٢٣‏/٠٢‏/٢٠٢٣، ١٠:٢٨ م

كاتب لبناني لـ"مهر":

موقف ايران من الحوار مع السعودية استراتيجي/ ايران تدعم الحق المشروع للشعب اليمني

موقف ايران من الحوار مع السعودية استراتيجي/ ايران تدعم الحق المشروع للشعب اليمني

قال الكاتب اللبناني الاستاذ، روني الفا، ان ايران منفتحة على الحوار مع السعودية، وهذا موقف استراتيجي للجمهورية وليس موقفا ظرفيا لان السياسة الخارجية ومصالح الامن القومي للجمهورية تقتضي الانفتاح على الجوار وتهدئة الخلافات الجيوسياسية بينها وبين جيرانها، من هذا المنطلق كان الحوار بين البلدين متاحا.

وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: لطالما رحبت إيران بالمحادثات مع المسؤولين السعوديين وتعتبر ذلك في مصلحة شعبي البلدين والمنطقة.. وأكد الكثير من المحللين بين البلدين انهناك انفراجة حقيقية واسعة في العلاقات بين كل دول المنطقة، مدعومة بقناعة راسخة ونيات سليمة بأن مستقبل المنطقة يعتمد على البدء بالنظر إليها كمنظومة مصالح متلاقية وليست متقاطعة. فيما اكد البعض انه يمكن القول إنه إذا تم ترقية المحادثات إلى مستوى سياسي من الدرجة الأول، فيمكننا أن نتوقع رؤية تقدم في مختلف مجالات المحادثات.

وقال وزير الخارجية الايراني "حسين امير عبداللهيان"؛ ان المحادثات الإيرانية السعودية تسير في اتجاهها الصحيح، واوضح ان ايران لم تقطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، فلطالما رحبت إيران بالمحادثات مع المسؤولين السعوديين وتعتبر ذلك في مصلحة شعبي البلدين والمنطقة.

وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع مع الاعلامي والكاتب اللبناني الاستاذ "روني الفا"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

** في الشأن اللبناني لا بد من ان نبدأ من المعادلات الجديدة التي وضعها سماحة السيد حسن نصر الله بشكل حازم لوقف الضغوط الأمريكية على الشعب اللبناني بالتجويع والحصار ومنع الحلول السياسية.. كيف تقرأ هذه المعادلات؟، وهل وصلت الرسالة لواشنطن؟

ليس غريبا في المنعطفات التاريخية التي تهدد مصائر الشعوب ان تتدخل المقاومة لتصحيح المسارات، وهذا يعكس حكمة القوة اي استعمال هذه القوة في سبيل قضية نبيلة، وهل انبل من انقاذ لبنان الذي يعاني منذ اكثر من خمسة عشر سنة من حصار اقتصادي بات واضحا للعيان معطوفا على قانون قيصر الذي حرم الشريان السوري، وبالتالي اضعف البنية الاقتصادية والاجتماعية للبنان الى حد الانفجار...

بالطبع انها المعادلة نفسها التي استعملتها المقاومة في فرض شروطها خلال مرحلة الترسيم البحري مع فلسطين المحتلة حيث استطاعت مسيرات ثلاث غير مسلحة اضافة الى ناضور مزود بإحداثيات استطاعت ان تكسب معركة الوعي ضد العدو، فساهمت بإستعادة حقوق لبنان الغازية والنفطية من بحره، بالطبع انها معادلة القوة في مواجهة القوى الظالمة، انها معادلة الاقتدار في مواجهة الظلم والاستكبار والاستعلاء، وهي معادلة باتت واضحة وقد قلبت الموازين منذ عام 1948 حتى اليوم...

وبالتالي عندما تصل الرسالة الى تل ابيب فإنها تكون قد وصلت حكما الى واشنطن، واعتقد اننا في المرحلة المقبلة امام البعد التنفيذي لهذه المعادلة، ولذلك يبدو لي ان هناك ارهاصات او مؤشرات تجعلنا متفائلين حول بداية مسار فك الحصار عن لبنان، ولربما يكون للزلزال الكبير الذي ضرب تركيا وسوريا دور في انطلاقة هذا المسار، وهذا ما يدفعنا الى التفكر بالحكمة الالهية التي تتدخل احيانا ولو بتدفيعنا اثمانا باهظة على المستوى الانساني من اجل ان نأخذ مصائرنا بأيدينا ونشق طريق تحررنا.

** بعد الانفراجة المحدودة في الملف اليمني وتسليم السعودية للشروط اليمنية، يتطلع كثيرون الى اجتماع مرتقب بين الجانبين الإيراني والسعودي لايجاد مخرج لعدد من الازمات الاقليمية.. هل ترون امكانية لاستئناف الحوار الإيراني - السعودي؟، وهل فعلا يمكن المراهنة عليه للسير في تسوية الازمة في لبنان؟

سمعنا عندما التقينا مسؤولين كبار في الجمهورية الاسلامية الايرانية ان ايران منفتحة على الحوار مع المملكة العربية السعودية، وهذا موقف استراتيجي للجمهورية الاسلامية، وليس موقفا ظرفيا لان السياسة الخارجية ومصالح الامن القومي للجمهورية تقتضي الانفتاح على الجوار وتهدئة الخلافات الجيوسياسية بينها وبين جيرانها، من هذا المنطلق كان الحوار الايراني _ السعودي متاحا وكانت الجمهورية الاسلامية منفتحة عليه انما دون شروط مسبقة، لان هذه الشروط كانت تعيق في الماضي تقدم هذه المفاوضات، انما يبدو لي في الاونة الاخيرة ان الطرف الآخر بات مقتنعا ان الجلوس الى طاولة المفاوضات يجب ان يكون على اساس عدم وضع او فرض شروط محددة على المحاور الآخر...

لقد كان موقف الجمهورية الاسلامية في ايران واضحا عندما اكد استعداد ايران على فتح سفارتها في المملكة، وبالتالي هذا يؤشر الى ان الشكل الديبلوماسي احيانا قد يكون مقدمة للانفتاح على نقطة الخلاف، فإذا بدأنا بإثارة الخلاف ربما ينهار كل شيء...

الواقع الحالي هو انفراج على الجبهة اليمنية، هذا الانفراج بدأنا نقرأ ملامحه عبر الانفتاح السعودي والاماراتي على اليمن، وهو انفراج يؤشر بدوره الى مشروع تسوية بين اطراف الصراع الدائر الان في اليمن، وبطبيعة الحال فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية لا تتدخل في هذا النزاع الا من ناحية دعم الحق المشروع للشعب اليمني في تحديد مصيره، وفي الحفاظ على استقلاله وسيادة قراره، وهو قرار استراتيجي لا علاقة له بطائفة او مذهب او دين انما تحركه مقتضيات العدالة الانسانية.

** هل السياسة الأميركية تجاه لبنان نحو المزيد من الضغوط والتصعيد ام نحو إتاحة الفرصة للتفاهم والبحث عن حلول؟، برأيكم المأزق الحالي في لبنان يحتاج إلى إعادة نظر جذرية في طبيعة النظام ام أن الأفضل والممكن العودة الى التسويات التقليدية؟

ليس هناك من متتبع عاقل وجدي لتاريخ السياسة الخارجية الاميركية في المنطقة الا وهو على يقين ان اولوية هذه السياسة هي حماية الامن القومي "الاسرائيلي"، هذه السياسة لا تتحرك الا وفق هذه الاولوية ولا اعتقد ان هذا المسار سيتغير عما قريب، نظرا لوجود لوبي صهيوني متجذر ومتشعب في الادارة الاميركية، انما لا بد من التأكيد ان السياسة الخارجية الاميركية تعتمد سياسة العصا والجزرة وفق متطلبات المرحلة، ويجب ان لا نكون في لبنان معنيين بهذه الازدواجية بين المهادنة والتهديد.

ويجب علينا ان ننتظر ضغوطات من نوع آخر على سبيل المهادنة، فعلينا دائما ان ننتظر مزيدا من الضغوط، التي لا يمكن مواجهتها الا بمزيد من التفاهمات الداخلية وشد أواصر الرابط الوطني الذي هو اولا واخيرا ضمانة الصمود في لبنان، بالطبع عندما نؤكد على وحدتنا وتضامننا سيكون على الطرف الذي يضغط او يصعد ان يتنازل وان يتيح مساحة كبيرة للبنانيين للتفاهم فيما بينهم دون ان يتدخل في شؤونهم الداخلية.

** كما هو معروف وتبعا لطبيعة لبنان السياسية لا يمكن ان نصل الى انفراج قبل ان نمر بإنفجار لنصل الى اتفاق على نسق الطائف, سيما انه في الاونة الاخيرة نسمع الكثير من التحليلات التي تتحدث عن اغتيالات وتحريك الشارع بأماكن حساسة طائفيا، هل هناك تحركات تشي بهذا الامر؟

لبنان للذين يتبعون تاريخ تأسيسه كدولة وكيان يعرفون تمام المعرفة انه مر بمراحل تأسيسية متعددة، وهي مراحل متقاربة زمنيا، وهذا بطبيعة الحال مؤشر الى ان طبيعة الكيان اللبناني غير قابلة للاستقرار والاستدامة على مساحة تاريخية طويلة، وهذا بحد ذاته مبحث تاريخي تخصص له دراسات وتحاليل ذات طابع استراتيجي، انما قد يكون مفيدا التذكير بأن مرحلة التأسيس الاولى بدأت في عام 1921 اي بعيد الحرب العالمية الاولى، فرسم الكيان اللبناني على خلفية مصالح اتفاقية سايكس بيكو، وكان له لون طائفي ومذهبي تمت المحاولة من خلاله على تفادي فتن القرن التاسع عشر، استمر هذا الكيان حتى عام 1943 ثم تبدل من جديد ليراعي مصالح الحلفاء الذين انتصروا على المانيا النازية، فكان ان تلون هذا النظام طائفيا ومذهبيا ورسمت حدود العلاقة بين طوائفه، ولكن بقي هشا غير قادر على ان يؤمن الاستقرار والاستمرار والتنمية للشعب اللبناني، استمرت هذه المرحلة حتى عام1989 عندما اتى اتفاق الطائف ليخلق مظلة او شبكة امان برعاية سعودية سورية بمظلة اميركية فكان ان تغير الكيان، وتم توزيع السلطات في الدولة مرة جديدة، ثم اتى الربيع العربي عام 2011 وسبقه اغتيال الشهيد رفيق الحريري، فكان ان وضع هذا النظام في ثلاجة الانتظار وعمت الفوضى الداخلية فيه....

نحن اليوم نعيش ارهاصات تغيير جديد لهذا الكيان لهذا النظام في توزيع سلطات طوائفه بعضها على بعض، المشكلة اليوم ان هذا التغيير يتم بطريقة بطيئة لان هناك عالم جديد متعدد الاقطاب يتشكل في المنطقة والعالم، لكنه لم يأخذ مكانه بعد ولم يستقر بعد على حدود جيوسياسية وعلى تحالفات محددة، ولذلك هذا النظام في لبنان يعيش الوقت الضائع دوليا واقليميا، وخلال هذا الوقت الضائع سيبقى النظام اللبناني متأرجحا بين الماضي الذي لم يعد صالحا للاستعمال، وبين صيغة مستقبلية مبهمة لم تولد بعد... لبنان اذا صح التعبير هو في مرحلة حشرجات ولادة جديدة، ولذلك هناك مساحة للفوضى كما اشرتم في سؤالكم الاخير، مساحة الفوضى هذه لن تغير في الولادة انما ستؤخر هذه الولادة، وكل تأخير في ولادة هذا الكيان الذي يتجدد على مراحل متعددة في لبنان سيضيف مزيد من الجراح والعذابات للشعب اللبناني..

اقامة دولة مدنية قد يكون الحل الذي يجنب لبنان التعرض لعواصف اقليمية ودولية، ومصيبة هذا البلد هو ان تنوعه المذهبي والطائفي بدل ان يكون نعمة عليه بات نقمة تهدده في كل مرحلة من مراحل تغييره، لذلك نطلب من الله عز وجل ان يحمي لبنان وان يحفظ هويته القومية والعربية، وان يحمي جيشه وشعبه ومقاومته هذه الثلاثية التي ما زلت اؤمن ان وجودها وتضامنها وتماسكها وتعاونها فيما بينها هي الشرط الاساس لاستمرار وبقاء لبنان.

/انتهى/

رمز الخبر 1930945

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha