وكالة مهر للأنباء-فرزاد فرهادي: تعدّ مدينة الباب من المدن التّاريخيّة السّوريّة والتي يعود تاريخها إلى العهد الرّوماني، تبعد 28 كيلومتر عن حلب إلى الجهة الشماليّة الشّرقيّة ويبلغ سكّانها 300889 حسب إحصاء العام 2008، معظمهم من المسلمين السّنة إضافة إلى أقليّة كرديّة.
في أوائل الأزمة السّوريّة وبسبب ما كانت تنعم به المدينة من أمان، فقد لجأ إليها العديد من اللاجئين من باقي المدن المضطربة. وفي عام 2012 سيطرت المجموعات المسلّحة على المدينة وخرج الجيش السّوري منها، وفي أوائل العام 2014 وقعت هذه المدينة تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. وتفيد التقارير بأن تنظيم داعش قد أخلى المدينة من مقاتليه وانسحبوا باتجاه مدينة الرّقة السوريّة.
منذ تشرين الثّاني 2015 وعندما سيطر الجيش السوري على مطار كويرس على بعد 10 كيلومترات جنوب المدينة، تعرضت مواقع داعش داخل الباب إلى القصف ولكن لم يتقدم إليها الجيش العربي السّوري وحلفائه بسبب أولويّة إستعادة مدينة حلب وتركيز المجهود العسكري في مدينة حلب. اليوم وبعد التطورات الأخيرة فإن معركة الباب تحظى بأهميّة كبيرة لدى جميع الأطراف المتحاربة من تركيا وميليشياتها والأكراد والجيش السّوري وحلفائه.
عندما بدأت عمليّات "درع الفرات" الّتي أطلقها الجيش التّركي وميليشياته من الجيش السّوري الحرّ، سيطرت هذه القوى على مدينة جرابلس وتحركوا نحو الجنوب والغرب بهدف إقامة "منطقة آمنة" للاجئين حسب قول الرئيس التّركي رجب طيّب أردوغان، ومنذ ذلك الوقت كانت مدينة الباب هدف العمليّة العسكريّة التّركيّة المستقبليّة يليها مدينة منبج، وإلى ذلك فقد حركت قطعاتها العسكريّة من دبابات واستهدفت مقاتلاتها هذه المدينة.
وصل الجيش التّركي بتحرّكه العسكريّ نحو الباب إلى الخط الأحمر السّوري، فقد أوصل بعض الموفدون إلى أنقرة رسالة حذروا فيها أنقرة من الإقتراب نحو مدينة الباب. وعندما قصفت الطائرات التركيّة قرية تقع في ريف المدينة مما أدّى إلى سقوط الكثير من الضحايا أصدر الجيش السّوري بيانًا هدد فيه باستخدام القوّة لإسقاط الطائرات التّركيّة ولوقف تقدم مدرعاتها.
إثر ذلك دفع المسؤولين الأترك بمعركة ابو عمر سراقب في حلب لإشغال الجيش السّوري عن معركة الباب ويُسقط المعركة من حساباته نهائيّا، لكن جرت الرّياح بما لا تشتهيه سفن أنقرة وهُزم جيش الفتح على أسوار حلب، وعادت أوراق الجيش السّوري لتطرح بقوة على طاولة معركة الباب.
من الواضح إلى الآن أن معركة الباب لن تكون لقمة سائغة في في فم أنقرة وميليشياتها.ولا يمكن التّكهّن بتطورات المعارك هناك خصوصًا بعد اتهام أنقرة للجيش السّوري بشن هجمات على الجيش التّركي والّذي أوقع العديد من القتلى والجرحى في صفوف هذه القوّات.
على الرّغم من نفي دمشق لحادث الهجوم على القوات التّركيّة، إلى أنّ وقوع هذا الهجوم في الذكرى السّنوية لإسقاط المقاتلة الرّوسيّة هو أمر لافت يستدعي التأمّل.
بالإستناد إلى تقارير إعلاميّة فإن معركة الباب ستشهد أول تماس بين الجيش السّوري والجيش التّركي الّذي تعتبره دمشق محتلًّا منذ البدء بعمليّات درع الفرات، وسيكون على الأطراف المؤثرة في النّزاع السوري الوصول إلى تفاهما وإلّا فالتصادم العسكريّ.
يعتقد المحلّلون بأن الضوء الأخضر الرّوسي لم يعطى لأنقرة لدخول مدينة الباب، هذا ما أكّدته المحادثات الّتي جرت الشهر الماضي بين الطرفين. وبالنسبة إلى أميركا فإن الأمر مبهم بالنسبة لها حتّى الآن لسعيها إلىإرضاء الجانبين الكردي والتّركي.
تواجه تركيا الآن صعوبات في هذه المعركة خصوصًا لانسبة إلى تقدّم أكراد سوريا باتّجاه المدينة، كما تواجه الخط الأحمر السوري الذي وضعته دمشق لأنقرة. ما سيعتبر أنّه الأسوء بالنسبة لتركيا هو اتّحاد دمشق والأكراد في هذه المعركة والّذي تحدّثت عنه وسائل الإعلام بأن الجيش السوري والقوات الكردية قد سيطروا بالفعل على قرى تقع إلى الغرب من مدينة الباب ليصبحوا عل بعد أقلّ من 5 كيلومترات من المدينة.
تفيد مصادر قريبة من الجيش السّوري أن التّقدم نحو مدينة الباب هو لوقف التقدّم التّركي إلى هذه المدينة، وإفهام أردوغان أنّ هذه المعركة سوريّة. أمّا إذا تجرأ أردوغان أن يتخذ إجراءات ضد تقدم الجيش السّوري إلى المدينة ستسقط طائراته في كمين منظومات "اس 300" و "اس 400" وستكون قواته المدرعة هدفًا للمقاتلات الهجوميّة السّوريّة.، كما أنّه سيواجه ضغوطات داخليّة وخارجيّة كبيرة.
من النّاحية الأخرى لا بدّ أن نذكر أن مدينة الباب من المناطق المهمّة لتنظيم داعش شرقي حلب ولن تكون سهلة على أي من الأطراف الّتي تسعى إلى السيطرة عليها. لكنّ الواضح أيضًا أن الجيش السّوري لن يسمح لميليشيات تكية بالسيطرة عليها وبالتّالي التّعرض لمخاطر من نوع جديد.
على كل الأحوال يجب أن ننتظر تطورات الأيّام القادمة فيما خص معركة الباب الّتي ستكتب عنوانًا على صفحة دوليّة جديدة./انتهی/
تعليقك