وكالة مهر للانباء _ ديانا المحمود: تتمتع كل الشعوب والمجتمعات الانسانية بعادات وتقاليد خاصة، ويعتبر اتباع تقويم زمني خاص ميزة تزيد من خصوصية إحدى المجتمعات عن الأخرى، ومن المعروف ان ايران تتبع في تقويمها الرسمي السنة الهجرية الشمسية التي وضعها الحكيم عمر الخيام، إلا أن هناك تقويم آخر معروف بين أبناء الشمال الايراني وهو التقويم الطبري، على الرغم من أنه مهجور ولا يعمل به إلا أن أهالي مناطق الشمال لازالوا يحيون رأس السنة الطبرية ويحتفلون بتراثهم الفكري.
خمسة أيام أو ستة خارج ترتيب الأشهر
تتألف السنة الطبرية من 365 يوما يتوزع كل 30 يوما على شهر، ليبقى هناك خمسة أيام في بداية العام لا تتعلق بأي شهر وتسمى "بيتك" يسبقها يوم واحد في سنوات الكبيسة يسمى بـ "شيشك"، هذه الأيام الستة هي ما تميز السنة الطبرية بشكل أساسي أضافة إلى رأس السنة الذي يصادف (2 مرداد - 24 تموز).
هناك معتقدات خاصة لدى سكان مازندران حول الأيام الخمسة التي تسبق السنة ولا تتبع أي شهر، أهمها أن هذه الأيام الخمسة يمكن أن تكشف عن أحوال الطقس طيلة العام وتقدم تنبؤات بالأمطار وغيرها من الأحوال الجوية، ولكل يوم دلالة زمنية تشير إلى جزء خاص من السنة.
تحمل الأشهر الطبرية أسماء الأشهر الشمسية لكن بترتيبها الخاص فيكون (2 مرداد) هو (1 فرودين)، فيكون الشهر الثاني من الصيف وفق التقويم الطبري هو الشهر الأول عوضاً عن فصل الربيع.
تلفظ الأشهر الطبرية باللغة المازندرانية مضافا إليها كلمة شهر أي (ماه) بالفارسية وهي (ما) بالمازندرانية فتكون كالتالي: مردال ما أو ملارما (مرداد ماه)، شرویرما أو شروین ما (شهریور ماه)، میرما (مهرماه)، اونما (آبانماه)، ارکما (آذر ماه)، دما أو دیما (دي ماه)، وهمن ما (بهمن ماه)، نوروزما أو نرزما أو عیدما (اسفندماه)، سیوما أو فردین ما (فروردین ماه)، کرش ما (اردیبهشت ماه)، هرما (خرداد ماه)، تیرما (تیر ماه).
توزع السنة الطبرية على أربعة فصول لكنها مقسمة لأنصاف، فالربيع يضم 100 يوم نصفها الأول يسمى بالربيع البارد ونصفها الثاني الربيع الدافئ، أما فصل الصيف فيضم 85 يوما وفصل الخريف 100 يوم نصفها الخريف الدافئ ونصفها الخريف البارد وأخيراً فصل الشتاء يضم 80 يوما.
منشأ التقويم الطبري
أشهر الروايات التاريخية حول منشأ هذه السنة تقول أنه في اليوم الثاني من مرداد عام 133 قبل الهجرة بدأت السنة الطبرية مع وصول "كيكاوس" المعروف بالعربية كيقاوس للحكم وهو ابن الملك كيقباد الساساني الذي حكم طبرستان حتى عام 536م.
مراسم واحتفالات
في فجر اليوم الأول من شهر "مردال" تبدأ السنة الجديدة ويضع أحد أفراد العائلة ذو طول مناسب قدمه على عتبة الباب املاً بالحصول على سنة جديدة مليئة بالأيام التوفيق.
نصر الله هومن : التقويم الطبري جزء من تراث فكري قيم علينا جميعاً الاعتزاز بهفي مدينة بابل الايرانية اجتمع مساء الاثنين 1 تموز عدد من أهالي المدينة للاحتفال برأس السنة الطبرية ضمن مؤتمر "طبرستان الكبرى" الذي يقام للسنة الثالثة على التوالي. وألقى الكاتب والباحث في التقويم الطبري "نصر الله هومن" كلمةً في هذه الاحتفالية قال فيها: بدون شك يحظى التقويم الطبري بأهمية تاريخية كبيرة فهو جزء من تراث فكري قيم علينا جميعاً الافتخار به.
يقول أستاذ جامعة طهران "أبو القاسم اسماعيل بور مطلق" أن أهل منطقة طبرستان يمتلكون لغة وتقويم وثقافة مستقلة وخاصة، داعياً المؤسسات العلمية للحفاظ على اللغة الطبرية التي تعدد فيها اللهجات كالبابلية والساورية والآملية والبهشهرية.
ويضيف الاستاذ الجامعي الذي شارك في هذه الاحتفالية أن الطبريين من أقدم الشعوب التي قطنت في ايران ولهم حضارة تعود إلى أربعة آلاف سنةوهم اليوم جزء من ايران، مضيفاً أن تاريخ طبرستان نقل بالغالب شفاهياً فهم الآن يحتفلون بـ 26 عيدا على مر السنة وهذه الأعياد تتبع مناسبات تاريخية نقلت جيل عن جيل.
کما تشهد منطقة طبرستان احتفالات شعبية في الشوارع يحيها أهالي المنطقة في رأس السنة الطبرية حيث تقرع الطبول وتقام الالعاب المحلية وتنشد الأغاني الشعبية بمشاركة الشعر والفنانين.
الجدير بالذكر أن طبرستان الجغرافية تقع اليوم إدارياً في محافظة مازندران وأجزاء من كلستان وكيلان وطهران وشمال سمنان، ومنذ ثلاثة قرون يقال لها مازندران. /انتهى/
تعليقك