٣١‏/٠٨‏/٢٠٢٠، ٥:٤٣ م

شعب يخلّد مواقف تقل نظائرها في التاريخ في مواجهة ثلاثة من أصعب تحديات القرن

شعب يخلّد مواقف تقل نظائرها في التاريخ في مواجهة ثلاثة من أصعب تحديات القرن

أظهر الشعب الايراني مواقف بطولية تقل نظائرها في ايام الثورة وفي اعوام الحرب المفروضة، لكن المواقف التي أبداها في الآونة الاخيرة في مواجهة ثلاثة من اصعب تحديات القرن وهي "مسلسل السيول والكوارث"، "كورونا" و"إحياء محرم في ظل تفشي كورونا"، تشير الى تحولات جذرية يشهدها المجتمع الايراني.

مبادرة مداح اهل البيت (ع) "محمود كريمي" بحركة في العشرة الأولى من شهر محرم، تحولت الى حدث تاريخي، حيث جاء بمجالس العزاء في ذكرى استشهاد ابيعبدالله الحسين (ع) في شوارع والأحياء، لكي تبقى المجالس الحسينية قائمة رغم ما فرضته جائحة كورونا من ظروف استثنائية وقيود، على كافة المجتمعات الانسانية على وجه الكرة الأرضية.

منذ بداية شهر ذي الحجة استعد الناس لتحدّ جديد وهو كيفية اقامة طقوس شهر محرم الحرام وعاشوراء في وجود هذه الجائحة

وإقتاد الكثير من المداحين بهذه الحركة، وجاؤوا بالعزاء الحسيني الى الشوارع والأزقة، وهكذا تحولت حركة المداح "كريمي" الى حركة ثورية، تستمد قوتها من الشعب.

مع ظهور جائحة "كورونا" بدأ موسم جديد في تاريخ المجتمعات الانسانية، من ضمنها المجتمع الإيراني، ومنذ بداية شهر ذي حجة استعد الناس لتحدّ جديد وهو كيفية اقامة طقوس شهر محرم الحرام وعاشوراء في وجود هذه الجائحة.

في ظل هذه المخاوف والتساؤولات حول كيفية إقامة شعائر محرم وعاشوراء، تبلورت ظاهرة جديدة وأتت بنوع آخر من ثمار  شجرة الثورة الاسلامية؛ حراك شعبي يدخل الساحة ويغير كافة المعادلات.

بعد حدوث السيول في العام الماضي في عدة مدن ومحافظات ايرانية من شمالها الى غربها، وصولا الى جنوبها، جاء الشعب الايراني المضحي الى الميدان، ليسجل ملحمة جديدة أدهشت الجميع.

سارع أبناء الشعب بمختلف الاطياف ومن كافة جغرافيا الوطن، لإغاثة المنكوبين جراء السيول، ليذكرّوا ببطولات وبسالات شهدها تاريخ ايران في السبعينات والثمانينات؛ منذ انداع الثورة وانتصارها وثم في الحرب المفروضة على ايران.

يحمل هذا الجهاد الشعبي مؤشرات إجتماعية حديثة؛ تنهض المواكب الدينية والمنظمات الثورية وقوات التعبئة وغيرها من المؤسسات الشعبية، لتلبّي نداء أبناء وطنهم، من المنكوبين والمتضررين جراء مسلسل السيول والكوارث الطبيعية التي حلت بايران خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة، واظهرت هذه التضحيات مرة أخرى الروح الثورية والحماسية لدى الشعب الايراني.

بلور فيروس كورونا مرة أخرى عزيمة الشعب الايراني الثوري، الذي لا يضم في قاموسه كلمة "الهزيمة"قبل أن يتخلص الشعب بشكل كامل من تداعيات السيول والكوارث التي حلت بإيران مؤخرا، فجأة ظهر وباء مجهول ومنحوس، يطلق عليه اسم "كورونا" ليغير المعادلات من جديد، ومن جانب آخر ليبلور مرة أخرى عزيمة الشعب الثوري، لا يضم في قاموسه كلمة "الهزيمة".

دخل أبناء الشعب الايراني بأشكال مختلفة، مباشرة وغير مباشرة، ساحة المعركة في الحرب ضد كورونا، جنب الى جنب الطاقم الصحي والطبي، عبر انتاج الكمامات والمعقمات وايضا عبر حضور عناصر التعبئة وطلبة الحوزة في المستشفيات.

يقف في الصف الاول من جبهة الحرب مع كورونا الاطباء والممرضون والطاقم الطبي؛ يشعر عوائل هؤلاء الشجعان بقلق مستمر، بل هم الأكثر قلقا وتوترا بين الناس هذه الأيام، وبين الفينة والأخرى نسمع نبأ استشهاد احد ابطال الطاقم الطبي، رغم ذلك لا يبدوا على وجههم ملامح الاستسلام والتراجع عن أداء مهتهم الوطنية والانسانية الصعبة.

على وقع تفشي وباء كرونا والتداعيات الاقتصادية التي جاء بها الوباء، ظهر شكل جديد من مظاهر التلاحم والتضامن بين ابناء الشعب الإيراني، سيما بعد إيعاز قائد الثورة الاسلامية بإطلاق حركة شعبية عنوانها "مناورة المساعدات الإيمانة"، حيث أثبت الشعب الايراني أنه لن ينسى تاريخه الثوري والملحمي، وهكذا تدفق سيل من المساعدات الإنسانية نحو المناطق الفقيرة والعوائل المتضررة، في عام حل به كورونا كضيف مشؤوم، لتشتدّ الضغوط التي طالما كانت موجودة من قبل بسبب العقوبات المفروضة على ايران.

مساعدة المحتاجين جزء من تراث وثقافة الايرانيين، لكن الطريقة التي بادر بها هذا الشعب في الفترة الاخيرة، في فك عقد حياة أبناء وطنهم، تحمل مؤشرات لتحولات جديدة جذرية في المجتمع الايرانيطالما اعتاد الشعب الايراني على مساعدة بني جلدته، لكن الطريقة التي بادر بها الايرانيون في الفترة الاخيرة، في فك عقد حياة أبناء وطنهم، وقيام المؤسسات الرسمية بتهيئة الارضية اللازمة لهذه المساعدات، تحمل مؤشرات لتحولات جديدة جذرية في المجتمع الايراني.

وفي محرم هذا العام، خضع الرواديد ومداحوا اهل البيت (ع) لإمتحان جديد، لكنهم حازوا على درجة القبول، رغم تعطيل المجالس الحسينية. هنا أختار هؤلاء الثوريون طريقة جديدة لأحياء مراسم العزاء الحسيني، في ظل وجود جائحة كورونا.

عندما خرج الرادود الحسيني الشهير "محمود كريمي" حاملا سماعته في الشارع العام، أبدع طريقة جديدة اتبعها الكثير من الرواديد الحسينيون، وهكذا انتقل العزاء الحسيني الى الشوارع والأزقة، ليشهد الجميع أن كورونا لم تستطع أن توقف عشاق سيد الشهداء اباعبدالله الحسين (ع) عن ممارسة عشقهم واحياء ذكرى عاشوراء.

شهد محرم هذا العام مواقف تاريخية وثورية، أجلبت  وسام فخر آخر لأبناء الشعب الايراني؛ مداحون شهيرون يجلسون في مرتبات شيّدها الاطفال بامكانياتهم المتواضعة، رادود ينحني أمام والدة شهيد متمنياً الشهادة، الشيخ الكبير الذي يقيم العزاء الحسيني مشيا على أقدامه وحيدا في الشارع، الرادود الحسيني الشهير الذي يحيي العزاء الحسيني في أحياء ومناطق نائية وفقيرة للغاية، وقائد الثورة الذي يقيم مراسم العزاء دون حضور الجمهور، حفاظا على سلامة الشعب وتأكيدا من سماحته على الالتزام بتعليمات الهيئة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا  وفي النهاية المواكب الحسينية الكبيرة التي تقيم مراسم عزاء ضخمة ضمن مراعاة التعليمات الصحية والتباعد الاجتماعي، في حال أن المشاركین في هذه المراسم هم من يقومون بادارة الاوضاع بانفسهم متطوعین بمراعات التعليمات الصحية بالكامل.

رمز الخبر 1907167

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha