وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: بعد إعلان نية الكيان المحتل لتنفيذ مشروع مشترك مع الإمارات والسعودية لإنشاء خط سكة حديد، أكد المراقبون علی أن هذا المشروع المشترك يأتي في إطار التطبيع السياسي أكثر من الإقتصادي بهدف إنشاء تحالف یجمع بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية المطلة علی الخليج الفارسي وعلی رأسها المملكة العربية السعودية.
وأکد الصحفي اليمني طالب الحسني في مقابلته مع مراسلة وكالة مهر للأنباء علی أن " إنشاء سكة حديد بين السعودية والكيان ليس خبرا صادما، بالنظر إلى العلاقة السعودية مع الكيان الاسرائيلي منذ احتلال اسرائيل لفلسطين سنة 1948 ، ومن يمر على شريط التاريخ لن يجد ولا في اي فترة زمنية منه كانت السعودية تمثل عقبة أمام الكيان الاسرائيلي" .
وتابع أن هناك عملية تدريج لهذه العلاقة نظرا لان السعودية بوجود مكة والمدينة المنورة تمثل مركزا دينيا للمسلمين ، هذا التدريج في العلاقة بدأ من سحب السعودية من الصراع العربي الاسرائيلي ، عندما نشات مقاومة عربية ( قومية ) لثلاثة عقود متوالية ، في هذه الثلاثة العقود حصلت انتكاسة لهذا المحور وحصل تماسك ايضا ، كانت السعودية تقدم دورا وظيفيا للكيان عبر معادات مصر وسوريا والمقاومات التي نشأت ، هذا الدور محوري وكان يهم الكيان الاسرائيلي لتثبيت وجوده والحديث هنا عن العلاقة السعودية الاسرائيلية فقط لأنه يضاف إليه الدور الامريكي الغربي في دعم الكيان ودعم السعودية معا.
وصرح بأنه استفادت العدو الاسرائيلي من انقسام محور المقاومة ( القومي ) الذي انتهى بانقسام ، قسم اختار عقد " سلام " مزيف مع الكيان عبر اتفاق كامب ديفد وقسم آخر هو النظام والدولة السورية تحديدا ، وهنا ظهرت السعودية مشجع لعملية السلام المزيفة وهذه كانت مرحلة ثانية من مراحل العلاقة السعودية الاسرائيلية ، الاولى الانسحاب من الصراع العربي الاسرائيلي ، المرحلة الثانية تأييد اتفاقيات السلام المزيفة مع الكيان الاسرائيلي.
ولفت إلی أنه في هذه المرحلة تشكل محور مقاومة اسلامي عربي ، وهو المحور الذي تقوده ايران منذ انتصار الثورة الاسلامية سنة 1979 ، وحينها عملت اسرائيل وفق خطة التدريج لدفع السعودية تحديدا بعد مصر لمرحلة جديدة وهي مرحلة التطبيع ، صحيح السعودية لم تفتح سفارة اسرائيلية نظرا لحساسية موقعها ووجود الحرمين ولكنها دعمت كل الانظمة التي فتحت سفارات وطبعت سياسيا مع الكيان ، وايضا عملت على تطبيع اقتصادي سري وتعهدت بمواجهة المقاومات الاسلامية ومحور المقاومة الذي تشكل وهذا ما تقوم به السعودية حتى هذه اللحظة.
وأضاف لقد حصلت اسرائيل وبدعم سعودي طوال هذه المرحلة على اعتراف وتطبيع سياسي بها والتنازل عن الحق الفلسطيني ودخلت مرحلة التصفية للقضية الفلسطينية منذ اوسلو ، بدعم سعودي ايضا ، لكنها لم تكتف بذلك ، اذ ان الكيان ظل يبحث عما هو فوق التطبيع وهو عملية الشراكة السياسية في مواجهة محور المقاومة ، وهذه هي المرحلة الثالثة من العلاقة السعودية الاسرائيلية التي نعيشها اليوم . قطع الكيان مشوارا طويلا ومهما في تقديم السعودية كحليف بينما كانت السعودية تريد ان تقوم بهذا الدور دون الاعلان عنه حتى تتم عملية الترويض عبر تسريب العلاقة السعودية الاسرائيلية بالتدريج ، والكشف عن لقاءات سرية بين المسؤولين السعوديين ولاسرائيليين وتقطيع الصدمة بالنسبة للشارع العربي والاسلامي بالتزامن مع اعلان معادات السعودية لمحور المقاومة بدءا بايران والنظام السوري وصولا إلى حزب الله وحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلی أن المرحلة الرابعة من العلاقة السعودية الاسرائيلية هي مرحلة الشراكة العسكرية والتي بدأت فعليا منذ العام 2012 اذا ان السعودية انخرطت بشكل عسكري كامل في مواجهة محور المقاومة عبر العمل على الاطاحة بالنظام السوري ومواجهة حزب الله وايران جنبا الى جنب مع الولايات المتحدة الامريكية والغرب واسرائيل المستفيد الاول والأكبر مما يحدث في سوريا والعراق واليمن وتدمير الجيوش العربيةـ وهذا ما وضحته الخطة العسكرية الاسرائيلي التي نشرت لاول مرة في العام 2015 عندما تحدثت انه لم يعد هناك من يواجه الكيان الاسرائيلي كجيوش منظمة . الصمود في وجه هذه الحرب التي تشارك فيها السعودية بكل ثقلها العسكري غير كثيرا من المعادلات التي كانت مطروحة لما بعد اسقاط النظام السوري والقضاء على حزب الله والانتصار في اليمن ، الكيان يعلم جيدا موقع السعودية حاليا وقد انخرطت في مواجهة عسكريا وسياسية ، ويعلم جيدا ان الفرصة مواتية لنقل السعودية لمرحلة جديدة وهي ما يسمى الان الصفقة الكبرى المتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية والتحضير للحرب الكبرى التي اشار إليها السيد حسن نصر الله ، السعودية ومصر جزء رئيسي في هذه الصفقة وفي عملية التحضير ، وهذه هي المرحلة الخامسة من مراحل العلاقة السعودية الاسرائيلية مرحلة الحليف العسكري والسياسي والتي تتطلب ترويض سريع للقول بان اسرائيل لا تشكل خطرا ومن هنا تاتي فكرة الجسر الذي ليس سوى نقطة واحدة في هذا التعاون .
وشدد علی أن الجسر ليس عملية اقتصادية ولن يؤثر اقتصاديا على ايران ولا ايضا مصر ، والكيان حاليا في ازمة مالية والسعودية هي الاخرى لا يمكن انتشالها من ازمتها الاقتصادية من خلال فتح علاقات اقتصادية مع الكيان ـ فالقيمة الفعلية لهذا الجسر او سكة الحديد ليس الاقتصاد ولكن اشهار التحالف السعودي الاسرائيلي كتحالف عسكري ، ومن هنا تأتي قيمة السكة باعتبار الشراكة الفعلية بين الكيان والسعودية في مواجهة إيران وحلفاء إيران وهو محور المقاومة . في المستوى الاقتصادي لن يكون لهذه السكة تأثير على اقتصاديات المنطقة فالتبادل التجاري بين الكيان والسعودية وعدد من دول الخليج الفارسي قائم ، ورجال الأعمال اليهود الداعمين لهذا الكيان شركاء ومساهمين في كثير من الشركات التي تحت غطاء عربي.
تعليقك