وكالة مهر للأنباء- شيرين سمارة: يعتبر عيد النيروز احد الاحتفالات القديمة الإيرانية وتعود جذوره إلى بلاد فارس وما قبل الإسلام، ويحظى بترحيب كبير وواسع في بلدان تشترك مع إيران بالثقافة ذاتها.
يعد النيروز، باعتباره العيد القومي والقديم في إيران، أحد أبرز مظاهر التاريخ الإيراني القديم ، إذ تعود قدمتُه إلى ألف سنة قبل الميلاد. وكلمة "نوروز"، هي كلمة فارسية بهلوية أصيلة، وتعني أول يوم من أول شهر في السنة الإيرانية.
"خانه تكاني" تنظيف البيت وتزيينه:
تقوم النساء الإيرانيات سنويا عند اقتراب عيد النيروز بتنظيف البيت بشكل كامل وتزيينه لاستقبال العيد لنشهد قبيل العيد ازدحاما كبيرا في مغاسل غسيل السجاد حيث تزدهر هذه المهنة في هذه الايام مقارنة مع ايام السنة الاخرى.
أجواء الاحتفال بالنيروز وطقوسه
الحاج فيروز
اعتاد الناس على خروج الحاج فيروز قبل أن تدق رأس السنة الشمسية ساعتها. يبلغ فيروز الناس أن الربيع على درب عودته، من خلال أهازيج وأغان شعبية يرددها ويعزف ألحانها على دف صغير في يده أو طبلة.
ترتبط هذه الشخصية بأسطورة "سياوش" أحد ملوك إيران القديمة. تروي بعض الحكايات أنّه ذهب يوماً إلى باطن الأرض، عالم الأموات والظلام، ومات في ذلك المكان، لكنّه روى بدمائه الأرض القاحلة لتنبت الزرع من جديد، مع بداية الربيع، ليصبح الحاج فيروز بعدها تجسيداً لهذه الشخصية.
اسطورة أخرى أقدم تروي أنّ هذه الشخصية مرتبطة بالإله تموز، أو دوموزي، أحد حراس بوابة السماء والمسؤول أصلاً عن دورة الفصول. هو إله المزارع والحظائر، العاشق للإلهة عشتار، إلهة الحبّ والجمال عند البابليين المسماة بأسماء أخرى في كلّ حضارة.
يستمر العيد ثلاثة عشر يوماً، ويسبقه عيد آخر يسمى (الاربعاء السوري) :
الاربعاء السوري "الاربعاء الاحمر"
تعتبر مراسم يوم أربعاء الاحمر احد مظاهر استقبال عيد النيروز وذلك في يوم الأربعاء أحد أيام الأسبوع، وكلمة "سوري" تعني أحمر، وهي تشير إلى حمرة النار. حيث توقد النيران في هذه الليلة ويقفز الناس عليها وهم يرددون أشعاراً خاصة : "صُفرتي إليك وحُمرتك إليَّ". يعني أيتها النار خذي صفرتنا (اللون الأصفر وشحابة اللون يرمزان إلى المرض والهموم والمتاعب)، وامنحنا حمرتك ودفأك وقوتك وطاقتك.
مائدة السينات السبع
تعتبر مائدة السينات السبع أبرز رموز عيد النيروز وتوجد في كل بيت إيراني وهي مائدة تجهز لهذه الأيام وتتكون من أغذية نباتية وأشياء أخرى تبتدئ جميعها بحرف السين. كل سين من السينات السبعة ترمز إلى إحدى الملائكة (سبنتا) حسب المعتقد الزرادشتي. تكون مائدة السينات السبع بيضاء اللون يوضع أعلاها كلام الله للتبرك، ومرآة وآنية ماء ترمز للضياء، وأحياناً قليل من الخبز الذي يشير إلى الرزق. أما وسط المائدة فيكون مصفوفاً بالشمع (رمز النار والدفء والنور)، والحلويات. كما توضع لتزيين السُّفرة بضعة سمكات حمراوات داخل آنية زجاجية شفافة. السينات السبع في الموائد النيروزية هي كما يلي :
سَبْزِه : النبات الأخضر، وهو من السينات الأساسية في المائدة. تعمد النسوة قبل حلول العيد ببضعة أيام إلى وضع حبات زرع أو غيره في قليل من الماء والاحتفاظ بها في إناء أنيق حتى تخضرّ.
سَمَنُو: وهو غذاء مقوٍّ ومفيد يُحضّر من القمح والدقيق، يشبه الحلوى، بنيّ اللون. ويرمز إلى البركة والرزق.
سِير: الثوم، يرمز إلى الإله "أهورا مزدا" وهو إله الخير والنور في الديانة الزرادشتية، كما يرمز إلى مناهضة الشر والخبث.
سَنْجِد: شجر الزيزفون، وترمز إلى العشق والحب.
سِرْكِه: الخل، وهو رمز الخلود والصبر.
سُمَاق: السُّماق وهو رمز للمطر والسقيا.
سِيب: التفاح يرمز إلى الحمْل والرعاية.
يجتمع أفراد العائلة لحظة تحويل السنة حول سفرة السينات السبع ويتلون دعاء التحويل مع حلول أول دقيقة في ساعة العام الجديد.
تبادل الزيارات
يقوم أفراد العائلة بتبادل الزيارات و تدوم زيارة الأقارب وإقامة الأفراح والضيافة خلال الثلاثة عشر يوماً الأولى من السنة الجديدة. ويتم استقبال الضيوف وتقديم لهم المكسّرات، وخاصة الفواكه المجففة مثل الفستق واللوز والبندق والبزر، إذ يستحيل أن يخلو بيت من البيوت الإيرانية من هذه المنتجات خلال العيد.
يوم الطبيعة
ينتهي الاحتفال بالنيروز اليوم الثالث عشر من شهر فروردين (الشهر الأول في السنة الايرانية)، وهو ما يعرف باسم "يوم الطبيعة". فبعد اثني عشر يوماً حيث يخرج جميع الناس في اليوم الثالث عشر إلى الطبيعة والحدائق والمنتزهات والصحاري. وأينما ولّيت وجهك، تشاهد "سبزه" أي النبات الأخضر الذي تم إعداده قبل العيد، وهي احد عناصر مائدة السينات السبع. يودع هذا النبات في الجداول المائية ويسأل الناس الله أن تكون السنة الجديدة سنة مباركة وميمونة.
يعتقد البعض أن هذا التقليد يقام لمحاربة النحس الملازم لليوم الثالث عشر، كما تعتقد بعض الثقافات، لكن لا وجود لدليل يؤكد ذلك هذا القول.
/انتهى/
تعليقك