وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: رغم كل الضغوط الغربية والعربية والعبرية من داخل لبنان وخارجه، ورغم كل الضغوط الإقتصادية والمعيشية المفروضة على الشعب اللبناني، لكن نتائج الانتخابات تظهر أن اللبنانيين ما زالوا متمسكين وأوفياء لمحور المقاومة في هذا البلد، ولا ننسى أن العنوان المكرر الذي ركزت عليه التحركات والمزاعم طوال الأعوام وخاصة خلال الأشهر الأخيرة، كان ضرورة نزع سلاح المقاومة.
ويقول محللون سياسيون أن المقاومة بجدران الدفاع التي خاضت علی أساسها الإنتخابات التشريعية في لبنان، نجحت بحماية وجودها. فيما يوضح آخرون أن المرتكز الأول في إنتصار المقاومة هو المستوی الشعبي المرتفع عن 2018 بأعداد الأصوات التفضيلية التي نالتها المقاومة.
ويؤكد قادة في التيار الوطني الحر، فشل المحاولات الإعلامية والسياسية والمالية والتدخل الأميركي عبر نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينغر وحتی الزيارات المكوكية للسفراء إلی المساجد والكنائس لتخريب التيار الوطني الحر.
وفي هذا الشأن أجرت وكالة مهر للأنباء، حواراً صحفياً مع الباحث في الشؤون الإقلیمیة والإجتماعیة الدکتور "طلال عتريسي"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** الإنتخابات هزت الهیکل السیاسیه وأحدثت خلل فی تکوینها. کیف تری هذه الإنتخابات وهل هي مرضية للشعب اللبناني ؟ ومن هو الخاسر الأکبر فی هذه الإنتخابات ؟
الفاصل الأكبر بهذه الإنتخابات هو الذي أرادها معركة سايسية عبر القنوات الإعلامية وعير التصريحات والمواقف للمرشحين من إتجاهات مختلفة، وكان عنوان هذه المعركة السياسية إستهداف حزب الله وسلاح المقاومة وعزل حزب الله عن بيئته الشعبية، بل وتحميل حزب الله مسؤولية الإنهيار الإقتصادي والمالي في لبنان. هذه هي الأهداف التي رُفعت على مستوى الداخل اللبناني وعلى المستوى الإقليمي، وعلى المستوى الأمريكي دولياً.
هذه الأهداف فشلت ولم تتحقق؛ إذا هؤلاء هم أكبر الخاسرين. لأن حزب الله حصد أكبر عدد من الأصوات التفضيلية حسب قانون الإنتخابات اللبناني، على مستوى لبنان ككل، وكل مرشحي حزب الله فازوا في الإنتخابات، وجزء أيضاً من حلفاء حزب الله فازوا في الإنتخابات من طوائف أخرى وفي مناطق أخرى.
إذا حزب الله خرج من الإنتخابات ولم يمسه أي تراجع لا على مستوى الشعبية، ولا على عدد النواب، ولا على مستوى الحلفاء، هذه مسألة أساسية في أي معركة سياسية مقبلة في لبنان. هذا يعني أن كل الجهود التي بُذلت والضغوط التي مورست الإعلامية والنفسية لم تحقق النتيجة المرجوة منها، وهذه نقطه هامة فيما يخص نتائج الإنتخابات.
وبالطبع الشعب اللبناني راض عن نتائج الإنتخابات لأنه إستطاع أن يُدلي برأيه، وكانت النتائج متوافقة مع الطموحات معظم الشعب اللبناني، ونتائجها مُعبرة عن ميول الشعب اللبناني، والقوى الأساسية حصدت ما يُعبر عن أحجامها الواقية يعني التيار الوطني الحر حصل على أكثر من 20 نائب، وحزب الله وحلفائه حصلوا على نسبة كبيرة من النواب، وبالتالي أصبحنا أمام توازن وربما يكون الغالبية البسيطة لصالح حزب الله وحلفائه.
أما العامل الجديد في هذه الإنتخابات الذي يُمكن أن يكون خرقاً للتوازنات السياسية والإقليمية هو وصول عشرة أو إثنا عشر نائباً مما يُسمى المجتمع المدني أو المنظمات الغير حكومية. والسؤال الذي يُطرح بالنسبة إلى هؤلاء هل سيعمل هؤلاء ككتلة موحدة ؟ وهذا مُستبعد.
يقول عنهم ديفيد شنغر وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق أنهم نرجسيون ومتنافسون بشراسة على المقاعد، وأنه مُحبط عن طريقه تعاملهم، وبالتالي فمن المُستبعد أن يعمل هؤلاء كقوة مُتماسكة. فإمكانياتهم على التغيير ستكون إمكانيات محدودة، ما يعني أن القوى الموجودة حالياً ستكون هي صاحبة القرار إلا إذا تمكن هؤلاء من العمل معاً وشكلوا ما يُسمى العامل الحاسم، إذا إنحازوا إلى هذه الكتلة أو تلك فنعم، فسيكون بإمكانهم تغيير إتجاه الرياح السياسية.
** كيف تبدو صورة توزع القوى السياسية في البرلمان الجديد ؟ وكيف فشل مشروع إسقاط المقاومة وحلفائها ؟
توزع القوى السياسية في البرلمان الجديد ربما يمكن القول توزعات متساوية تقريباً من حيث الأعداد القوى السياسية وحلفائها، وبالتالي سيكون هناك وضع دقيق جداً في الخيارات السياسية لهذا البرلمان.\
يعود فشل مشروع إسقاط المقاومة وحلفائها إلى شعبية المقاومة الحقيقية وثقة جمهور المقاومة بقياداتها، والإنجازات الفعلية التي حققتها المقاومة
في لبنان تجربة مرت على البرلمانات السابقة كانت فيها الأغلبية لحزب الله ولحلفائه وكانت الأغلبية أيضاً للتيار المقابل لقوى 14 آذار و لحفائه، في كلتا الحالتين لم يستطع أحد أن يفعل ما يريد، فالتوازن الطائفي الدقيق يُفرض على الشعب اللبناني وعلى القوى السياسية العمل التوافقي. ونظرا لصعوبة هذا العمل التوافقي لم يُنجز أحد شيئاً وهذا ما سنشهده في البرلمان الجديد؛ هناك صعوبة في التوافق وبالتالي إن الأزمات سوف تستمر في المدى المنظور.
ويعود فشل مشروع إسقاط المقاومة وحلفائها إلى شعبية المقاومة الحقيقية وثقة جمهور المقاومة بقياداتها، والإنجازات الفعلية التي حققتها المقاومة، والإعلام السيئ في التحريض التي قامت به الأطراف الأخرى والإستفزاز الذي مورس ضد بيئة المقاومة وضد عقائد المقاومة ضد قائد المقاومة الأمين العام لحزب الله، كل هذه العوامل ساهمت في المزيد من التحفيز الرغبة والمشاركة وخصوصا وأن شعار العداء للمقاومة كان واضحا عند الأطراف الأخرى، وهذا ما إنعكس سلباً على هذه الشعارات وأدى إلى تحفيز كبير في أوساط جمهور المقاومة وبيئة المقاومة، وقد نالت المقاومة أعلى نسبة من الأصوات، كما ذكرنا في مختلف الدوائر.
** ما حقيقية فضائح التدخلات السياسية والمالية الخارجية ؟
التدخلات السياسية والمالية نعم واضحة جداً وكما ذكرت قبل يوم أو يومين من الإنتخابات تحدث ديفيد شنغر وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق يقول: نحن ساهمنا في إغلاق بعض البنوك في لبنان، نحن قررنا وساهمنا في موضوع الإنهيار الإقتصادي في لبنان ومن خلال العقوبات التي فرضناها، هذا الهدف منه كان إستهداف حزب الله والمقاومة.
وعلى مستوى التمويل أيضاً بعض الرموز الأمريكية مثل السفيرة الأمريكية وفيلدمن وغيرهم تحدثوا بصراحة وقالوا نحن صرفنا الملايين في لبنان، ودعمنا مجموعات مدنية في لبنان.
أيضاً السفير السعودي في لبنان قام في جولات علنية قام بجولات علنية في أثناء الإنتخابات وطلب من بعض المرجعيات الدينية الدعوة إلى المشاركة في الإنتخابات.
وهم الذين فرضوا على تيار المستقبل الإنكفاء عن العمل السياسي وعن هذه الإنتخابات وهذا تدخل واضح بهذه الإنتخابات وهذا أدى إلى تغيير في نتائج الإنتخابات التي صبت في جزء منها في مصلحة القوات اللبنانية. إذا هناك تدخل خارجي مفضوح وواضح للجميع.
ولجنة مراقبة الإنتخابات المحلية والدولية لاتتحدث بشئ عن هذا التدخل وعن الرشاوى التي دُفعت، وهذا الأمر كان واضحاً للجميع، ورغم كل ذلك لم تؤدي النتائج إلى تفوق القوات اللبنانية أو إلى إضعاف التيار الوطني الحر حليف حزب الله، بالعكس التيار الوطني الحر زاد عدد نوابة وحلفائه.
حزب الله خرج منتصراً ومتماسكاً وقوياً من هذه المعركة السياسية؛ إذا كل هذه التدخلات في واقع الأمر فشلت لكنها كانت مكشوفة ومفضوحة ومغشوشة ومعيبة بحق الإنتخابات في لبنان وبحق هذه القوى الإقليمية والدولية./انتهى/
تعليقك