أفادت وكالة مهر للأنباء وفي اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية الإيرانية، قال "علي باكوي"، عضو هيئة التدريس في قسم الفيزياء بجامعة "تربيت مدرس": "على الرغم من مرور أكثر من 20 عامًا على البرنامج الطاقة النووية في إيران، لا يزال بعض الناس يتساءلون عما إذا كانت الطاقة النووية تستحق كل هذه العقوبات والتكاليف التي تكبدناها".
وأضاف: "قبل الإجابة على هذا السؤال، يجب أن نلاحظ أن الأنشطة النووية كانت ذريعة لهذه العقوبات، وإذا لم تكن هذه الذريعة موجودة، لوجدوا ذريعة أخرى، لأن الجميع يعلم أن الأنشطة النووية الإيرانية سلمية، ولم تتجه نحو الأسلحة النووية قط. وقد أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تُعتبر المرجع الرسمي في هذا الشأن، على ذلك عدة مرات، ومؤخراً اعترف أحد المسؤولين في الاستخبارات الأمريكية بهذا الأمر".
وأضاف: "لتوضيح أهمية التكنولوجيا النووية، يجب أن ننظر إلى أنواع التفاعلات النووية. كل واحدة من هذه التفاعلات تخلق تطبيقات واسعة. أشهر تفاعل نووي هو "الانشطار"، حيث تنقسم نواة ثقيلة نتيجة امتصاص نيوترون إلى نواتين خفيفتين، ويطلق هذا التفاعل عدد من النيوترونات وكمية من الطاقة. يمكن أن تؤدي النيوترونات المحررة في كل تفاعل انشطاري إلى انشطار نوى أخرى، مما يزيد بشكل كبير من عدد التفاعلات ونتيجة لذلك الطاقة المحررة".
وأشار باكوي إلى أن هذه الطاقة المحررة الناتجة عن الانشطار تُستخدم في المحطات النووية، وفي صناعة الأسلحة النووية، وفي المفاعلات البحثية، قائلاً: "يوجد مفاعل بحثي في طهران يُعتبر مصدرًا للعديد من الأبحاث في منظمة الطاقة الذرية".
عضو هيئة التدريس في قسم الفيزياء بجامعة تربيت مدرس قال: "أما التفاعل الآخر فهو تفاعل الاندماج. في الاندماج النووي، على عكس الانشطار الذي يتحول فيه نواة ثقيلة إلى نوى أخف، يتم دمج نواتين خفيفتين معًا لتشكيل نواة ثقيلة، وهذا التفاعل يحدث عند درجات حرارة وضغوط مرتفعة جدًا. ويعتبر هذا التفاعل مصدر الطاقة للنجوم والشمس".
وأشار إلى أن العديد من العلماء يعتقدون أن مصدر الطاقة المستقبلية للعالم هو الاندماج، لأنه آمن للغاية، ويمكن استخراج عناصره الأولية من مياه البحار.
وأضاف: "تعمل الدول الصناعية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا واليابان وألمانيا وفرنسا بشكل مشترك في إطار مشاريع حول هذه القضية، لأنها قد تكون مصدر الطاقة المستقبلية للعالم".
تابع باكويي: "تفاعل نووي آخر لم يُعطَ له الاهتمام الكافي هو "اضمحلال النواة". حيث كما أن بعض الذرات تتمتع بالإشعاع الذاتي، فإن بعض النوى أيضًا تطلق جزيئات مثل ألفا وبيتا أو أشعة غاما. يتم الاستفادة من هذا النوع من التفاعل في الأدوية الإشعاعية".
وأشار أستاذ الفيزياء إلى أن هناك تفاعلات أخرى تحدث في النوى، لكن هذه الثلاثة هي التفاعلات النووية الرئيسية المستخدمة.
ماهي الدول التي تستفيد من التكنولوجيا النووية؟
أكد عضو هيئة التدريس في قسم الفيزياء بجامعة تربيت مدرس أن الدول الرئيسية التي تستفيد من هذه التكنولوجيا تنقسم إلى فئتين: الدول التي تمتلك أسلحة نووية والدول التي تستخدم التكنولوجيا لأغراض سلمية فقط.
وأضاف باكويي: "تستخدم الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والهند وباكستان والكيان الصهيوني وكوريا الشمالية كلا الاستخدامين، العسكري والسلمي. بينما تستخدم دول مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والبرازيل وإيران وكندا والسويد والأرجنتين وأوكرانيا، بالإضافة إلى بعض الدول الجديدة مثل مصر والسعودية والإمارات، التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية".
وشدد على أن جميع الدول التي تستخدم هذه التكنولوجيا تقريبًا هي دول متقدمة، قائلاً: "إذا لم تكن هذه التكنولوجيا جيدة، فلماذا تركز هذه الدول الكبرى عليها ولماذا تسعى لتطويرها؟".
وتابع: "يوجد في العالم أكثر من 400 محطة نووية تنتج الكهرباء، ومن بين هذه المحطات، يوجد حوالي 90 محطة في الولايات المتحدة، و55 محطة في فرنسا، وحوالي 50 محطة في الصين، و35 محطة في اليابان، وحوالي 30 محطة في كوريا الجنوبية، والبقية في كندا والبرازيل والهند وباكستان والأرجنتين وأوكرانيا وعدد من الدول الأخرى".
وأشار باكويي إلى أن الدول الرئيسية المالكة لهذه التكنولوجيا لا ترغب في أن تمتلكها دول أخرى، مضيفًا: "التكنولوجيا النووية هي تكنولوجيا ثمينة احتكرتها الدول الكبرى. وما نمتلكه في هذا المجال هو نتيجة جهود علمائنا، وهذا هو أكبر قيمة لبلدنا".
وأشار إلى أن هذه الصناعة محلية بالكامل، وقد تمكنا خلال هذه الفترة، رغم التقلبات والسياسات التي نفذتها حكومات مختلفة، من تحقيق دورة كاملة للوقود النووي. بينما بعض الدول التي تمتلك محطات نووية لا تملك دورة وقود كاملة.
كما أضاف: "لدينا مصادر اليورانيوم، ونقوم بمعالجته بأنفسنا، كما نقوم بعمليات التخصيب، وننفذ أيضًا عمليات التحضير، ولدينا دراسات في إعادة معالجة الوقود. وهذا أمر ذو قيمة كبيرة".
وعند سؤاله عن الدول التي نتساوى معها في مجال تكنولوجيا إنتاج الطاقة النووية، أجاب: "تعتبر إيران من بين أفضل 10 دول في مجال الطاقة النووية، كما أننا من بين الدول الرائدة في إنتاج الأدوية الإشعاعية والطب النووي. إنتاج دواء إشعاعي جديد لعلاج السرطان هو دليل على ذلك. لدينا أيضًا القدرة على تصدير الأدوية الإشعاعية. ربما نكون من بين أفضل المنتجين للأدوية الإشعاعية التي حققنا هذه النجاحات دون الاعتماد على الموارد الخارجية. وفي الزراعة، تمكنا أيضًا من الاستفادة بشكل جيد من هذه التكنولوجيا النووية. كما أن جهاز "إكس سل" الذي تم تصنيعه مؤخرًا بواسطة شركة قائمة على المعرفة يعتمد على التكنولوجيا النووية".
وأكد: "نستخدم التكنولوجيا النووية أيضًا في كشف تسربات أنابيب الغاز وأنابيب نقل المياه، وقد تم القيام بأنشطة جيدة في هذا المجال".
وأضاف: "من الأمور التي نبحث عنها منذ سنوات والتي تمثل حاجة ملحة لنا هي تحلية المياه باستخدام التكنولوجيا النووية. مع الموارد المائية المتاحة في شمال وجنوب البلاد، ومن جهة أخرى، التكنولوجيا النووية التي نمتلكها، يمكننا حل أزمة المياه بشكل جيد".
مسيرة التكنولوجيا النووية في البلاد: تحول وليس تقدم!
أكد باكويي أن عملية استخدام التكنولوجيا النووية في البلاد تمثل تحولاً حقيقياً وليس مجرد تقدم. وأشار إلى أنه يجب علينا في بلادنا التفكير في تطوير هذه التكنولوجيا وعدم التوقف عند هذه الإنجازات. من بين الخطوات التي يجب أن تحظى باهتمام خاص، هي بناء المفاعلات الصغيرة المتنقلة (SMR) التي تُستخدم بشكل كبير في تحلية المياه وإنتاج الكهرباء في المناطق النامية. وقد حظي بناء هذه المفاعلات بدعم من منظمة الطاقة الذرية.
وشدد باكويي على ضرورة تنفيذ المشاريع التنموية في مجال التكنولوجيا النووية، قائلاً: "يجب أن تتضمن برامج البلاد أيضاً مناقشة تصنيع مواد جديدة يمكن إنتاجها من خلال هذه التكنولوجيا النووية. يمكن تحقيق التعرف على بنية المواد، وزيادة مقاومتها أمام درجات الحرارة والتآكل باستخدام هذه التكنولوجيا النووية." كما أشار إلى أهمية استخدام أشعة النيوترونات والبروتونات في العلاج، وهي من الأمور التي يجب أن تحظى بالاهتمام.
وأضاف باكويي: "تكنولوجيا الطاقة النووية، بالإضافة إلى إنتاج الطاقة، لها تطبيقات في قطاعات مثل الزراعة والنفط والطب وغيرها من المجالات." ورغم أن إيران عضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على دراية كاملة بتفاصيل الأنشطة النووية السلمية في البلاد، إلا أن بعض الدول لا تزال تستخدم الطاقة النووية كذريعة لفرض العقوبات، في حين أن هذه العقوبات لا تتعلق بطبيعة الأنشطة النووية الإيرانية الحقيقية.
وأكد باكويي أن الطاقة النووية هي نتيجة التقنية النووية، وأن هذه التقنيات تمثل تنمية جميع التقنيات، مما يعني أن تطوير التكنولوجيا النووية سيؤدي إلى تطوير تكنولوجيات أخرى. وفي رده على سؤال حول تأثير التكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي على هذه التكنولوجيا، قال: "بالتأكيد، ستسرع كثيراً من عملية تطوير ونمو التكنولوجيا النووية وتغلغلها في الصناعات واستخداماتها."
/انتهى/
تعليقك