وقال الدكتور جواد ميري في تصريح لوكالة مهر للانباء ان جماعة "بوكو حرام" الارهابية مجموعة متطرفة ظهرت في نيجيريا وتقوم باعمال ارهابية في البلد مشددة على تحريم التعاليم والقيم الغربية وتعطيل المدارس.
واشار ميري الى ضرورة دراسة البيئة الحاضنة لهذه الجماعة المتطرفة والظروف التي ساهمت في ظهورها موضحا ان هناك علاقات بين "بوكوحرام" والتنظيمات التكفيرية والارهابية الاخرى في انحاء العالم لاسيما التيارات السلفية والوهابية وداعميها في السعودية.
وحول القواسم المشتركة بين المجموعات الارهابية والتكفيرية قال: يبدو ان جذور المجموعات التكفيرية تعود الى النزعة الوهابية ولاسيما افكار ابن تيمية باعتباره المؤسس الرئيسي للفقه السلفي.
واكد الخبير الايراني في الشؤون الاقليمية تاثير الجغرافيا السياسي على مسار الجماعات المتطرفة حيث تواجد الاستعمارين القديم والجديد في القارة السمراء قد أثر على الثقافة المحلية ومهد السبيل لتصاعد الحركات المتطرفة من خلال اضعاف المؤسسات الاجتماعية التقليدية وتصدير القيم الغربية التي لا تتناغم مع قيم المجتمع النيجيري.
وفيما يتعلق بنمو وظهور ديكتاتوريات وحكومات استبدادية شديدة والحروب الداخلية في الدول الافريقية اوضح: اذا كنا نبحث عن السبب فيمكن القول ان تجربة وجود مؤسسات حكومية قد كانت زائلة لمدة مئتي عام في هذه الدول وبسبب هذا الفراغ فإن البنى التحتية للحكومة – الشعب وللحكومة كانت قد ازيلت بشكل يتعذر فيه اعادة بناء هذه البنى التحتية خلال ۱۰ أو ۲۰ سنة وان الاشخاص والسياسيين الذين يعتبرون من المثقفين في افريقيا يتجهون نحو الدكتاتورية والاستبداد في هذه الاجواء، ويمكن الاشارة مثلا الى روبرت موغابي الذي كان من كبار الشخصيات التي قادت حراكا ضد العنصرية والاستعمار لكنه تحول الى احد دكتاتوريي افريقيا .
وتابع: هكذا يمكنكم ان تشاهدوا كيف هذه القارة الغنية جدا والتي تعتبر ممرا للطاقة ايضا شهدت نموا وظهورا للحروب الداخلية حيث نشاهد اليوم ينشط المسلحون الذين نسميهم بالارهابيين في شتى مناطق هذه القارة .
واردف: ان نيجيريا احد اكبر البلدان الافريقية التي يقطنها ۱۷۰ مليون نسمة ونصف هؤلاء هم من المسلمين وهم يعيشون في شمال وغرب نيجيريا ونصفهم الآخر هم مسيحيون ويعيشون في مركز وجنوب نيجيريا ، ويعتبر ۶۰ بالمئة من سكان نيجيريا من الفلاحين وقد ظهرت جماعة بوكوحرام الارهابية في التسعينيات من القرن الماضي في هذا البلد .
وردا على سؤال حول مؤسس بوكو حرام و اهدافه من تشكيل هذه الجماعة المتطرفة قال ميري: يقال ان شخصا كان اسمه محمد يوسف قام في التسعينيات من القرن الماضي بتشكيل مجموعة مؤلفة من الشباب النيجيريين وقد سميت هذه المجموعة بـ "الشباب" وقاد هذه المجموعة في البداية شخص اسمه "ملام لاوا" الذي كان باحثا دينيا ومن ثم ترك هذا الشخص مجموعة الشباب بذريعة متابعة الدروس الدينية والبحوث وترك القيادة لشخص اسمه "محمد يوسف" .
ورأي الباحث الايراني: من المهم ان تعرفوا اين تتلمذ محمد يوسف لأن نمط دراسته وماضيه التنظيمي له علاقة بالسعودية ، ان محمد يوسف درس في السعودية في مكة المكرمة والمدينة المنورة في المدارس الدينية وقد تعرف على افكار ابن تيمية هناك .
واضاف ان احدى العقائد الرئيسية لبوكو حرام والجماعة التي يقودها محمد يوسف هو ان جميع مشاكل نيجيريا هو من المناهج التعليمية الغربية وقد عارض محمد يوسف العلوم الغربية بذرائع مختلفة ، ان بوكو حرام يعني الكتاب حرام وان الكتاب يعني هنا المناهج والعلوم الغربية .
وتابع ان محمد يوسف كان يقول ببساطة ان العلوم الغربية هي محرمة مشيرا الى ان سبب هذا التفكر هو المشكلة السائدة لدى العلماء والمفكرين في العالم الاسلامي والذي اشار اليه الدكتور صادق آئينه وند وهو عدم جعل الفهم الديني عصريا او العراقيل الموجودة امام فهم الدين بشكل عصري.
واعتبر جواد ميري ان هذا من اكبر العراقيل واذا اردنا تفسير ظاهرة "بوكو حرام" يجب ان نعرف بأن مسألة الحداثة ومواجهة المفاهيم الحديثة تواجه مشاكل كبيرة في افريقيا وان احد اهم اسباب هذه القضية هو ان مسألة الاجتهاد ومواجهة القضايا المستحدثة بوسائل ومناهج حديثة يعتبر امرا معيبا.
واكد على ان اكبر العراقيل والمشاكل امام تقدم العالم الاسلامي هو عدم الفهم العصري عن الدين وهذا يعني ان الاجتهاد وفهم الدين حسب ما يقتضيه الزمان يعتبر امرا مذموما وان "الشباب" و"بوكو حرام" وابن تيمية هم امثلة واضحة لهذا النوع من الفكر في العالم الاسلامي والذي لايريد مواجهة القضايا المستحدثة ولايعترف بشرعية القضايا المستحدثة المتعلقة بالحياة الانسانية بل يريد حذف هذه القضايا حتى من الاذهان ولهذا السبب فإن قيام الجماعات التكفيرية بارتكاب الجرائم والعنف ليس امرا عارضا لانهم يعتقدون بضرورة محو القضايا المستحدثة من افعال البشر وحتى من أذهانهم وهذا ما يجب الانتباه اليه .
ولفت الى ان الفكر السلفي لايريد مواجهة القضايا المستحدثة بل يريد حذف هذه القضايا ، ان محمد يوسف كان من القادة الرئيسيين والمؤسسين ل"بوكو حرام" وكان يعتقد بصراحة ان المنهج التعليمي الغربي المتبع في نيجيريا هو سبب جميع المشاكل في البلاد مبينا انه قد اختار اسم "بوكو حرام" للجماعة التي تتبعه ليقول ان الاسلام يحرم المنهج التعليمي الغربي ولذلك قام مثلا بنفي نظرية داروين للتكامل ونفى ايضا كروية الأرض وعارض تلقيح الاطفال ضد مرض شلل الاطفال وحرم الاستفادة من الادوات الغربية وحتى خوذة الأمان لراكبي الدراجات النارية وكان يعتقد بضرورة محاربة هذا الامور ، ويمكن ان تبدو هذ الامور سخيفة لكن جذور هذه النظرة تعود الى النظرة الوهابية تجاه القضايا المستحدثة.
تعليقك