أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع سفير الجمهورية الاسلاميّة في الأردن "مجتبى فردوسي بور" حول آخر تطورات المنطقة وخصوصًا فيما يتعلّق بالأزمة السورية كما تطرّق الحوار إلى العلاقات الثنائية ما بين إيران والأردن في المجالات السياسية والاقتصاديّة.
وإذ اشار فردوسي بور إلى أن مدينة حلب تعتبر العاصمة والمركز التجاري والاقتصادي والثقافي لسوريا مشدداً على أن النصر الذي حققه الجيش السوري والمقاومة على القوى التكفيرية والظلاميّة في هذه المنطقة وتحرير المدينة من قبضة الارهاب يعتبر إنجازا كبيرا ونصرا استراتيجيا، لكنه لن يكون نهاية للأزمة السياسية في هذا البلد.
وأضاف أن الاستراتيجيّة التركيّة بالنسبة إلى سوريا اليوم قد تغيّرت بسبب عدد من الدوافع الداخليّة التركيّة بالإضافة إلى عوامل إقليميّة ودوليّة، وبشكل طبيعي فإن السياسة التركية الجديدة في المنطقة تحافظ على مصالح الدولة التركيّة.
ولفت السفير الايراني لدى الاردن إلى تعريف الارهاب بين الماضي والحاضر معتبرا أن الارهاب القديم كان طاغيا خلال الحرب الباردة بين القطبين الدوليين آنذاك أي الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي، أما الارهاب الجديد فقد أخذ شكله الحالي بالتحديد بعد حادثة 11 أيلول/ سبتمبر، حيث شكل إسقاط البرجين نقطة تحول لمفهوم الإرهاب العالميّ.
وفي التفاصيل فقد شدّد السفير الإيراني لدى الأردن أنّه يجب النظر إلى مسألة تحرير حلب بنظرة عامة، معتبرا أن تحرير المدينة هو خلاصة سياسات المد والجزر وشد الحبال بين القوى الاقليمية والدوليّة حول الموضوع السوري.
وقال فردوسي بور:" حلب من الناحية الجيواستراتيجية والجيوسياسية تتمتع بأهمية بالغة حيث تقع على نهر الفرات وقريبة من البحر الأبيض المتوسط، وقد شكلت محافظة حلب وعلى طول التاريخ منطقة جيوإقتصادية حيث اعتبرت بأنها العاصمة التجارية والاقتصادية والثقافية."
وأضاف السفير الإيراني أن هذه الأهميّة وعلى مدى 6 سنوات من الحرب في سوريا كانت موضع اهتمام لدى الفصائل المسلحة باعتبارها عاصمة مستقلة لهم. وتابع قائلًا:"وعلى هذا الأساس فإن استعادة المدينة وإن كان لا ينهي الأزمة السوريّة، فهو يعتبر تثبيتا لسيادة الدولة على أراضيها، ووحدة الأراضي السوريّة واحكام سيطرة الحكومة السورية على هذه المنطقة، وبالطبع فإن ذلك سيشكل مفصلا مهمًّا للحل السياسي السّوري."
وفي معرض رده على سؤال حول تغير السياسة التركيّة تجاه التطورات السوريّة قال فردوسي بور أن السياسات الخارجية للبلدان عادة ما تخضع لعاملين مهمين: اولا التصور لسياسات للدولة ، وثانيا تأثير هذه السياسات في الدّاخل والخارج على الصعيد الإقليمي والدولي.
ومن الطبيعي أن لا تكون تركيا استثناء من هذه القاعدة الدوليّة، والتغير في المواقف التركيّة يمكن إرجاعه إلى الأوضاع الداخلية التركية من جهة، وكذلك انضمام روسيا إلى التحالف للدفاع عن سوريا وتعزيز موقع الحكومة السورية في وجه الارهاب، وتحول السياسة الأميركيّة من التحالف مع تركيا إلى مساندة الاكراد في سوريا من جهة أخرى.
لذا فإن التغيير التكتيكي في السياسة الخارجية التركيّة أتى حفظا للمصالح هذه الدولة. وما يمكن اعتباره مهما من خلال الاجتماع الثلاثي الذي جمع روسيا وإيران وتركيا هو الاتفاق أن الطريق الوحيد لحل النزاع في سوريا هو الطريق السياسي وليس العسكري. كذلك الاتفاق على وحدة الأراضي السورية، والمساهمة لتثبيت الأمن والاستقرار في هذا البلد.
وعبّر السفير الايراني عن أمله لمستقبل المنطقة إزاء التطورات الجديدة مستدركا بأن الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة تبذل مزيدا من الجهد في سبيل اذكاء النزاعات بين الشعوب وإيقاع الخلافات الطائفية والمذهبية والعرقية فيما بينهم.
وحول سؤال عن مصير الارهاب في المنطقة في حال هزيمة الإرهابيين في العراق وسوريا اعتبر السفير الايراني لدى عمان أن وجود الإرهاب في المنطقة،وكما قال قائد الثورة، مرتبط بمصالح الدول الغربية ولبيع مزيد من السلاح لدول الخليج الفارسي، وعلى دول المنطقة الانتباه لهذه المسألة من أجل التخلص من آفة الارهاب.
وحول السياسة التي ستنتهجها إدارة ترامب في منطقة غرب آسيا، اعتبر السفير الإيراني فردوسي بور أن فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية جاء بناءا على وعود داخلية قدمها ترامب خلال حملته الرئاسية، فإذا كان هذا صحيحا فإن أولويات ترامب ستتركز خلال فترته الرئاسية على الوضع الداخلي الأمريكي. وسيترك خروج القوات الامريكية من المنطقة تأثيرا سلبيا على الدول التي اعتادت أن تتظلل تحت العباءة الأمنية والاقتصاديّة للأمريكي. ويبقى اهتمام ترامب في منطقة الشرق الأوسط الحفاظ على أمن إسرائيل وهذا قد يخلق بعض المشاكل في منطقة غرب آسيا.
وحول السياسة الأردنية في محاربة الارهاب خصوصا بعد أن استطاعت يد الارهاب في هذا البلد إلى تنفيذ العديد من العمليات وايقاع العديد من القتلى والجرحي، قال فردوسي بور أن الأردن ومنذ تأسيس التحالف الدولي ضد تنظيم داعش دخل ساحة الحرب ضد هذا التنظيم، حتى عمليّة إحراق الطيار الأردني من قبل "داعش" والتي تعتبر أوج الصراع بين الأردن والارهاب. لكن يحافظ الأردن على علاقة مع بعض التنظيمات المسلحة بحكم امتلاك حدوا مشتركة مع سوريا حيث بقيت على تماس معها في منطقة درعا.
وعلى الرغم من تصريح رئيس الأركان الأردنية حول حوادث الكرك الأخيرة لقناة ال BBC أنّها حوادث عشائرية، تتخوف بعض الأجهزة الأمنية من وجود خلايا نائمة لتنظيمات إرهابية في المنطقة.
وفي نهاية الحوار اعتبر فردوسي بور أن تأييد الأردن لقرارات مجلس دول تعاون الخليج الفارسي تحدّ تعزيز علاقاته مع إيران على الرغم من تطور التبادل التجاري بين البلدين خلال السنة الأخيرة وامتلاكهما لقدرات من شأنها تعزيز العلاقات بينهما على المستويات كافة./انتهى/
أجرى الحوار: محمد مهدي ملكي
تعليقك