، وهو الذي يص و لا أنسى ظاهرة العدو الخارجي الذي كانت تفقدها حضارتنا الاسلامية الماضية ولا نفقدها الان نحن ولكن لا تبتعدنا عن الطريق غواية الغرب وعماية التقليد اذا ما قمنا بأداء واجباتنا.

فمن منظور سيكولوجي الاعتقاد والالتزام باستمرار الحركة الاسلامية رغم جميع المشاكل والعقبات هي لبنة الاساس لمرحلة جديدة للحركات الاسلامية داعية إلى مجموعة غفيرة من المسؤوليات والواجبات مستلهمة من الآية القرآنية:

قُلْ إِنَّما أَعِظُكمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْني‏ وَ فُرادي‏ ثُمَّ تَتَفَكرُوا ما بِصاحِبِكمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذيرٌ لَكمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَديدٍ ـ  قُلْ ما سَأَلْتُكمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَي اللَّهِ وَ هُوَ عَلي‏ كلِّ شَيْ‏ءٍ شَهيدٌ  ـ   قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (سبأ، 46 ـ 48) مع حضوراً فعلياً حقيقاً او يدعونا الي جلوس في عزلة. فالسؤال عن ديمومة حياة الحركة بهذا المعني سؤال في مكانه.

الجواب واضح ولا مجال للتوقف في هذا الجو المثير للشكوك. الجواب ايجابي تماما وبإمكاننا ان نستدل علي هذا الجواب الايجابي بطرق مختلفة واشير فقط إلى تجربة تاريخية ناجحة يشابهها العالم الاسلامي حالياً وهي تجربة الحضارة الاسلامية السابقة.

فإذا الفتنا النظر إلى الاحداث في القرنين الاول والثاني للهجرة فلا نجد غير القتل والتشرد والحرب والاصتطدام والقلق والتمزق والاجراءات الدموية والانهيار الاخلاقي من جانب وفي نفس الوقت نشاهد ظاهرة اسلاموية الحياة وطرائق المعيشة، التراث الفكري الثري، الوحدة اللغوية، تأسيس العلم والتعليم، تكوّن المذاهب الفقهية والنحل الكلامية والفرق المختلفة الحاملة للافكار المتعددة، تدوين بعض اهم الكتب التراثية، التعرف والانفتاح علي التراث الحضاري الايراني واليوناني، اعادة صنع التنظيم الاداري والحكومي وتخطيط الديوانية الجديدة. وهذا يعني تكوّن الحضارة في ظرف يبدو أنه غيرمؤهل لها ظاهراً.

فكأننا نسينا تجربتنا الناجحة ونتغافل استعدادات وامكانيات الامة الاسلامية في الظروف الراهنة، فكما أن الحضارة الاسلامية نمت في ظرف عنيف متمزق دموي آنفا فلا تبرير لكي نخيب الآن ولابد ان نعترف بامكان بل وجوب استمرار الحركات الاسلامية للعثور علي حضارة اسلامية جديدة والحضور على ثغورها.

 فلنجعل جوابنا الايجابي عن هذا السؤال الملح نقطة النهاية للمرحلة الثانية ونقطة البداية لمرحلة جديدة نقوم فيها بوعي عميق وأعين مفتوحه علي مهمتنا لكي نكتب بدلا عن تاريخ النسيان عن تاريخ الوعي وعن التاريخ المستقبلي للحضارة. /انتهى/

رمز الخبر 1881364

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha