وكالة مهر للأنباء - د.سناء حمدون*: كان السباق في ذلك اليوم، حيث كانت الأرواح والقلوب قد ملَّت الإنتظار عند تخوم ساحات الإنتصار، واندفعت عيون أشرف الناس ومعها عيون آلات التصوير كي تعبر مداخل ضاحية بيروت الجنوبية وكذا قرى الجنوب والبقاع، ليُطالعها مشهدُ دمارٍ كبيرٍ وبشع حفرتهُ بمخالبها الشيطانية آلةُ الحرب الإسرائيلية، ووسط ذلك اللون الكئيب بدت ستائر من نور انسدلت على بعض جدران أبية وقد خُطَّ عليها كل الإيمان في رسالة لكل الأطياف أنَّ ذلك النصرُ إنَّما هو "النصر الإلهي THE DIVINE VICTORY".
لم تكن العبارة تواضعاً أمام الناس والعالم، وإنّما هو ذلك اليقين الذي أسَّسَ لما وصلت إليه تلك النفوس المجاهدة والصابرة، فهم أناسٌ اعترفوا في كل زمان أنهُم عبروا من رحم عقيدة راسخة لاعِوَج فيها فكانت نبراساً مسح كل الكلمات العاجزة في معاجم البشر على امتداد الخلق.
"النصرُ الإلهيTHE DIVINE VICTORY"، وهو وعدُ الله الذي فهمهُ أولئك جيداً حيث أنصتوا للخالق يخاطبهم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" وهم قد نصروه فكان حقاً عليه نصر المؤمنين.
"النصرُ الإلهيTHE DIVINE VICTORY"، حيث يعلمُ العارفون أنَّ الإصبع على الزناد في ساحات الكرامة إنّما يكون جبروتُ قوته في "وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ" وكذا في "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ".
نعم، إنَّهُ كما كل انتصار لهذه الفئة الغالبة هو انتصار إلهي والذي أجملُ ما فيه أنّ الباحثون عند شفاه صغيرهم وكبيرهم وبل في وصايا شهيدهم لم يجدوا كلمة " أنا" وإنَّما " هذا من فضل ربي". هناك تحت تلك الستارة قامت كل عدسات التصوير تتقصى مشهداً لأنانيةٍ ما في عبارات الجموع العائدة على طول مساحات الصمود فكان الجوابُ ابتسامة ودعاء لسيدهم.
وآهٍ وألفُ آه من رجل خاطبهُ شعبهُ يا سيدنا فأجابهم "أنتم السادة"، ونادوه يا قائدنا فأجابهم " أنتم القادة"، حيث قام واعتلى المنبر في يوم النصر العظيم ليُجدد القول الراسخ إنَّما النصرُ هذا هو من عند الله العزيز الحكيم./انتهى/
(*) إعلامية ومنتجة ومخرجة أفلام وثائقية
تعليقك