وأفادت وكالة مهر للأنباء، نقلا عن الرأي اليوم، أن هذا الأمر الذي يعني أنّ الرئيس دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الإسرائيليّ سيبحثان عن حلولٍ خلّاقّة للصراع العربيّ-الإسرائيليّ، كما أفادت اليوم الاثنين مُراسِلة صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة في العاصمة الأمريكيّة، أورلي أزولاي، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ هذا الإقرار جاء على خلفية المُعارضة الفلسطينيّة الجارِفة للصفقة، وتأكيدهم من ناحيةٍ أخرى على أنّهم يرفضوا أيّ حلٍّ لا يشمل إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة وقطاع غزّة، شريطة أنْ تكون القدس الشرقيّة المُحتلّة عاصمةً لها.
وأوضحت الصحافيّة الإسرائيليّة، نقلاً عن المصادر عينها، أنّه بعد الرفض الفلسطينيّ للخطّة الأمريكيّة، سيقوم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو بالإعلام رسميًا بأنّه لا يوجد في الطرف الفلسطينيّ مع مَنْ يتفاوض كيان الاحتلال، ويحصل عندئذٍ على الضوء الأخضر من ترامب للقيام بضمّ كلّ قطعةٍ أرضٍ في الضفّة الغربيّة يُقيم عليها اليهود بشكلٍ أحاديّ الجانب، كما أكّدت المصادر في تل أبيب وواشنطن.
عُلاوةً على ذلك، شدّدّت الصحافيّة الإسرائيليّة على أنّ ترامب يرى في النزاع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ مشكلة بيع وشراء الأراضي، وخلاف على ملكيتها، مُشيرةً إلى أنّه لا يعرف شيئًا عن تاريخ الصراع بين الطرفين، وعن أنهار الدّم التي سالت خلال هذا النزاع، مُضيفةً أنّ ما يُحفِّز الرئيس الأمريكيّ هو الحصول على اعترافٍ في الحلبة الدوليّة، وبالتالي فإنّه يسمح لنتنياهو مُرغمًا أنْ يقوده، مؤكّدةً على أنّ تصريح السفير الأمريكيّ في الدولة العبريّة، دافيد فريدمان، حول حقّ إسرائيل بضمّ أراضٍ في الضفّة الغربيّة كان بمثابة بالون اختبار، وأنّ مَنْ قام بنفخ البالون إلى هذا الحجم هو ليس إلّا الرئيس ترامب بنفسه، على حدّ تعبيرها.
وللتدليل على قوّة الكيان واللوبي الصهيونيّ في أمريكا، يجب التذكير بأنّه في الثالث من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 2001، عندما كان أرئيل شارون، رئيسًا للوزراء في إسرائيل، عقد المجلس الوزاريّ-الأمنيّ المُصغّر اجتماعًا لتدارس الدعوة الأمريكيّة لإسرائيل بوقف إطلاق النار في الضفّة الغربيّة المُحتلّة. شيمعون بيريس، حذّر في الجلسة عينها من أنّ عدم مُوافقة إسرائيل على الطلب من شأنه أنْ يعود سلبًا على العلاقات الأمريكيّة-الإسرائيليّة.
شارون، بحسب التقارير الإعلاميّة الإسرائيليّة، والتي لم ينفها رئيس الوزراء آنذاك، ردّ على مطلب بيريس بالقول: لا تقلق بشأن الضغط الأمريكيّ، نحن الشعب اليهوديّ نُسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك. وتابع شارون: أنا أُدرك جيّدًا كيف أنّه من المُستحيل تقريبًا تنفيذ السياسة الخارجيّة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط، إذا لم تتّم الموافقة عليها من قبل اليهود الأمريكيين.
ولفت شارون أيضًا إلى أنّ اليهود بأمريكا يتحكّمون بشكلٍ رائعٍ بوسائل الإعلام الأمريكيّة، وحتى أنّهم يتحكّمون بأعضاء الكونغرس، إذْ أنّهم لا يسمحون للكونغرس باتخاذ أيّ قرارٍ ضدّ إسرائيل. النفوذ اليهوديّ، زاد شارون، يُهيِمن تمامًا على الساحة الأمريكيّة، واختتم قائلاً إنّ سفارة تل أبيب في واشنطن هي التي تُملي عمليًا أجندتها على الكونغرس، من خلال اليهود الأثرياء جدًا في أمريكا، قال شارون لبيريس.
وعودٌ على بدءٍ: المصادر التي اعتمدت عليها (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أكّدت بشكلٍ قاطِعٍ أنّ تصريحات فريدمان حول ضمّ أجزاءٍ من الضفّة الغربيّة لإسرائيل، لم تكُن لتصدر، بدون حصول السفير الأمريكيّ في تل أبيب على ضوءٍ أخضرٍ من الرئيس ترامب نفسه، إذْ أنّ فريدمان، يُعتبَر من أقرب المُقرّبين للرئيس ترامب، وترك مكتب المُحاماة الناجِح الذي كان يملكه وانضمّ إلى حملة انتخابات ترامب في العام 2016 بهدف تحقيق حلمه، الذي يتماشى حرفيًا مع اليمين الإسرائيليّ في إقامة إسرائيل الكبرى والكاملة، أيْ السيطرة على فلسطين التاريخيّة بشكلٍ كاملٍ، كما أكّدت المصادر للصحيفة العبريّة.
وكشفت المصادر عينها النقاب عن أنّ تأثير فريدمان على صُنّاع القرار في واشنطن هو كبيرٌ للغاية، وتحديدًا في قضية نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس المُحتلّة، حيثُ ذكّرت المصادر أنّ فريدمان كان أوّل مَنْ أعلن عن ذلك، وبعد عدّة أسابيع من تصريحه، جاء ترامب وأعلن عن قراره بالنسبة للسفارة بصوته وصورته.
أمّا بالنسبة لتصريحه حول ضمّ أجزاءٍ من الضفّة الغربيّة للسيادة الإسرائيليّة، فأكّدت الصحافيّة على أنّ فريدمان، كمحامٍ مًتمرّسٍ يعرف جيّدًا أنّ هذا الأمر ممنوع بحسب القانون الدوليّ، ولكنّه اعتمد على التوراه وعلى الوعد الإلهي لليهود بالحصول على “أرض إسرائيل الكاملة”، وعادت وشدّدّت على أنّ التصريح ما كان ليصدر دون أنْ يكون فريدمان قد حصل مُسبقًا على الضوء الأخضر من ترامب، على حدّ تعبيرها.
واختتمت الصحافيّة تحليلها قائلةً إنّ ترامب منح الكثير من الهدايا لنتنياهو، وبالتالي لا يستغربنّ أحدٌ إذا قام الرئيس الأمريكيّ بزيارة إلى الجولان للاحتفال مع صديقه نتنياهو بإطلاق اسم مستوطنةٍ على اسمه، وفي نفس المُناسبة، سيُطلِق العنان لرئيس الوزراء الإسرائيليّ بضمّ أجزاءٍ من الضفّة الغربيّة في مُحاولةٍ منه لمُساعدته في الفوز بالانتخابات التي ستجري في السابع عشر من شهر أيلول (سبتمبر) القادم، طبقًا لأقوالها.
تعليقك