اجرى موفدا وكالة مهر للأنباء الى بيروت محمد قادري وحنيف غفاري , حوارا مع سفير الجمهورية الاسلامية الايرانية محمد فتحعلي تناولت الاوضاع الاقليمية ومحاربة الارهاب والازمة السورية وكارثة منى.
وحول تقييمه للاوضاع الاقليمية الراهنة وتصدي محور المقاومة للتكفيريين في سوريا ولبنان وقصف روسيا للجماعات الارهابية في سوريا , اوضح السفير فتحعلي انه يجب الاخذ بنظر الاعتبار تاريخ التطورات في المنطقة من جهة ومن جهة اخرى اللاعبين والعناصر المؤثرة في المنطقة , للخروج بتحليل صائب وعدم صياغة الاستراتيجيات الخاطئة.
واوضح السفير الايراني في بيروت ان منطقة غرب آسيا وخاصة بلاد الشام شهدت خلال القرن الماضي تطورات سياسية ناجمة عن تدخل القوى الكبرى المعادية للاسلام وشعوب المنطقة من جهة , وضعف وانهزامية المسؤولين في بعض الدول من جهة اخرى وبالتالي ادى الى احتلال الاراضي الفلسطينية وتأسيس الكيان الصهيوني اللقيط وتشريد الفلسطينيين وتقسيم دول المنطقة ونهب ثروات شعوبها.
واشار الى تدخل ودور القوى الاجنبية مازال مستمرا في المنطقة لحد الآن , وان امريكا تخطط منذ عقدين لاقامة مايسمى بالشرق الاوسط الكبير او الجديد لضمان أمن الكيان الصهيوني , وللاسف فان بعض الدول تعمل في هذا الاطار سواء بشكل متعمد او غير متعمد , ومن خلال هذه النظرة يمكن اعتبار الاحداث المريرة في سوريا والعراق وظهور التكفيريين اجزاء هذا المخطط الكبير المرسوم للمنطقة.
واعتبر السفير فتحعلي ان المنطقة تمر بمنعطف تاريخي , وان مختلف القوى تسعى الى رسم مسار هذه التطورات على اساس مصالحها , لذا نشاهد ظهور تكتلات جديدة في المنطقة.
ولفت الى ان سوريا تعتبر اهم دولة في محور المقاومة الى جانب حزب الله وايران والعراق وروسيا وتشكل اهم جبهة على اساس فهم مشترك لاوضاع المنطقة وادراكهم للمخطط الخطير المرسوم للمنطقة , كما ان السعودية وقطر وتركيا الى جانب امريكا واسرائيل وبعض الدول الاوروبية تشكل محور الطرف الآخر.
وحول رأيه بعدم انتخاب رئيس جديد للبنان في ضوء الخلافات العميقة بين الفرقاء السياسيين , قال السفير فتحعلي : ان لبنان بلد تتعايش فيه مكونات واديان مختلفة منذ قرون متمادية , وهذه الخاصية ادت الى ان يكون لبنان انموذجا للتعايش السلمي بين مختلف الطوائف والجماعات , لكن في نفس الوقت فان هذا الوضع ادى الى تحميل لبنان عدة مشاكل , فمثلما نرى اليوم بعض المشاكل في مجال تقديم الخدمات ومن بينها قله التجهيز بالطاقة الكهربائية او مشكلة تراكم النفايات او قضايا رئيسية ومهمة مثل انتخاب رئيس الجمهورية.
وحول مدى نفوذ خطاب المقاومة الذي يرفع رايته حزب الله بين الاوساط والقوى السياسية اللبنانية , اكد السفير الايراني في بيروت , ان المقاومة اصبحت واقعا لايمكن انكاره في حياة شعوب المنطقة بالرغم المحاولات التي تبذل لتطبيع العلقاات مع الكيان الصهيوني , لان موضوع الاحتلال وتهديدات الكيان الصهيوني مازالت راسخة في اذهان الشعوب السملمة بالمنطقة.
واوضح ان المقاومة كالبركان من الممكن ان يثور في اي لحظة , لذا فان امريكا وحلفائها يسعون الى اخمادها او تأخيرها , ونرى ان اي انتفاضة ضد الكيان الصهيوني تصبح اقوى من السابقة , ولهذا السبب فان امريكا والكيان الصهيوني وحلفائهما الاقليميين لم يكن امامهم سوى اشعال الحرب في سوريا ونشر الجماعات التكفيرية لالهاء شعوب المنطقة.
وتابع قائلا : ومن بين جماعات المقاومة , فان حزب الله يقوم بدور بارز لانه تشكل من بين الطائفة الشيعية وعلى اساس تعاليم الاسلام الاصيل , ولو ان حزب الله يعتبر جماعة شيعية , ولكنه اليوم وبسبب نهجه النشط والمبدئي في التصدي لاعتداءات الكيان الصهيوني ونجاحه في في تحرير الاراضي اللبنانية المحتلة , وتنسيقه مع الجيش اللبناني في المحافظة على وحدة اراضي لبنان , وكذلك تعاطيه السياسي الايجابي مع باقي الجماعات القومية والسياسية , وحرصه على المصالح الوطنية , فقد اكسبه ذلك شعبية في اوساط سائر الطوائف وخاصة المسيحيين , وفي الفترة الاخيرة ايضا فان نشاط حزب الله للحيلولة دون اتساع نطاق الازمة السورية ونشر الارهاب في لبنان , امر يحظى بالاهتمام من قبل معظم الاطراف في داخل لبنان وحتى الدبلوماسيين الاجانب.
وحول دور النظام السعودي في اثارة الازمات في المنطقة , وتنصله من تحمل مسؤولية كارثة منى وعدم احترامه للضحايا مما ادى الى رد فعل قائد الثورة الاسلامية وبالتالي اتخاذ السعودية اجراء عاجلا بهذا الشأن , اكد السفير فتحعلي , ان مواقف وخطابات قائد الثورة الاسلامية حول كارثة منى منذ نشر خبر هذه الحادثة كانت لها اصداء غير مسبوقة على صعيد العالم الاسلامي , فأعلان سماحته الحداد العام لثلاثة ايام قبل الكشف عن ابعاد الكارثة تدل على رؤية القائد الواسعة تجاه القضية , وحساسية قائد النظام الاسلامي تجاه الرعايا الايرانيين واهمية ارواح المسلمين وتعظيم الشعائر الاسلامية.
ولفت السفير فتحعلي الى ان مايحظى بالاهمية ويجب ان يكون مبعث اافتخار كل ايران , هو اهتمام قائد الثورة الاسلامية بارواح وكرامة جميع الايرانيين والتي لايمكن غض النظر عنها في اية ظروف , بل اكثر من ذلك فان النظام الاسلامي لايطيق ادنى اساءة الى رعاياه , وفي هذا المجال سيتخذ اي اجراء يراه مطلوبا.
وفيما يتعلق بشخصية السفير الايراني السابق في لبنان الدكتور غضنفر ركن آبادي واحد المفقودين في كارثة منى , باعتباره شخصية جهادية على صعيد المقاومة في لبنان ولديه شعبية واسعة بين مختلف الاطياف اللبنانية , قال السفير فتحعلي : ان الاخ العزيز السيد ركن آبادي مازال في عداد المفقودين في هذه الكارثة المؤلمة , فهو دبلوماسي محنك وصاحب خبرة في قضايا المنطقة , ونأمل بان يتم تحديد مصيره بأسرع وقت ممكن , وتبديد الهواجس , واللافت انه منذ نشر خبر فقدان الدبلوماسي ركن آبادي ولحد الآن , فان سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية مازالت تشهد مشاعر وعواطف المواطنين والمسؤولين اللبنانيين الذين مازالوا يعبرون عن قلقهم حيال مصير الدكتور ركن آبادي.
وحول تأثير الاتفاق النووي واسلوب المرونة البطولية على خطاب المقاومة في المنطقة , قال السفير الايراني في بيروت : لاحظنا قبل وبعد الاتفاق النووي ان الدول الغربية وحلفائهم من الدول العربية في المنطقة , يحاولون طرح قضايا المنطقة في اطار رزمة واحدة , حتى ان الكيان الصهيوني الذي كان يعارض الاتفاق النووي حاول بموازاة معارضته للمفاوضات وافشالها , ان يستغل موضوع المفاوضات في اطار اضعاف جبهة المقاومة.
وتابع قائلا : ان بعض الدول العربية سعت الى ربط قضايا المنطقة مع الموضوع النووي للتأثير على حلفائهم الغربيين بهدف عرقلة التوصل الى الاتفاق , او استغلال ذلك من اجل تحقيق مصالحهم في المنطقة , لذا حين اجراء المفاوضات وبعد الاتفاق النووي كانو يصرون على وجوب مناقشة القضايا الاقليمية بموازاة الموضوع النووي , وفي بعض الاحيان كانوا يصرون على تسوية قضايا المنطقة قبل الاتفاق النووي.
ولفت السفير فتحعلي انه منذ بداية المفاوضات النووية وفي ظل تدابير قائد الثورة الاسلامية , فانه لم يسمح ببحث باقي ملفات المنطقة مع الملف النووي , كما انه بعد حصول الاتفاق النووي سعت تلك الاطراف الى ربط القضايا الاقليمية مع المووضع النووي , حيث رأينا حملة دعائية واسعة حول تغيير موقف ايران من سوريا وجبهة المقاومة , لكن المواقف الحاسمة لرئيس الجمهورية حسن روحاني بشأن الازمة السورية , اكدت ان الاتفاق النووي لم يكن له تأثير على المواقف المبدئية للجمهورية الاسلامية الايرانية تجاه سوريا او المقاومة او باقي قضايا المنطقة.
كما اشار السفير فتحعلي الى ان وزير الخارجية الدكتور محمد جواد ظريف وخلال زيارته للبنان وسوريا والتي قام بها بعد عدة ايام على الاتفاق النووي , جدد بشكل واضح موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية في هذا المجال , مؤكدا ان الجمهورية الاسلامية الايرانية ملتزمة باستراتيجية دعم المقاومة , وان الاتفاق النووي لم يؤثر على سياسة ايران المبدئية./انتهى/
تعليقك