وكالة مهر للأنباء - أيمن حمدان: تقوم العلاقات الدولية في عصرنا الحديث على مبدأ المصالح المشتركة، فهي في حقيقة الأمر علاقات براغماتية بامتياز لا مكان فيها للعاطفة و لا للانتماءات الوجدانية .
في هذا الإطار يمكن فهم حقيقة العلاقة التي تجمع الدوحة بأنقرة و التي تزداد متانة يوما بعد يوم , إذ تشترك تركيا و قطر في حلم اقتسام المنطقة و التحكم في مجريات الأحداث فيها , ما يفسر سر تطابق السياسة الخارجية لكلتا الدولتين .
نسلط الضوء في مقالنا اليوم على الجانب الاقتصادي للعلاقة التركية القطرية و أبعاده المستقبلية .
إن المتتبع لواقع الاقتصاد التركي لا بد أن يرى بوضوح انه على شفا حفرة من السقوط و أن المساعدات السخية التي تتلقاها أنقرة من حلفائها الرئيسيين و على رأسهم قطر هي ما يؤجل مرحلة الانهيار التام، إذ يبدو أن الدوحة مستعدة لضخ مبالغ خيالية لمساعدة حليفها الأول رجب طيب أردوغان خاصة و أنها لم تنسى بعدُ الموقف التركي الداعم لها في أزمتها الأخيرة مع أشقائها الخليجيين والعرب (السعودية - الإمارات - البحرين - مصر)،و الذي ساهم بشكل كبير في مساعدة الدوحة على عبور محنتها بسلام و الحفاظ على استقلالية قرارها دون الرضوخ لشروط أشقائها.
تشير الأرقام الرسمية إلى أن العلاقة الاقتصادية التي تجمع الحليفين في ازدهار مستمر فإلى جانب تواجد نحو 186 شركة قطرية - تركية مشتركة، ونحو 19 شركة تركية بملكية كاملة في قطر فقد شهدت الاستثمارات القطرية في تركيا الفترة الأخيرة قفزة نوعية، إذا تجاوز حجم هذه الاستثمارات سقف ال20 مليار دولار أمريكي وذلك بحسب تأكيدات الرئيس التنفيذي في مركز قطر للمال يوسف محمد , كما صعدت قيمة الصادرات التركية إلى قطر سنة 2019 بنسبة 67% مقارنة مع العام السابق له، لتبلغ زهاء 1.000 مليار دولار.
هذه الأرقام تثبت بما لا يدع مجال للشك أن الحليفين يدركان ضرورة استمرار التعاون المشترك بينهما و لو مرحليا باعتبار أن سياسات كل من أنقرة و الدوحة طيلة فترة ما بعد الربيع العربي جعلتهما ضمن خندق واحد فإما أن ينجحا سويا في إعادة تشكيل خارطة القرار السياسي لدول الشرق الأوسط أو يفشلا سويا و تسقط بالتالي أنظمتها كليا .
ما لا تدركه قطر هو أن رجب طيب أردوغان لا يعترف بعدو دائم و لا بصديق دائم , وعلى هذا الأساس تتغير مواقف الرئيس التركي من حين إلى آخر بشكل جذري يجعل من الصعب على المرء أن يرسم وجها حقيقيا للسياسة التركية، ولا إلى أين ستتجه أو ترسو فبشار الأسد صديق الأمس القريب أضحى في عيون أنقرة اليوم مجرم حرب أما نظام الملالي و الذي كان نظاما فاشيا آيلا للسقوط تراه تركيا اليوم كحليف استراتجي و عنصر فعال من اجل سلام المنطقة
فهل يتواصل هذا التوافق التركي القطري, أم أننا سنشهد انفصالا وشيكا في الأيام القليلة القادمة ؟!
تعليقك