وجاء في المقال: لقد ثبت واتضح منذ أواخر السبعينيات انه بدلاً من ان تأتي استعادة مصر لأرض سيناء، في مقابل أداء الجيش المصري في «حرب اكتوبر»، فإن الإدارة السياسية الكارثية لأنور السادات لهذا الأداء، أدت إلى نجاح إسرائيل في ان تفرض ثمناً أكثر فداحة لإعادة سيناء، هو خروج مصر نهائياً من الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وحتى هذا الثمن لم يكن كافياً لإعادة سيناء مكتملة السيادة الوطنية.
واضاف الكاتب: بعد تولي حسني مبارك دفة الحكم في مصر، على أثر اغتيال أنور السادات. فبعدما نفذت إسرائيل إعادة سيناء منقوصة السيادة الوطنية لمصر بأيام، استدارت قوات الاحتلال الإسرائيلي لغزو لبنان، حتى وصلت إلى مشارف عاصمته بيروت، ولم تتأخر عن احتلال العاصمة، بعدما نجح الاتفاق السياسي المفروض، في إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان ونفيها إلى تونس. كانت تلك أولى الثمرات الكبيرة لخروج مصر من إطار الصراع: احتلال عاصمة عربية هي بيروت، ونفي المقاومة الفلسطينية إلى تونس، بعيداً عن الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واردف : أما الثمرة الثانية فقد جاءت بعد ذلك بعشر سنوات، عندما سجلت إدارة المقاومة الفلسطينية المنفيّة تراجعها التاريخي في الصراع، مقلّدة قيادة أنور السادات، فأنجزت دخولها الكامل في مرحلة «كامب دافيد» الساداتية، بتوقيع اتفاقيات «أوسلو».
ولم تكن هاتان الثمرتان المُرّتان نهاية المطاف، فقد أمعن نظام حسني مبارك في التماهي مع فلسفة «كامب دافيد» الساداتية، إلى درجة حوّل معها نظامه في مصر، إلى «كنز استراتيجي لإسرائيل» (على حد تعبيرها)، بالإمعان في التكامل مع الاغتصاب الصهيوني لفلسطين، وتزويده بثروة مصر الوطنية من الغاز، بأبخس الأثمان.
وتابع انها كانت الثمرة الثالثة لخروج مصر من أداء دورها في الصراع العربي - الإسرائيلي لافتا الي الثمرة الرابعة والأكثر مرارة، فهي التي أكملت فيها مجموعة الأنظمة الرسمية العربية تفاهمها المباشر وغير المباشر مع المشروع الصهيوني في فلسطين (تقليداً للسادات)، بإقامة علاقات مع هذا الكيان بعضها علنيّ وبعضها سريّ وكل ذلك كان يجري من دون أي دور عربي في فرض الحل التاريخي العادل لقضية فلسطين، بإزالة آثار الجريمة التي ارتكبها التحالف الصهيوني ـ الاستعماري في العام 1948، فجاءت المبادرة العربية في العام 2002، تزور التاريخ لمصلحة المشروع الصهيوني وتحدّد حرب 1967، بداية للنزاع العربي ـ الإسرائيلي، وتضع بالتالي مشـروعها للحل، بناء على هذا التزوير للتاريخ.
و اشار الى ان انسحاب مصر من أداء دورها التاريخي في الصراع، وهو دور الدولة المركزية في قلب الوطن العربي، إلى إشاعة مزيد من عمليات الاستسلام بين الأنظمة الرسمية العربية، حتى أصبحت هذه الأنظمة معرضة للتفكك من جهة، وأصبحت من جهة ثانية أعجز من أن تفرض على الكيان الصهيوني المبادرة العربية التي زوّرت تاريخ الصراع لمصلحة إسرائيل.
و قال في ختام المقال إن أفدح نتائج الحرب العربية يحصل في اليمن حيث جاءت هذه الحرب لتكشف مرة واحدة كل هذه التراجعات العربية التي تأسست على قرار السادات بإلغاء دور مصر في الصراع العربي - الإسرائيلي، فيما تذهب مصر إلى الابتعاد أكثر فأكثر عن أداء هذا الدور، وتصبح الأخطار أكثر إحاطة بمصير فلسطين، بل بالمصير العربي كله./انتهي/
نشرت صحيفة "السفير" اللبنانية مقالا بقلم الياس سحاب تطرق فيه الى الدور المصري في العالم العربي مشيرا الي ابتعاد مصر عن استرجاع أداء دورها كاملاً في الصراع العربي ـ الإسرائيلي ما ادى الى غموض مصير فلسطين ونجاح المشروع الصهيوني في المنطقة.
رمز الخبر 1853647
تعليقك