وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: هي ثورة انطلقت من تعاليم ومبادىء الإسلام المحمدي الاصيل، اعتنقت نهج مواجهة الظلم والطغيان والفساد والتبعية الحاكم آنذاك والمهيمن عليه نظام الشاه الذي جعل ثروات الشعب الإيراني الطبيعية والمعنوية والمادية بيد الهيمنة الاميركية واعوانها من الصهاينة وغيرهم، فأتت هذه الثورة المباركة لتفجر ارادة شعب تواق للحرية بقيادة قائد فذ لا مثيل له في التاريخ روح الله الموسوي الخميني (قده)، قائدٌ ربّاني وصفه الإعلامي الراحل (حسنين هيكل) بأنه طلقة انطلقت من القرن السابع واستقرت في قلب القرن الواحد والعشرون.
وحول الهيمنة الاميركية على نظام الشاه واسقاطه على يد الثورة الإسلامية العظيمة، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، لقاء صحفي مع معالي الوزير"د.طراد حمادة"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
وصول مفجر الثورة الاسلامية في ايران الى مطار مهراباد في الاول من فبراير 79 زلزل ما تبقى من قوة الشاه الديكتاتور، واعاد خلط اوراق في حسابات الهيمنة الاميركية على ايران والمنطقة.. لماذا عجزت الاجهزة العسكرية والامنية القوية والمخلصة للنظام من منع وصول الامام (ره) او حتى اعتقاله او اغتياله وهي لم تتورع عن ارتكاب المجازر ابان ايام الثورة؟
حينما قرر الامام الخميني العودة من باريس حيث أقام لفترة قصيرة من رحلة نفيه الطويلة إلى وطنه ايران في الاول من فبراير. كان حدسا حكيما في اتخاذ قرار في لحظة تاريخيّة مناسبة وكان تعبيرا صادقا عن مسائل عدة منها: ثقته بنصر الله سبحانه وتعالى وحفظه ورعايته وان الأمر لله من سلامته الشخصية وإخوانه إلى سلامة رحلته وعودته. وانتصار ثورته هو بيد الله الذي وعد عباده الصادقين بالنصر، وكان واثقا من صحة خطه ومنهجه وصلاحية هذا الخط والمنهج في ادارة ثورة إسلامية مباركة ضد حكم طاغيةً تابع ظالم جائر. وان الاعداد لهذه الثورة قد بلغ مرحلة التحول والحركة للنصر على نظام الشاه. لقد حان وقت قطاف ثمار هذه الثروة التي نضجت في نضال السنوات الطوال والصعبة والتضحيات الكبرى. وان النظام بلغ مرحلة نهايته وقد نشبت فيه كل اثار الفساد والانهيار وصار ضعيفا وخائفا وعاجزا.
صحيح ان هذا النظام الشاهنشاهي يستند إلى قوات مصلحة والى قوى امنية واستخبارات واعوان من الفاسدين وجلاوزة الظالمين لكنه كان على صراع قوي مع كل قطاعات الشعب الإيراني في كل مناطق البلاد من العاصمة طهران الى المدن الكبرى والبلدات في جميع المحافظات، وكانت توجد قوى شعبية عارفة تنتظر قدوم الامام حتى تنصره على الشاه وتحدث الثروة الإسلامية الكبري بقيادة الامام الخميني قده...كان يتعقد بقوة وعدل وصلاحية علاقة الامام بالامة. وان هذه العلاقة اقوى وأشد من كل اجهزة أنظمة الاستبداد المدعومة من أنظمة الاستكبار في عالم كان يتوق إلى الحرية والعدالة، الثقة بنصر الله سبحانه و اختيار اللحظة التاريخية للعودة، والثقة بدعم الشعب الإيراني. وانهيار قوى النظام الشاهنشاهي وتعلق الامة بقيادة الامام، كان يوجب حضوره في وطنه وبين شعبه المشتاق إلى هذا الحضور وهذه القيادة. ولذلك اتخذ قرار العودة وكان مطمئنا واثقا هادئا بصيرا عارفا مؤمنا ثابتا على الحق وعبر عن ذلك كل من رافقه في رحلته وشاهد احواله فيما ذكرت من صفات يتسم فيها العارف العالم والقائد الشجاع الحكيم.
كيف استطاع الامام الخميني ان ينتصر على نظام دكتاتوري، تحميه قوة اميركية عسكرية وامنية تسيطر بشكل مطلق على مفاصل حكومة الشاه وقدرت بمئات الاف العسكريين والامنيين الاميركيين؟ وهل ترون ان انتصار الثورة الاسلامية شكل نموذجا شجع الشعوب الاسلامية على تحدي الارادة الاميركية وكسر هيبتها العسكرية في اكثر من دولة ؟
كان نظام الشاه في إيران نظاما استبداديا تابعا لقوى الاستكبار العالمي التي قدمت له كل عناصر تمتين سلطته على الشعب الإيراني وعلى دول الجوار. كان جزء من النظام الاقليمي المعتمد من قبل اميركا والغرب في منطقة الشرق المتوسط وغرب اسيا ..وظن نفسه في موقع قوة دائم يحميه من ثورة الشعب الإيراني المسلم...
كانت المواجهة بين هذا النظام والتيار الإسلامي الأصيل بقيادة الامام الخميني (قده) تقوم على قاعدة خلع النظام او قمع الثورة في معنى انها مواجهة غير قابلة للتسويات وهذا ما ذهب اليه الامام في الاعداد لخطة إسقاط النظام وعدم قبول اي نوع من التسويات معه او اعتبار لمحاولات قوى وسطية كانت تذهب إلى شكل من أشكال التعايش مع النظام الشاهنشاهي تحت مسميات عدة ....الامام الخميني (قده) كان حاسما في امر إسقاط النظام، وكان يدرك ان ذاك امر متحقق بنصر الله وقوة الشعب الإيراني المسلم.
ولذلك قاد من منفاه وبسنوات عديدة حركة الثورة الإسلامية في وجه نظام ظالم ...كان الامام يعرف عناصر قوة النظام المدعوم من اميريكا والغرب كما يعرف عناصر ضعفه. وان الظلم لا يدوم وان العدل من اساس استقرار الدول وان الشعب هو القوة التي لا تقهر حين تجد من يوجّه وينظم ويعمل في حكمة وبصيرة وثبات وشجاعة وايمان بتحقيق الاهداف. ولذلك لم يهتم لعناصر قوة النظام لانه عمل على تفكيكها وعلى إسقاط عناصرها تباعا، حتى كان له في نهاية المطاف الانتصار الالهي العظيم وقيام نظام الجمهورية الاسلامية المباركة.
منذ انتصار الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني رضوان الله عليه، والجمهورية الاسلامية في مواجهة يومية مع الولايات المتحدة واطراف الامبريالية المتصهينة.. ولم تترك تلك الامبريالية اي نوع من الحروب والتآمر الا ومارسته ضد هذه الجمهورية الوليدة.. ما سر هذا العداء الغربي لايران الاسلامية وهل فشلت الامبريالية في احتواء الثورة او حتى اسقاطها الاسلامية كما فعلت مع العديد من الحركات الوطنية؟
كان نظام الشاه البائد حليفا اقليميا لاميركا واتباعها ومنفذا لسياساتها ومصالحها في المنطقة. حول قوة ايران في الاستراتيجية الدولية من موقعها الجغرافي إلى تاريخها العريق، وحيوية شعبها وثرواتها الطبيعية لصالح الساسياسات الإمبريالية الاميركية. في مرحلة كان العالم يشهد صراعا عنيفا بين القوى الدولية فيما عرف بفترة الحرب الباردة بعد انقسامه إلى معسكرين اثر الحرب العالمية الثانية ...
نظام الشاه كان حليف اميركا. ولذلك كان سقوطه بعد قيام الثورة الإسلامية المباركة مدويا وخسارة كبرى للنظام الرأسمالي والاستكبار العالمي ... وعليه فقد وضعت أميركا الثروة الإسلامية في خانة اعدائها وعملت كل ما تسطيع لمحاربتها وإسقاطها.
من الحصار إلى الحرب المفروضة، حرب اقتصادية، ثقافية. سياسية. أمنية وعسكرية بواسطة نظام صدام حسين التابع لها والمؤيد من حلفائها في المنطقة.
الحرب المفروضة كانت بخطة أميركية نفذها صدام حسين وانتهت بعدوان أميركي على ايران، وعمل حلفاء اميركا في المنطقة كل ما في وسعهم لمحاربة النظام الإسلامي الإيراني الجديد ...
حققت الجمهورية الإسلامية نهضتها الكبرى وخرجت منتصرة من كل الحروب التي واجهتها. من الحرب المفروضة ومن حرب الاقتصاد والثقافة. والحرب الامنية والحرب الناعمة. ومواجهة الارهاب وحروب العدو الصهيوني المحتل لفلسطين والقدس في فلسطين ولبنان. وفي سوريا وكذلك العدوان على اليمن.
انقلب العالم وسقط المعسكر الاشتراكي، وقام نظام دولي جديد. لكن ايران كانت القوى الإقليمية الإسلامية الكبرى التي واجهت النظام الدولي الجديد. ووقفت في وجه سيطرة اميركا على العالم...
وما يحصل اليوم هو استمرار هذه الحرب في أشكال عدة. وسوف تكون نهايتها خروج اميركا من غرب اسيا. وقيام نظام اقليمي إسلامي يساهم من موقع القوة في ادارة شؤون العالم المعاصر.
إيران واجهت الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية وارهابهما دون دعم خارجي تقريبا، بل بقواها الذاتية وبناء على شعارها لا شرقية ولا غربية.. فكيف استطاعت ذلك وما هي عوامل القوة التي اظهرتها، وما هي الحكمة التي يمكن استخلاصها من هذه المواجهة التاريخية؟ والانتصارات التي حققتها الجمهورية الاسلامية حتى الان؟
في مواجهة هذه الحرب الاميركية الأمبريالية على الجمهورية الإسلامية استندت إيران بعد الله إلى قواها الذاتية. وعناصر هذه القوة عديدة. واستطاعت ان تضاعف قوتها في عملية متصاعدة لمواجهة هذه الحرب المتعددة الأشكال
والمستويات. وكانت قادرة على اقامة علاقات اقليمية ودولية خارقة للحصار من حولها. حتى صارت قائدة لمحور المقاومة في المنطقة في مواجهة الاحتلال الصهيوني والنفوذ الاميركي..
حققت انتصارا كبير عسكريا ومعنويا في الحرب المفروضة من نظام صدام حسين العدواني والاستبدادي.
واجهت الاحتلال الصهيوني في فلسطين ولبنان. ودعمت المقاومة الفلسطينية واللبنانية، حتى تم تحرير لبنان، ودعمت المقاومة الإسلامية في فلسطين وواجهت الحرب الاميركية على افغانستان وعلى العراق
حتى طردت اميركا من هذين البلدين الإسلاميين الأساسيين بالنسبة للاستراتيجية الإيرانية... واستطاعت من مواجهة الحرب الارهابية التكفيرية. في كل من سوريا والعراق ولبنان
وخرجت منتصرة بجهود البطل القومي الإيراني والإسلامي المقاوم الشهيد قاسم سليماني، واجهت إيران الحرب الثقافية والتكنولوجية والحرب الناعمة، والحصار الاقتصادي واستطاعت ان تطور قوتها في الصناعة والتجارة، والعلوم والتكنولوجيا ...
أدارت بحنكة وحكمة سياسة علاقات دولية كبرى واقامت تحالفات وصلات دبلوماسية ديناميكية فعالة...
استطاعت ان تجعل من نظام ولاية الفقية الإسلامي نموذجا لنظام إسلامي عالمي يقوم على بناء العدالة والقيم الالهية في هذا العالم ...
ايران الان دولة الإسلام في عالم يحتاج إلى ادارة نظام جديد. يحقق العدالة والامن والامان الدوليين والتعاون والتعارف بين الشعوب والامم ... وايران القوة المرشحة لتكون هذا النموذج الحضاري الجديد ....
انه نموذج التمهيد لاقامة دولة القسط والعدل الالهية لصاحب العصر والزمان عج .
حفظ الله ايران وشعبها قوة للحق والخير فيه عالم يتوق إلى الخلاص من هيمنة أنظمة الجور والاستبداد.
/انتهى/
تعليقك