وکالة مهر للأنباء _ اتى الى الدنيا منْ لم يرحل عنها إلا وقد خطّ اسمهُ في سفرِ الخالدين وصحيفة الافذاذ، رجل ما جاء للدنيا ليتمسك بها بل كان يراها أصغر حتى من أن تقف عند أقدامه ترجوه ان يُطيل البقاء فيها، جاء لها وعلِم سبب مجيئه وفضّل طريق الخروج منها، فبقي يسير في قافلة الوجود حتى أصبح من سادتها.
ونستذكّر باعتزاز كيف اعطى بسخاء وسار بشجاعة على طريق الحياة والخلود، فضمن سلامة الوطن وكرامة الوجود، وکان خیر قائد بروحه المقاومة الرافضة لكلّ أنواع المؤامرات التي تُحاك لکسر محور المقاومة في مختلف البلاد.
الشهيد القائد الحاج قاسم سلیماني كان مشروعا إسلاميّا ثوریا عظيما منذ ولادتِه
فالمشاريع العقائدية تلازم الأفراد منذ نشأتهم، فيتّضح مشروع كلّ فرد في مرحلتي الصّبية والفتوّة ومن هذين عرفنا خارطة عمر الشهيد القائد الحاج قاسم سلیماني، إذ كان مشروعا إسلاميّا ثوریا عظيما منذ ولادتِه فکان مثال الشّاب المؤمن العامل، في أحلك الظروف وقفَ في شبابه مجاهدا بوجه الاعتداء الصدامي الغاشم علی البلاد والحرب المفروض علی ایران الإسلامیة، وفي شيبتِه وقفَ ساترا منيعا بوجه الإرهاب التّكفيري في المنطقة.
فحين نستذكر ذكرى میلاد الشهيد القائد اللواء سلیماني فإنّنا نستذكر ملاحم النّصر على الإرهاب، وتلك البطولات الّتي حفظت البلاد والشعوب المنطقة من افغانستان الی العراق والیمن ولبنان الی فلسطین وغزة الابیة. ونستذکر بطولاته علی العداء الصدّامي والارهاب الداعشي فکانت تلاحقه الصهیونیة العالمیة وحینما اغتالوه اعتبروه نصرا لهم. فقد كان سلیماني أبَ المقاومين في ایران وسوریا ولبنان فکان علی رأس تطلعاته وامنیاته تحریر فلسطین والاقصی الشریف، فعلينا أنْ نبرّه بطاعتِنا للولي الفقيه والمرجع الأعلى، وأن نسيرَ على منهاجِه الشّريف، و أنْ ندافعَ عن كلّ المستضعفين حول العالم.
قبل شهرین واسبوعین من ان ینهي ال63 ارتقی الی ربه وکان قد کتب یومه "یا رب تقبلني طاهرا"، ذاك الرجل الرفیع الطباع، واسع الرؤیة والملم للآیات القرآنیة واحادیث اهل البیت علیهم السلام والفلسفة والاجتماعیات غیر العلوم العسکریة التي کانت مهنته ویمارسها دوما، ذاك الرجل الصعب الذي کان یبکي مع دموع اولاد الشهداء ویصرخ کطفل صغیر عندما یدخل المراقد المقدسة لاهل البیت علیهم السلام، ذاك الرجل منقطع النظير الذی کان فی ساحات القتال کالاسد ومع هذا يظهر في سلوكه الفضائل الإنسانية المتأصلة في الدين والتقاليد الإيرانية.
الرجل الذي شهد له العدو في علوه حیث قال باراك أوباما الرئيس الأميركي الاسبق: "الجنرال سليماني عدوي، لكني أحترمه، لأنه يتمتع بالعزيمة"
خسره العالم وهو کان بحاجة الیه في اسلوبه وسلوکه الشخصي والعسکري والسیاسي، فخاض حربا ضد الارهاب ومکافحا لمن یهدد الامن في المنطقة ولاینکره احد فامن المنطقة کان ومازال رهن التعاول الاقلیمي والدولي وهو کان مهندس هذا التعاون فکان یقود محور المقاومة وبلوره للحفاظ علی امن المنطقة بل والعالم. ذاك الرجل الذي حتی العدو شهد له في علوه حیث قال باراك أوباما الرئيس الأميركي الاسبق: "الجنرال سليماني عدوي، لكني أحترمه، لأنه يتمتع بالعزيمة".
لم یکن دیبلوماسیا ولکنه کان یعرف لغة الدبلوماسیة وکان له وعي وبصیرة في الامر وكان على دراية بمؤامرات المتغطرسين العالميين واربك كل الحسابات الأمريكية في المنطقة. ذاك الرجل الذي ضحی بکل مصالحه الشخصیة لاجل شعوب المنطقة مما وفر الامن في سوریا والعراق وغیرهما. ذاك الرجل الذي یدین الکل من أوروبا إلى آسيا حتى الولايات المتحدة بأمنهم لتضحياته وجهاده الصادق، فهو حارب من أجل السلام والاسلام الحقیقي واستقرار الأمن.
ذاك الرجل الذي کانتا قوته وإيمانه لوحدهما رادعين للاطماع وهيمنة القوى الغربية والنظام الصهيوني. ذاك الرجل الذي کانت علی راس جدول اعماله وتطلعاته، القضیة الفلسطینیة لم ینظر الیها بمنظار طائفي او مذهبي او قومي بل کان یراها القضیة الاولی وامنها و تحریرها ستؤدي الی امن المنطقة بل العالم باجمعه.
ذاك الرجل الذي بکی العالم في فقده وقام العالم باحترامه والشعوب سارت خلفه ودعته الارض ترفض رحیله وستخلد ذکراه المقاومة منتهلة مدرسته التي تعتبر منارة لطریقها، فکم کان محظوظا عندما صلی علی چثمانه الطاهرة، الامام السید علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامیة وشهد ثلاثا: " اللهم انا لانعلم منه الا خیرا" ودموعه تسیل علی وجهه الطاهر.
اصبح عید النوروز الایراني و عاداته وتقالیده التي تحوي علی سفرة بسبعة سینات منذ عامین بوضع السین الثامن علی المأدبة وهو سلیماني الذي یحضر في قلوب الایرانیین ولاینسونه ابدا.
فقدناك ولکنا قمنا احتراما لك ورفاق دربك وودعناکم نسیر المدن والبلاد وتسیر جثمانك الطاهر علی ایدي شرفاء الناس بل وعلی اجنحة ملائکة السماء، فبکتك اهل الارض واهل السماء.
فیالیتنا کنا معك ومع رفاقك الطاهرین فنفوز معکم فوزا عظیما. والسلام علیک یوم ولدت ویوم رحلت عنا ویوم تبعث حیا.
/انتهى/
تعليقك