وکالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: رأى الكاتب والمحلل السياسي اليمني طالب الحسني في حواره مع مراسلة وکالة مهر بأن التغيير الذي أعقب اغتيال الجنرال الشهيد سليماني وورد مرافقا لعملية الاغتيال الأمريكية يتعلق بالاستراتيجية التي عجزوا عن مواجهتها ، قيمة الشهيد سليماني انه كان احد أهم صناع استراتيجيات التغيير المقاومة في منطقة الشرق الأوسط ، ولذلك في ميزان الصراع مع المحور الامريكي الأوروبي الاسرائيلي سليماني كان ثقيلا في هذا الميزان ، بصفته استراتيجيا وخليط من الكتل العسكرية والسياسية والدينية والعلاقات.
وأضاف الحسني بأنه صحيح أن الظاهر في السطح أن الكثير من الدول الاوربية وبعض العربية التابعة وكذلك تيارات أمريكية كالديمقراطيون لم يبدوا الكثير من الفراح لكون عينا هذا العملاق نامت ولكن في العميق من هذه الدول ثمة فرحة لهذا الاغتيال الجبان .ولذلك إيران لا تعتبر أن الرد على عملية الاغتيال هي ضربة بضربة على قاعدة العين بالعين بل سريعا ما حددت أن الرد استراتيجي وأن الانتقام سيكون باخراج الولايات المتحدة من المنطقة ، إنه مشروع سليماني تحديدا ، وقد بناه طوبة طوبة وخطوة خطوة على مدى عقدين في الداخل الايراني وعقدين خارج ايران وفي عمق منطقة الصراع .
*سليماني الإستراتيجي وصانع التغيير الكبير لا يزال يعيش
وصرح الكاتب والمحلل السياسي اليمني بأن التشبيك والتربيط التي قام بها الجنرال داخل محور المقاومة واشرف عليها شخصيا ، احدى معجزات رجل موهوب ومقبول واسطورة ، والجزء اليسير الذي كشف للاعلام من حركته ومقدراته تعيد قراءة الخسارة التي ألحقها بالعدو والعدو هنا ليس أمريكا وحدها بل تكتلها الأوروبي والشرق أوسطي وتحالفاتها الواسعة.
ولفت الحسني إلى أنه عندما نقول أن ما قبل إغتيال سليماني وما بعدها مرحلتان مختلفتان فإن ذلك يعني أن سليماني الإستراتيجي وصانع التغيير الكبير لا يزال يعيش ويعطي وأن التعقيدات التي وضعها أمام بقاء العدو الامريكي والاسرائيلي والأوروبي في الشرق الأوسط هي متينة بالقدر الذي يمنع العودة إلى ما قبل عشرين عاما على الأقل.
وتابع بأنه بعبارة مختصرة لقد اغتيل مهندس التغيير ولكن الخارطة والاساس التي وضعها هي سليماني أبدي مؤرق ومتجدد تماما كثورة الامام الحسين(ع) العالمية المؤثرة وكثورة الامام روح الله الخميني(قدس) التي لا تزال منتجة ومتينة ومرجع باعتبار أنها خارطة طريق وليست مرحلة زمنية مؤقته.
*مؤامرة أمريکية لتقسيم المنطقة وتضعيفها عبر إنشاء المجموعات الإرهابية
ورأی بأنه في العام 2011 وحتى العام 2014 ، كانت المنطقة أمام التحول الأخطر فتغيير الانظمة العربية عبر ما سمي بالربيع العربي صنع ضبابية كثيفة امام الشعوب العربية والاسلامية في تقييم التغيير إن كان ذاتي او مصطنع ، وإن كان متينا او مادة مطاطية قابلة للاستخدام ، الشعوب قبلت عاطفية بالتغيير بسبب جور الحكام وهشاشة الانظمة العربية ، ولكنها لم تؤيد ذلك استراتيجيا ، فما حدث هو هيجان شعبي عفوي لاسقاط انظمة تحت شعار الشعب يريد ، لكن ما بعد الاسقاط لم تكن تعرف الشعوب ماذا تريد وهوية النظام وشكل الحكم الجديد ، بينما كانت امريكا تعتبرها مرحلة ازاحة اصنام وصناعة اخرين.
واعتبر الحسني أنه في الدولة السهلة ، مصر ، اليمن ، تونس ، كان من السهل تركيب نظام جديد نسخة أقل ذكاء وخبرة وقدرة من الانظمة التي سقطت ، ترك هذا لامريكا طواعية وبسذاجة كبيرة ، وحدث هذا الانحراف .في اليمن تم تعديل هذا الانحراف بثورة جديدة قادتها حركة انصار الله الثورية .ولكن في الدول المعقدة كليبيا وسوريا ، حدث شكل آخر ، لقد استخدمت امريكا هنا داعش والقاعدة والجماعات المسلحة المتطرفة.
وأضاف بأنه كانت ضعيفة في ليبيا ، فتدخل الناتو ، وكانت قوية في سورية ، فاجتاحتها وتمددت إلى العراق ، لا يمكن فصل داعش عن امريكا ، ليست كيان مستقل ، الاعترافات الامريكية موثقة ، ان كان هلاري او ترامب او المخابرات ، لقد بات الامر مكشوف على نحو واضح ، ومن هنا ، كان دور الشهيد سليماني في تعديل الانحراف الاكبر ، وهو قائد المعركة الاهم لاسقاط داعش واخراجها من قطرين عربيين سوريا والعراق ، لا يجادل في ذلك احد ، لقد كان القائد الميداني والقائد السياسي وقائد العلاقات التي ادت إلى تحول لم تكن تتوقعه امريكا والدول الاوروبية التي كانت خططها ترتسم على شكل نقطتين:
أ _ تسيطر داعش والجماعات المسلحة وتصنع فوضى
ب _ تدخل امريكا وبعض الدول العربية الحليفة لاخراجها داعش وتشكيل نظام تابع
*الشهيد سليماني اتبع إستراتيجية طرد داعش من المنطقة بعيدا عن التدخل الأجنبي
وذكر أنه لم يتحقق كلا الامريين ، لان الاستراتيجية التي تموضعت وفي قلبها سليماني ، تتجه نحو اخراج داعش تثبيت النظام ، منع التدخل الخارجي العسكري واستخدام عامل السرعة لتجنب تدهور الاوضاع الانسانية ومراكمة اللجوء البشري.
وتابع الكاتب والمحلل السياسي اليمني بأن هذه الاستراتيجية احتاجت قائد عسكري وديني وسياسي وصانع توازنات في منطقة متعددة الاعراق والمذاهب والاحزاب ، ومعقدة التجاذبات وسهلة الاختراق .لقد كان سليماني يجلس مع الجميع ويصنع علاقات ويعيد تركيب الواقع وهناك قصص كثيرة لعلاقاته وسفرياته وجلساته الطويلة والمقنعة ، ولهذا كانت المعركة سريعة.
وصرح بأنه ألم يقل اوباما ان اخراج داعش من العراق يحتاج 20عاما ! لان الاستراتيجة الامريكية تحتاج هذا الزمن تحديدا لاجراء تغيير يستقيم مع بقائها طويلا ومساعدة ادواتها الداخلية ومن بينها دول عربية فی منطقة الخليج الفارسي لترتيب سوريا وعراق ولبنان جديد وإلغاء محور المقاومة بعد استبداله من الهرم إلى القاعدة.
وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني: بامكان رؤية الفشل من خلال التخبط الامريكي والخليجي والاسرائيلي والاوروبي في التعامل مع ادواته التي سقطت عندما كانت الدولة السورية بمساعدة ايران وروسيا وحزب الله والمقاومات الشعبية باستعادة المدن والاراضي وهزيمة داعش والمجموعات المسلحة المدعومة من المحور الامريكي وصولا إلى العراق.
ونوه الحسني إلى أنه "قد انزوى التمدد الامريكي خاصة بعد ان سقطت منصات المعارضة السورية ، لاحقا يتمسك هذا المحور المهزوم بمنع عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم واستخدام هذه الورقة ، علاوة على مسرحيات الكيماوي ومؤخرا العقوبات الاقتصادية وفي كل هذا الانجاز الكبير سنجد سليماني للابد."/انتهى/
تعليقك