وكالة مهر للأنباء: خلال هذه الأشهر التسعة، كرّس ترامب جلّ وقته تقريبًا لهذه القضايا الثلاث، مركزًا على إحداها بالتناوب في كل مرة؛ لكنه، على الأقل في الساحة الإعلامية، لم يُركّز على القضايا الثلاث في آنٍ واحد. أحيانًا، سلّط الضوء على قضية إيران والمفاوضات معها لعدة أسابيع أو حتى شهر كامل، وأحيانًا أخرى على الحرب في أوكرانيا واحتمال التوصل إلى اتفاق مع روسيا، وأحيانًا أخرى على قضية غزة.
ومن اللافت للنظر أنه في كل مرة، عشية بدء المفاوضات، ومع التركيز على كل قضية من القضايا الثلاث المذكورة آنفًا، تحدث بحماس واشتیاق خاص عن الاتفاق الوشيك في خطابه الإعلامي؛ لدرجة أنه ضلل المحللين والمراقبين مرارًا وتكرارًا. في الواقع، لو كان الأمر متروكًا لأقوال ترامب وتوقعاته، لانتهت حرب غزة، وحرب أوكرانيا، والصراع مع إيران خلال الشهر أو الشهرين الأولين من رئاسته، ولتم التوصل إلى اتفاقات بشأن هذه الملفات الثلاث.
والآن عاد ترامب إلى غزة مجددًا، وبرزت هذه القضية إلى الواجهة بعد الجمود في قضيتي إيران وأوكرانيا، اللتين تصدرتا أخبار العالم بتفاؤل كبير كموضوع جاهز للاتفاق.
وفيما يتعلق بقضية حرب غزة، قدّم ترامب مؤخرًا خطةً بعد لقائه قادة ومسؤولين من ثماني دول عربية وإسلامية. ورغم أنه لم يُطبّق في النهاية اعتبارات هذه الدول، وتمكّن نتنياهو من تعديلها كما يشاء، إلا أنه نجح في خلق موجة إعلامية عالمية مؤيدة لخطته، ووجّه الأنظار نحو حماس، وضغط عليها بشدة لقبولها.
كما أعادت حماس الكرة إلى ملعب ترامب ونتنياهو قبل يومين بموافقتها المشروطة. رحب ترامب برد حماس، وقد وفّر سلوك الرئيس الأمريكي، والقبول الإقليمي والدولي الواسع لهذا الرد، طوق نجاة لحماس، إلى حد ما، لتفادي هذا الضغط العالمي الهائل؛ في حين لم يحدث شيء مميز حتى الآن، ولم يتم التوصل إلى اتفاق.
في جوهره، قدّم ترامب خطته المبهمة، وتحدث عن ضرورة التوصل إلى اتفاق غير مشروط معها، كما لو أنه لم يعد هناك مجال للتفاوض والمساومة. مع ذلك، أكدت حماس في ردها على تفاصيل المفاوضات المفاوضات التي تبدأ هذا المساء في مصر. وبعد خيبة أمل ترامب من الاتفاق مع روسيا وإيران، يأمل ترامب في التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس بحلول العاشر من أكتوبر/تشرين الأول لاختبار فرصه في الفوز بجائزة نوبل للسلام.
تتجه الأنظار الآن إلى شرم الشيخ في مصر. ولكن على الرغم من الفرصة الجادة للاتفاق والتفاؤل، فإن سلوك ترامب خلال هذه الأشهر التسعة على الأقل يُنبئنا بأنه لا ينبغي الحديث عن الأمر بيقين قبل التوصل إلى اتفاق.
الحقيقة هي أن هناك العديد من التحديات الجسيمة التي تواجه محادثات شرم الشيخ، ولكن عمومًا، ستعتمد نتائجها على استعداد ترامب للضغط بقوة، من وراء الكواليس، على نتنياهو لقبول إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، وتحديد جدول زمني محدد لذلك.
إن تتوقع إسرائيل أن يقوم حماس بتحقيق ما جاء في الخطة وتحديدًا إطلاق سراح الرهائن دون الانسحاب من غزة ووقف الحرب، فإن هذه الخطة والمحادثات ستصلان أيضًا إلى طريق مسدود. وإلا، فالتوصل إلى اتفاق ممكن.
إذا انتهت محادثات شرم الشيخ باتفاق قائم على وقف هذه الحرب والإبادة الجماعية، وليس مجرد إطلاق سراح الرهائن، فمن جهة، سيحظى سرد ترامب لإنهاء الحروب بدعم عملي لأول مرة، ومن جهة أخرى، قد يمنحه هذا الحدث حافزًا جديدًا وقويًا لاستئناف تحركاته بشأن قضيتي إيران وأوكرانيا.
/انتهى/
تعليقك