وكالة مهر للأنباء_ ديانا المحمود: حملت بعض المناسبات التاريخية الدينية في ايران بصمتها الخاصة في المدن الايرانية؛ ومنها مراسم محرم وعاشوراء حيث يحيي مختلف الأقوام هذه الواقعة التاريخية وفقاً لعادات وتقاليد متنوعة تعكس اعتقادا واحداً وهو التزام بعزاء الامام الحسين (ع).
نستعرض هنا بعض هذه العادات وأشهرها في مناطق ايران، حيث توارثها السكان عن أجدادهم وتناقلوها فيما بين مدنهم، بعضها لازال يحتفظ برونقه وبعضها الآخر شهد ضعفا في المدن الكبرى.
يجب إلى الاشارة إلى أن الكثير من كتب التراث تشير إلى هذه المراسم والعادات وكيفية تناقلها عن الأجداد شفاهياً مع توضيح الروايات المختلفة التي تقوم عليها هذه المراسم، ونذكر في هذا التقرير أشهرها.
أشهر عادات محرم في مناطق غرب ايران
"مراسم شاه حسين"
تناقل أهالي أذربيجان واردبيل العديد من العادات والتقاليد المرتبطة بمحرم وعاشوراء أشهرها"شاه حسين" التي تبدأ من اواخر شهر ذي الحجة وتستمر حتى ظهر يوم عاشوراء، ينشد المشاركون في العزاء الحسيني عبارات خاصة مع حركات محددة باستخدام العصا التي تستخدم حالياً بدلاً عن السيف بعد تحريم التطبير.
يضع المشاركون ايديهم على أكتاف بعضهم الآخر كدليل على الوحدة والتماسكيقف المعزون بشكل منتظم في هذه المراسم يضعون العصا على الأرض ويرددون بصوت عالٍ "شاخ سي" اي (الشاه حسين)، ثم يرفعون العصا نحو الأعلى لتصل إلى مفرق الرأس ويرددون بصوت عالٍ "واخ سي" إي (واي حسين)، كما يضع المشاركون ايديهم على أكتاف بعضهم الآخر كدليل على الوحدة والتماسك.
وتشير هذه الحركة إلى حرب الامام الحسين وأصحابه مع يزيد بن معاوية في صحراء كربلاء.
"رفع الأواني"
أما العادة الأخرى وهي "رفع الأواني" فتنتشر بشكل خاص في مدينة اردبيل، وتسمى بالفارسية "طشت كذاري" وتقام في الأيام الثلاثة التي تسبق محرم، حيث يتقاسم المشاركون الأيام الثلاثة بالتناوب للقيام بهذا التقليد.
يتجمع المشاركون في تقليد "رفع الأواني" في الحارات حيث يقوم كبار الحاضرين برفع الأواني فوق رؤسهم ويجب أن تكون برونزية أو نحاسية، ويتجه المشاركون نحو المساجد وهم يكرورن شعار "الدخيل يا أبو الفضل"، يدخل بعدها حمل الأواني إلى المسجد بعد الدوران حوله ويضعون الأواني في أماكن مخصصة، ثم يملأها آخرون بالماء الذي حمل إيضاً في جرار على الأكتاف.
ينادي المشاركون "أبو الفضل العباس" للتذكير بعظمة ساقي العطاشىيعتقد بعض المؤرخون إن هذا التقليد يرمز إلى أهمية المياه ومكانتها في حادثة عاشوراء، ويقول البعض أنه حسب رواية عاشوراء تم قطع الطريق على الامام الحسين (ع) أثناء مسيره وأهله قبل وصولهم إلى سهل نينوا، مما أدى إلى نقص ذخيرة الماء الموجودة مع القافلة، فأمر الامام بوضع المياه الموجودة في القُرب ووضعها في الأواني ليشرب منها جميع الموجودين حتى جيش العدو.
كما ينادي المشاركون في هذا التقليد ندائهم لـ "أبو الفضل العباس" للتذكير بعظمة ووفاء المضحي حامل اللواء وساقي العطاشى.
شهر محرم في مناطق صحراء كوير
مراسم نخل المآتم
تعتبر مراسم نخل المآتم أو ما تعرف باسم الطواف بالنخيل إحدى أشهر وأقدم المراسم التقليدية في وسط ايران وصحراء كوير، حيث تقام في عدة مدن منها قم وكاشان وابيانه وخور وبيابانك وزواره واردستان ونايين وغيرها، إلا ان أعرق هذه المراسم تقام في يزد.
يجمع أهالي المدينة مساهمات الراغبين في المشاركة وتبرعاتهم العينية والمادية تحضيراً لشهر محرم الحرام، أغلب المساهمات تكون بالأقمشة السوداء والملونة وألواح الخشب التي تجمع من أجل صناعة "النخلة"، والنخلة هي شكل خشبي ضخم يصنع يشبه شجرة النخيل إلى درجة ما، وله عدة أسماء أشهرها النخلة.
بعض أشجار مدينة يزد موقوفة لأجل هذا البناء الخشبي، الذي يساهم في صنعه متطوعون من شباب المدينة ورجالها، يبدأ العمل مبكراً لشد ألواح الخشب ورفعها بألواح أخرى لتحمل على الأكتاف في يوم عاشوراء، تغطى النخلة بأقمشة سوداء وأخرى ملونة تحمل رموزاً مختلفة،لكن رمز النخلة الرئيسية يعني جثمان الامام الحسين (ع).
يرى بعض المؤرخين أن هذه التسمية جاءت من احترام سكان البادية بشكل خاص للنخيل فيما يرى البعض أن أول تصميم خشبي صنع لهذه المراسم كان من أشجار النخيل وربما حمل من أرض العراق، وهناك رواية تقول أن جثمان الامام الحسين (ع) حمل يوم عاشوراء على جذع شجرة نخيل وشيع إلى مثواه الأخيرة.
كل هذه الدلالات تنعكس في مراسم نخل المآتم في يوم عاشوراء حيث يحمل عدد كبير من الرجال هذا النخلة في مراسم مهيبة يشارك فيها أهالي المدينة من مختلف الطوائف، حيث يشارك ايضاً الزرادشتيون في صنع النخلة والمراسم احتراماً منهم للامام الحسين (ع).
مراسم "جاووش العزاء" (منادي العزاء)
تقام هذه المراسم بشكل أساسي في مدينة "كاشان" إلى جانب بقية التقاليد المتبعة في عاشوراء في منطقة صحراء كوير وسط ايران، يستقبل أهل كاشان محرم بقراءة المراثي والإعلان عن بدء العزاء عبر موكب يعرف باسم "منادي العزاء"، في بعض الأحيان تكون قراءة المراثي بشكل فردي وأحياناً أخرى بشكل جماعي.
ينطلق الموكب قبل أيام من شهر محرم وينشدون المراثي بصوت عذب، يرافقهم حملة الأعلام، ويرتدي الجميع ملابس نظيفة وشالات مرتبة، يحفظ أهل كاشان نص المرثية المخصصة لهذه المراسم منذ 500 عام.
محرم في شمال ايران
مراسم رفع الرايات
يعود تا يخ هذه المراسم إلى 8 قرون حيث ينطلق كبار القوم وأبناء الشيوخ والسادة في كل مدينة ليرفعوا رايات العزاء والاعلام السوداء في مناطقهم، لا تنحصر هذه المراسم في منطقة محددة من ايران بل تنتشر في كل المدن، لكن لمدينة "ماسوله" في كيلان شمال ايران خصوصية تاريخية.
يجمع أهالي أربعة مناطق في مدينة "ماسوله" الرايات الحسينية ليقوم عدد من الرجال ممن يحظون باحترام الجميع برفع الرايات وحملها إلى مرقد الامام "عون بن محمد"، وهناك يقوم بعض الأشخاص بلف سواري الرايات باللون الأخضر، ثم يعاد نقلها إلى وسط المدينة عبر طريق خاص لترفع على المساجد والأسواق والحارات، وفي يوم تاسوعاء يتم تبديل اللون الأخضر بالأسود.
تتميز هذه المراسم بالدقة والنظام في تنفيذها، ومشاركة جميع أهالي المدينة في هذه المرسام إضافة إلى حضور جماهير من خارجها.
جنوب ایران
لطم الصدور في بوشهر
يعتبر اللطم جزء من لغة الجسد؛ حيث يعبر فيها شخص ما عن حزنه لمصاب جلل. لا ينحصر اللطم بايران أو منطقة محددة منها بلهو متداول لدى الكثير من شعوب العالم، حتى أصبح جزء من ثقافة عاشوراء في عدة بلدان، لكن ما تختلف به مدينة "بوشهر" جنوب ايران هو النظم الخاص لهذه المراسم.
يقف المشاركون في المراسم على شكل دائرة هندسية ضمن 75 صف ويلتفون حول بعضهم البعض ويعيدون مرثية خاصة 25 مرة، وهي انعكاس عن الوحدة بين المشاركين في العزاء.
التوحيل في لرستان
تقوم هذه المراسم على توحيل الملابس والرأس بالطين تعبيراً عن الحزن على فقيد المسلمين، حيث تنشد المراثي و تضاء الشموع في البداية ثم يقوم البعض بتلويث أنفسهم بالطين.
قرع الطبول في جهار محال بختيار
تسير كشافة المدينة بلباسها الأسود في الأحياء مبلغةً بوصول محرم ومعلنةً بدء العزاء الحسيني، تتألف هذه الكشافة في الغالب من فرقة نحاسية ترافقها الطبول، كما تقوم هذه الكشافة بالمشاركة في يوم عاشوراء في عدد من المدن الايرانية.
/انتهى/.
تعليقك