يثير الصراع الاقليمي خبايا العلاقات الدولية عامةً وعلاقات الدول العظمى في منطقةالشرق الاوسط خاصةً، تناول الإعلامي الفلسطيني محمد سليمان أبو نصيرة العلاقات الايرانية الامريكية في قراءة تحليلة ضمن مقال لوكالة مهر للأنباء جاء كالتالي:
تنتهي لعبة الشطرنج عادة بسقوط الشاه، إلا إذا كان طرفا اللعبة أميركا وإيران، فهنا البداية معكوسة انطلقت بسقوط الشاه، وفيما ظُنَّ أن اللعبة ربما تنتهي بتعادل نسبي بعد الاتفاق النووي بين إيران و٥+١، جلس على الكرسي الأميركي لاعب جديد أعاد الكثير من الحماسة لرقعة اللعبة، بفتح جبهة جديدة من العقوبات تنقل زخم الضغط الأميركي من مربع الملف النووي إلى مربع البرنامج الصاروخي والبالستي.
من وجهة نظر كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي لم يمزق الرئيس الإميركي دونالد ترامب الاتفاق النووي بصورة مباشرة، فيما أقر بما ذهب إليه وزير خارجية بلده من انتهاك أميركي لنص وروح الاتفاق، لكنه يبقى حتى الآن ومن وجهة نظر عراقجي انتهاكا غير فاحش، فالبعد الدولي متعدد الأطراف للاتفاق النووي يعصمه من مصير اتفاقات ثنائية أخرى كان لترامب سلطان قانوني في إلغائها، أو هكذا يظن بعض الإيرانيين على الأقل، أما البعض الآخر منهم فهو يرى في اقرار واشنطن لحزمة جديدة من العقوبات، لعبة مكشوفة هدفها تفريغ الاتفاق النووي من مضمونه أولا، ودفع الإيرانيين نحو تمزيقه بأيديهم ثانياً، وأخيراً وعلى المدى الاستراتيجي الجلوس مرة أخرى حول طولة المفاوضات تحت مسميات جديدة، والذرائع الأميركية جاهزة لا تبدأ من الصواريخ البالستية ولا تنتهي بملف حقوق الإنسان.
حتى الآن يبدي الإيرانيون تعقلاً شديداً إزاء ما يصفونه بالمغامرات الأميركية بعد إقرار ترامب نفسه بالتزام إيران بنص الاتفاق، مغامرات لا تبدأ بالعقوبات الأخيرة تحت بند البرنامج الصاروخي ولا تنتهي بتحرش البحرية الأميركية الأخير في مياه الخليج (الفارسي) بزوارق تابعة للحرس الثوري، فيما يظهر كانقلاب ترامبي على سياسة سلف وصفه الأخير بالضعيف، مستحضراً صورة جنود بحريته رافعي الأيدي مهطعين أمام جنود الحرس الثوري بعد تجاوزهم المياه الإقليمية.
لكن التعقل الإيراني أيضا يأتي في معادلة داخلية شديدة الحساسية، بين معسكر الإصلاحيين الذين حصلوا على ثقة شعبية إيرانية كييرة، وعلى عاتقهم يلقي الإيرانيون آمالاً في تحسين الاقتصاد أولاً، ومعكسر المحافظين الذين لطالما كانت مقاليد البلاد في أيديهم ولايزال منها الكثير، وفي صفوف هذا المعسكر يظهر كبار المعارضين للصيغة التي أخذها الاتفاق النووي وكذلك مساراته ومآلاته، إلا أن الفريقين وبينهما مساحات مشتركة كثيرة، متفقان على ضرورة التدرج في الرد على الفعل الأميركي وتنسيق الأدوار، بدءاً من وزارة الخارجية الإيرانية التي تتحرك في الركن الدولي من الملعب راصدة الانتهاكات مقدمة تقارير للدول الخمس، وبين مجلس الشورى الاسلامي الذي يقر قوانين موازية لقوانين الكونجرس، وأخيرا القوات المسلحة من الحرس الثوري والجيش، حيث يعفل هؤلاء في تطوير البرنامج البالستي بقدر ما يغدق الأمريكيون من عقوبات، أخرها كان صاروخ "سيمرغ" الحامل للأقمار الصناعية والذي أثار غضب الأميركيين وبعض الأوروبيين.
خطوة بخطوة ولكل فعل رد فعل على هذه الرقعة من لعبة تحتاج لكثير من الصبر والتروي، مهما ارتفعت أمواج التهديدات والردود من الطرفين، على ما تكتنفه احجار الشطرنج من مفاجئات في منطقة لطالما أخفت أكثر مما أظهرت. /انتهى/.
تعليقك