باديء ذي بدء؛ لم تكن نسبة اليهود في فلسطين في نهاية عقد الاربعينات سوى 5% فقط. وقد استند اليهود في تأسيسهم لكيانهم المختلق والمغتصب في أرض فلسطين إلى وعد أصدره لهم [آرثر جيمس بلفور] وزير خارجية بريطانيا آنذاك في رسالة رسمية وجهها إلى اللورد ليونيل روتشيليد في 2\11\1917 مبديا تعاطفه معهم. وهو الذي وصف لاحقا بالقول [وهب من لايملك لمن لايستحق]. وقد جاء هذا الوعد بالتناقض مع اتفاقية سايكس بيكو المعترف بها دوليا (أيام كانت عصبة الامم) ومراسلات أمير مكة الحسين بن علي و السير هنري مكماهون.
وما لبث اليهود أن أعلنوا قيام كيانهم المزعوم في 15\5\1948 بعد سلسلة من الأعمال الإرهابية والمذابح التي ارتكبتها عصابات إرهابية فتاكة تدعى [شتيرن وهاغاناه وارغون] في شتى بقاع فلسطين الواقعة تحت الاحتلال البريطاني آنذاك ولم تفعل سلطات الاحتلال شيئا لردعهم، بل وشجعتهم وساندتهم من أجل إجبار العرب والمسلمين على النزوح من ديارهم وديار آبائهم وأجدادهم، لتبدأ عملية الهجرة لليهود من شتى أنحاء العالم إلى فلسطين في غمرة وعود لهم بأرض الاحلام وتشجيع واسع النطاق على اغتصاب مدن فلسطين وعاصمتها القدس وإقامة المستوطنات لشذاذ الآفاق القادمين من بلدانهم القاطنين فيها برغد العيش.
إذن؛ فالمشكلة تبلورت معالمها عندما أقدم مواطنوا دول أخرى على التعدي والتجاوز بالقوة والغصب الممنهج والمستند لقوة السلاح والبطش لديار شعب فلسطين الأصليين.
ولن تحل هذه المعضلة المزمنة إلا بخروجهم وعودتهم الطوعية إلى البلدان التي جاؤوا منها ولهم فيها املاكهم وجنسياتهم وتابعيتهم. فهجرتهم من بلدانهم الاصلية جعلتهم وبالا على منطقة الشرق الأوسط بكل مكوناتها من أتباع الديانات السماوية الأخرى.
فالمقترح المطروح على صعيد واسع الآن هو مبادرة اليهود الغاصبين لترك فلسطين لساكنيها الأصليين من أتباع موسى وعيسى (عليهما السلام) ومحمد (صل الله عليه وآله وسلم) كي تنتهي هذه الغدة السرطانية بعودة اليهود الإيرانيين لإيران ورجوع اليهود الأوروبيين والروس والعراقيين والافارقة والأمريكيين إلى أوربا وروسيا والعراق وأمريكا وأفريقيا، بشكل طوعي.
وهذه الدعوة الخيرة والمقترح ذو الطابع السلمي ينطويان على حقن الدماء وعودة السلم والأمن والصفاء وانتعاش الاقتصاد والتجارة والتعاون والنماء وزوال الأحقاد والكراهية وحلول الرخاء وتوقف نزيف الدماء وكساد تجارة السلاح وبه تتجسد مصالح العباد والبلاد ويتنفس العالم الصعداء ولو فكر بهذا العمل عقلاء الطرفين لوجدوا فيه كل الخير والنفع في الدنيا والآخرة./انتهى/
رعد هادي جبارة: باحث وکاتب في الشؤون العربية
تعليقك