وكالة مهر للأنباء- الدّكتورة سهام محمّد:
حقق الجيش العربي السوري و حلفائه النصر في حلب ، بفضل بذل الجهود و ارادة القتال و الصمود و ساعد على ذلك الامر رضوخ بعض اللاعبين الخارجيين الداعمين للمقاتلين في احياء حلب الشرقية للتوقف عن دعمهم و بالتالي قطع الطريق عن امكانية الامداد بالسلاح مما مهد للتفاوض بهذه السرعة لخروجهم من تلك المناطق في وقت قياسي. يفسرّ بعض المحللين السياسيين و المراقبين هذا الامر بالجهد الذي قامت به روسيا مؤخرا لقلب موقف دولة قطر رأسا على عقب بعد ان نجحت في جعلها حليفا اقتصاديا استراتيجيا لروسيا. و تجسد هذا الانعطاف المهم في بداية شهر كانون أول الجاري، من خلال بيع موسكو خمس حصتها من شركة روسنيف للدوحة. لابد من التذكير هنا ان روسنيف هي في الواقع جوهرة روسيا و هي اكبر شركة على مستوى العالم ايضا.
بانجازهما هذه الصفقة، التي بدت ظاهريا على أن الهدف منها تعويم العجز في الميزانية العامة، تمكن ايغور سيتشين وفلاديمير بوتين، من توحيد سياسات أكبر دولتين مصدرتين للغاز في العالم.
النتيجة التي تعنينا في هذه المرحلة هو التساؤل عن حقيقة تخلّي قطرعن مجاهديها على الرغم من احتضانها لمكتب الاتصال الدائم لقيادة حلف شمال الاطلسي منذ شهر ايار 2016 لتنسيق العمليات في سوريا.
امّا التطور الآخر الذي ساهم في تفعيل هذا الانتصار فقد كان واضحا على الساحة التركية. صحيح انّ تركيا، الدولة، لازالت عضواً في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، إلا أن رئيسها رجب طيب أردوغان ، على الصعيد الشخصي، أصبح خصماً لواشنطن. ولقد تأكّدت مرارا محاولات وكالة الاستخبارات المركزية ( سي.آي.ايه )، منذ الانتخابات النيابية عام 2015، اغتياله لأربع مرات متتالية، كانت آخر تلك المحاولات في 15 تموز الماضي.
أصبح ثابتا يوم بعد اليوم أن موسكو تحاول الاعتماد على أردوغان، لعزل تركيا عن الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنها عملية معقدة تتطلب وقتا، إلا أنها أثارت رعب تل أبيب، التي ( رجوعا الى تصريحات بعض سياسييها خاصة بعد عملية الاغتيال) أمرت باغتيال السفير أندريه كارلوف في أنقرة، جريمة باركتها على الفور صحيفة نيويورك ديلي نيوز، الصحيفة التي تحتل المرتبة الرابعة في الولايات المتحدة، والبوق الرسمي للوبي الصهيوني في الولايات المتّحدة.
قد تكون تل أبيب هي التي أمرت أيضا باطلاق النار، في نفس اليوم أيضا، على بيتر بولشيكوف، مدير مكتب أمريكا اللاتينية في وزارة الخارجية الروسية.
كما انّ حادثة محاصرة ضباط أجانب في أحد جيوب حلب الشرقية، يشكل تطورا آخر في الصراع، لكونهم أساساً رعايا بريطانيين، وأمريكان، وفرنسيين، وسعوديين، وأتراك. إن وجود عناصر أستخباراتيّة لحلف ناتو في حلب الشرقية، يؤكد ما قدمناه في تحاليل سابقة عن دور "المنسق" للمسلحين عبر مقر قيادة حلف الناتو (لاندكوم) في إزمير، بالرغم من أن مجلس الأطلسي، وهو الهيئة العليا لحلف ناتو، لم يعط الضوء الأخضر لهذه العملية.
وكما هو الحال إبان الهجوم على العاصمة الليبية طرابلس في شهر آب عام 2011، استخدمت واشنطن إمكانات حلف الناتو، من دون علم بعض أعضائه. وهي بهذا التصرف تطبق مبدأ رامسفيلد القائل بعدم وجود تحالف دائم حول الولايات المتحدة، بل و فقط، وجود تحالفات تبعا للحاجة ، ووفقا لبنك الأهداف التي تختارها واشنطن.
وفب حال فشل المفاوضات السياسيّة المقررة الشّهر المقبل في العاصمة الكازاخستانيّة الآستانا فسينبغي أن تستمر عملية تحرير سورية وصولا إلى إدلب. كما ينبغي أيضا، لإلحاق الهزيمة بالمسلحين ، قطع كل طرق الإمداد عنهم، مما يعني إغلاق الحدود تماما مع تركيا، وهذا ما يتطابق الآن مع الدبلوماسية الروسية التي من الممكن الاستفادة منها على كل المقاييس.
تعليقك