وكالة مهر للأنباء- شيرين سمارة: اختفى جمال خاشقجي كما اختفت اسرار وتفاسير لحوادث كثيرة في هذا العالم بلا تبرير مقنع وانما تم تلبيسها ما ليس لها كي يتم تحويل الاذهان والتلاعب بها، ونوع من تمييع الحقائق من اجل مصالح هذا وذاك وتبقى الضحية هي الخاسر الوحيد في هذا الكون الذي تحول إلى غابة وجعل من السعودية التي ينبغي ان تكون قدوة للعالم العربي، عصابة بلطجية. للحظة يخيل لك أن السعودية غدت "مثلث برمودا" الذي خبا بداخله الكثير من الحوادث ووضع عليها استفهامات لا علم فسرها ولا عقل صدقها.
استمراراً لمتابعة آخر مستجدات ما آلت إليه قضية اختفاء الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، قامت وكالة مهر للأنباء، بحوار مع السياسي المصري المعارض "أيمن نور".
وفيما يلي نص الحوار:
س: ما تعليقك على ما يقال ان خاشقجي كان ينوي تأسيس حزب سياسي او مركز لتوعية العالم العربي حول الديمقراطية الا ان هذه المعلومة تسربت الى بن سلمان وقام بتصفيته؟
جمال خاشقجي لم يكن يفكر ابدا في تشكيل حزب سياسي او جماعة سياسية وكان حريصا دائما ان يبقى في إطار الباحث والكاتب وليس في إطار الفاعل السياسي، دائما كان حريصا على هذه المسافة بين الفعل السياسي والتفكير السياسي.جمال مفكر سياسي وكان لديه بالفعل مركز اسسه في واشنطن يتعلق بالدراسات والخبرة حول تجربة الربيع العربي وتصحيح الصورة الزائفة التي دأبت بعض الأنظمة على تصدريها لفكرة الربيع العربي ولكن هذا المركز ضمن مؤسسات المجتمع المدني. حيث ان جمال اسس هذا المركز منذ قرابة الستة اشهر ولكن لا اعتقد ان هذا هو السبب المباشر في تصفية جمال خاشقجي . تصفية جمال خاشقجي هي تصفية لتيار الاعتدال والوسطية في العالم العربي وهي اغتيال لكل صوت وصاحب رأي، يبدو ان الانظمة الاكثر استبداداً تواجه الاكثر اعتدالاً باكثر عنفاً مما تواجه به المتطرفين او الإرهابين الحقيقيين.
س: ولماذا ينتفض العالم من اجل "خاشقجي"؟ هل فقط من اجل انتهاك السعودية لحقوق مواطن اما ان هناك ما يحاك خلف الكوليس؟
لا. لا شيء يحاك لان "جمال خاشقجي" شخصية عامة وإعلامي متميز وانسان نبيل وكل من يعرف "جمال خاشقجي" يعرف انه شخص معتدل ليبرالي وسطي بعيد كل البعد عن التشدد او التشنج لهذا تأثير عملية اغتياله كان بهذه الضخامة، وخاصة انه يكتب مقال في "واشنطن بوست"، وانه يتميز بقدرته على خلق المساحات المشتركة بينه وبين الآخرين. كمان انه لأن العالم احياناً يقف أمام ضميره ويرى ان هناك حالات لا تفسير لها غير انها جريمة اخلاقية لا ينبغي السكوت عليها وأي نظام يعمل في دعم مثل هذه الجريمة أو التستر عليها هو أيضاً نظام قاتل ومجرم.
س: بماذا تفسر دعوة ترامب لخطيبة خاشقجي"خديجة" الى البيت الأبيض وهل برأيك سيكون لها تأثير على مجرى القضية ؟
أنا اعتقد هذه الدعوة مسألة شكلية ليس لها معنى وهي فقط من اجل التقاط الصور وبعض الرؤوساء منهم ترامب يحرص على تسجيل بعض المواقف من خلال التقاط صورة ما. وان حضور خديجة إلى البيت الابيض أو عدم حضورها لا اظن انه سيؤثر على موقف ترامب المنحاز إلى المصالح أكثر من انحيازه للمبادئ ربما يكون للكونغرس الأميركي موقف مختلف لكن ترامب لن يكون هو الفاعل الوحيد في هذه القضية.
س: كيف يمكن تبرير توجه شخصية ناقدة وعارفة لعقلية حكام السعودية الحاليين كجمال إلى القنصلية؟
يبدو ان توقعاتنا دائماً أقل سوء من الواقع. انا شخصياً زرت القنصلية المصرية مرتين وكان لدي هواجس لكنها لم تمنعني من الذهاب في محاولة مني لتنفيذ حكم قضائي صادر لصالحي ضد القنصلية باجبارها لتسليم جواز سفري الذي انتهى منذ ثلاث سنوات ورغم هذا لم تجدد حتى هذه اللحظة السفارة أو تنفذ الحكم. فحسن النوايا احياناً وارد رغم الهواجس ورغم قناعاتنا ان هذه الانظمة هي انظمة فاشية وقاتلة.
س: ما هو رأيك بالاصوات الدولية التي تطالب بعزل بن سلمان وهل يمكن ان يحصل ذلك؟
برأيي لا يمكن ان يحدث إلا ذلك. لان بقاء محمد بن سلمان معناه أن هذه الجريمة مرت بلا عقاب حقيقي والذي هو مختلف عن العقاب الجنائي. وان ما اعنيه هو العقاب السياسي وهو الاهم برأيي ويجب أن ينزوي "محمد بن سلمان" عن المشهد.
س: هل تعتقد ان تركيا تتقاعس في قضية خاشقجي وان هناك توافق ما بينها وبين السعودية حول القضية؟
لا اعتقد ذلك، وبرأيي أن الإدارة لتركية للأزمة إدارة عاقلة وفي غاية الذكاء في الفترة الماضية. واتصور ان فكرة الاتفاق مع شخص مثل "رجب طيب اردوغان"، على جريمة أو التستر عليها اعتقد انها مسألة تكاد أن تكون مستحيلة.
س: العلاقات التركية السعودية إلى اين تتجه بعد خاشقجي؟
بالطبع العلاقات ما بعد أزمة خاشقجي ستدخل في نفق مظلم وهذا ما نتوقعه ولا نتمناه.
س: ما السيناريو المحتمل لاغلاق ملف خاشقجي دون التأثير على السعودية في أي مجال؟
التأثير على السعودية حدث بالفعل ولا يمكن تصور أن هذه القضية سيتم تجاوزها بأي شكل من الاشكال.
س: هل ستغلق قضية خاشجي كمثيلاتها في الماضي وتنتهي بلا نتائج؟
لا. لا اعتقد لأن هذه القضية أكبر من فكرة أن تغلق بجرة قلم من محقق.
س: هل يمكن ان يكون الفاعل غير السعودية وان كان ذلك ماذا يريد ان يجني الفاعل وإلى من تشار اصابع الاتهام في هذه الحالة؟
اعتقد أن السعودية هي المسؤولة الوحيدة وفقاً لقواعد القانون حول ما يقع من افعال موظفيها في قنصلياتها وسفاراتها. وبالتالي فكرة استبعاد السعودية وأن يكون هناك احتمال لاطراف اخرى هي فكرة لا نستطيع أن نرفضها مئة بالمئة كما اننا لا نستطيع ان نقبلها إلا من عشرة او خمسة عشرة بالمئة./انتهى/
تعليقك