وفي هذا السياق كتب الباحث الاستراتيجي العميد أمين حطيط مقال لجرة الثورة السوريّة تناول فيها أطراف هذه الخطوة حيث جاء المقال على الشكل التالي:
في لحظة حساسة فاجأ رئيس الوزراء التركي المعنيين بسلوك تركيا في سورية بإعلانه ان تركيا قررت وقف عملية درع الفرات في سورية، ما يوحي بان تركيا قررت وضع حد لتدخلها العسكري المباشر وعبر الجيش التركي، هذا التدخل الذي أطلقته تركيا بوقاحة وفجور عدواني ضد سورية فأقحمت جيشها ومعه، بعض من مرتزقة وعملاء يسمون أنفسهم "جيش سورية الحر" اقحمته في سورية لتحقيق أغراض تركية، فما الذي حصل حتى تتخذ تركيا هذا القرار ما الذي تضمره او تريده تركيا بعد هذا الإعلان؟
طبعا و قبل الإجابة فأننا لا نصدق ما بررت به تركيا قرارها لجهة الادعاء بان المهمة نفذت و ان الأهداف من العدوان تحققت و هو امر و بدون شك يغاير الواقع ، فالعدوان هدف أصلا الى احتلال ارض سورية بمساحة 5000 كلم 2 يقيم عليها منطقة تديرها تركيا لتكون حزام امني لها تحوله ورقة ابتزاز بيدها للتدخل في الشأن السوري و طبعا لم تنفذ ما ارادت و لم تقم المنطقة الأمنية و لم تعيد أحدا من النازحين السورين اليها و بالمقابل ووجهت بموقف سوري صارم يراها قوة معتدية محتلة لا يعترف لها باي مكسب او حق في الأرض السورية موقف يعمل ميدانيا على محاصرتها لمنعها في مرحلة أولى من التوسع و في مرحلة ثانية لإخراجها من سورية.
وهنا نسجل بان المناورة العسكرية السورية الميدانية كانت ناجحة جدا وانتهت في اقل من شهر الى امتلاك السيطرة الكاملة على المنطقة من كويرس الى شاطئ الفرات الغربي مرورا بدير حافر التي تعتبر في رمزيتها هامة جدا بالنسبة للإرهابيين. وبهذا القوس الميداني اقفل الجيش العربي السوري الطريق بوجه تركيا وأفرغ الوجود التركي في مدينة الباب من أي معني تكتي او استراتيجي ثم اكتمل المأزق التركي عندما منعت اميركا قوات درع الفرات من دخول منبج وقامت اميركا بنفسها بالسيطرة على المدينة لحماية قسد فيها.
امام هذا الواقع الذي شكل خيبة تركية مريرة ومع استمرار لا بل تصاعد الدعم الأميركي للأكراد في قسد رات تركيا ان تلعب ورقة في العمق السوري تخرجها من مازقها في الشمال فأطلقت موجات عدوان إرهابي انتحاري في شرقي دمشق وريف حماه الشرقي تزامنا مع انعقاد جنيف 5 وكان واضحا من طبيعة الهجوم وكيفية تنفيذه ان من اتخذ القرار كان في وضع اليائس المقامر الذي يلعب ورقته الأخيرة او يجرب حظه مرة أخيرة عله يحقق منها ما يعوم وضعه او يعوض عليه خسائره التي تراكمت على مدار ست سنوات من عمر العدوان على سورية.
و في الميدان كانت الخيبة الكبرى اذ ان الحسابات التركية لم تأت متوافقة مع ما اعدت سورية فعليا في ميدانها دفاعيا ,وهجوميًّا حيث فشلت في تحقيق الهدف من الهجوم ،وبالتالي فقدان القدرة مستقبلا على تكراره و هنا تكمن الهزيمة في بعدها الاستراتيجي.
وبعد هذه النتائج ومع الإصرار الأميركي على احتضان قسد رات تركيا ان تتخذ الموقف الميداني الذي يعبر عن غيضها من اميركا وخيبتها من الميدان فاستبقت زيارة وزير الخارجية الأميركية اليها بالإعلان عن وقف عملية درع الفرات في دور ابتزازيّ للولايات المتحدة لكن الوزير الأميركي طلب من تركيا "الاعتراف بان الرئيس الأسد هو الرئيس السوري الذي يجب ان يتم التعامل معه و ان موقعه يقرره الشعب السوري مستقبلا، و بان أولوية العمل في سورية يجب ان تكون لمحاربة الإرهاب اننا نرى ان هذه التحولات في مواقف بعض الأساسيين من مكونات معسكر العدوان على سورية، جاءت نتيجة منطقية للفشل الميداني العدواني معطوفا على تماسك وعزم في معسكر الدفاع عن سورية، معطوفا على انحسار بقعة المواجهة مع الإرهاب نتيجة للإنجازات السورية المتتالية وبالتالي فان الصمود السوري هو ما أدى الى هذا التحول وفرض
اما معسكر الدفاع عن سورية الذي يعتبر نفسه حقق الكثير من أهدافه الدفاعية، لا يمكنه ان يطمئن لمواقف مكونات العدوان و لا يمكنه التعامل مع أقول لا تقترن بالأفعال ، و عليه فان على كل من يريد ان يحارب الإرهاب عليه الاقرار بان في سورية حكومة شرعية بقيادة رئيس منتخب وهو من اوكل اليه الشعب المسؤولية ، و ان قواعد السيادة الوطنية تفرض العمل مع هذه الحكومة على الأرض السورية و عدم تجاوزها في صغيرة او كبيرة و ان كل وجود اجنبي على الأرض السورية دون موافقة الحكومة السورية يعتبر عدوانا و احتلالا .و يتم التعامل معه على هذا الأساس.
ان سورية تدرك جيدا ان صمودها الأسطوري فرض على الاخر تغيير مواقفه منها ، كما تعلم جيدا ان دفاعها المتعدد الاشكال عملا و ممارسة واجب استمراره حتى تستعيد الامن و الاستقرار الى كل ربوعها ، و هي لن تخدع بموقف لفظي رغم انها تعلم ان هذا الموقف ليس تبرعا بل نتيجة املتها القوة الدفاعية التي امتلكتها ذاتيا و تحالفيا ، و لكن مهما كان من امر يبقى للمواقف تلك دلالة لا بد من التوقف عندها و هي ان معسكر العدوان بدا يقر بالهزيمة في سورية و راح الان يبحث عن أوراق ضغط لتحسين مواقعه في التفاوض و لهذا تصر اميركا على احتضان قسد في معركة الرقة و تسعى الان لتشكيل قوى مماثلة لخوض معركة ادلب بوجه جبهة النصرة ، و هي تحت شعار محاربة الإرهاب تريد السيطرة على اوسع مساحة من الأرض السورية حتى تفرض رؤيتها في الحل السياسي بالقدر الأعلى ، و لهذا تبقى الأهمية الملحة لقطع الطريق على اميركا في مسعاها الجديد ،فالحرب في فصلها الأخير ./انتهی/
تعليقك