وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه استضافت "دار مفكري العلوم الإنسانية" في طهران مراسم تكريم الدكتور سعيد النجفي أسد اللهي أحد الشخصيات العلمية والأكاديمية الإيرانية الذي خدم اللغتين العربية والفارسية. وأعدّ العديد من المدرسين والاساتذة والطلاب في هذا الحقل.
حيث يعتبر الدكتور سعيد النجفي أسد اللهي من الشخصيات المعروفة لدى المهتمين والمثقفين والباحثين في اللغتين العربية والفارسية وآدابهما، وله فضل على العديد من الذين تم اعدادهم في هذين المجالين، خاصة اللغة العربية وآدابها. حيث عقدت هذه المراسم خلافاً لرغبته إذ لا يحب الظهور كثيراً، وخير مثال على هذا هو المثل العربي القائل «المورد العذب كثيرُ الزِحام».
في حقيقة الأمر جسد هذا اللقاء أثناء انعقاده وحتى بعد انتهائه هذا المثل العربي، حيث أقبل المحبون والمهتمون بالثقافين والأدبين العربي والفارسي -والذين كانوا في غالبيتهم من تلامذته وثمرة جهوده الحثيثة، وهم اليوم أساتذة يزاولون التدريس والبحث في الجامعات الإيرانية- لينهلوا من معين علومه وفكره حيث حضروا احتراماً ووفاءً له. فقد كانت قاعة فردوسي تعج بهؤلاء المهتمين خلال المراسم وبعدها عندما احتشدوا أمام باب القاعة لمدة ساعة لتوديع هذا الأستاذ الجليل.
ولد الدكتور سعيد النجفي في مدينة بغداد بالعراق عام 1939م ، وبعد عام غادر إلى طهران برفقة أسرته، ونشأ في هذه المدينة في كنف والده الشيخ العالم أحمد النجفي وتعلم علوم عصره في دار والده للعلوم العربية. وهو من أحفاد الإمام الفقيه "أسد الله التستري" صاحب المقابس والشيخ "جعفر الكبير" الملقب بـ "كاشف الغطاء"، وهم علماء غنيون عن التعريف.
عمل الأستاذ النجفي لسنوات عديدة رئيسا لقسمي اللغة العربية والفارسية وآدابهما في جامعة العلامة الطباطبائي. وكان أيضاً زميلاً للعلامة دهخدا في تأليف قاموس دهخدا.
حضر هذه المراسم العديد من الضيوف الذين ألقى بعضهم كلمات أشادوا فيها بالشخصية الأكاديمية والجامعية لهذا الأستاذ والعالم في اللغة والأدب.
حيث قال الدكتور محمد علي أذرشب، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة طهران، عن أسرة الأستاذ النجفي، تم إحياء اللغة العربية في إيران بفضل جهود الأب والأبن في ظل وجود هجمات شديدة ضد هذه اللغة.
وذكر أن "إحياء اللغة العربية في إيران هو بمثابة عمل حضاري في إيران" وقال "ينبغي ألا نضع اللغة العربية في مقابل اللغة الفارسية". وأشار الدكتور أذرشب إلى مكانة أحمد النجفي العلمية، وقال إنه لو بقي الشيخ أحمد في النجف بالعراق، لكان قد أنشأ مركزاً لدراسة اللغة الفارسية. وقال: يجب علينا توفير الأرضية لتحقيق قفزة ونهضة ثقافية في إيران.
من جهته أعرب الدكتور سيد محمد حسيني، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة العلامة الطباطبائي، عن تقديره لجهود الأستاذ النجفي في حقل خدمة لغة القرآن، وقال أن الإيرانيين يحتاجون إلى اللغة العربية للفهم والاستفادة من النصوص الفارسية القديمة مثل تاريخ الطبري في نسخته الفارسية، ومرزبان نامه، وكلستان سعدي، حيث كُتب الشطر الثاني من البيت الأول والشطر الثاني من البيت الأخير في ديوان حافظ شيرازي باللغة العربية، أي جرى استخدام ما يسمى في علم البديع بالتلميع.
كما تحدث الدكتور عباس علي وفائي، أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بجامعة العلامة الطباطبائي وعميد كلية الآداب فيها، وأشار إلى السمات الأخلاقية لهذا الأستاذ وقال إن جميع الطلاب كانوا ولا يزالون مولعين بالدكتور النجفي.
وأشار إلى أن الأستاذ النجفي يصدق عليه هذا البيت العربي ليْسَ اليَتِيمُ الذي قدْ مَات والِدُهُ *** إنَّ اليَتيمَ يَتيمُ العِلْمِ والأدبِ، وأضاف: إن تعامله مع الطلاب كان تعاملاً أبوياً وأخلاقياً مؤثراً، حيث كان يستخدم استراتيجية الدرجة المستدانة لتشجيع الطلاب على الدراسة والمطالعة؛ وبهذه الطريقة، يمنح الدرجة المطلوبة للطالب الذي حصل على درجة متدنية، شرط أن يعوض هذا التراجع في المقرر الدراسي القادم.
من جهته قال الدكتور علي كنجيان مدير هذه المراسم والأستاذ في جامعة العلامة إن الأستاذ النجفي لم يتعلق بالدنيا وشهواتها بل كان يعمل دائماً وفق هذا الحديث «حب الدنيا رأس كل خطيئة» وكان يسعى فقط وراء العلم والمعرفة.
كان الدكتور النجفي أحد مؤلفي قاموس دهخدا لمدة 60 عاماً أي منذ 1962 إلى 2022، وخلال هذه الفترة قام بتأليف 1825 صفحة وكان من أكثر المؤلفين عملاً بعد العلامة دهخدا. كما قام بتأليف 800 صفحة من القاموس الفارسي.
بدوره قال الدكتور عيسى متقي زاده، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة "تربيت مدرس"، كان للدكتور النجفي ثلاث سمات: طبيعة المدرس التي يتحلى بها والتأثير الوطني (60 عاماً من العمل في دهخدا) والثالثة:عملية التعليم والتعلم الهادفة.
من جانبه ذكر علي أصغر مصلح الأستاذ بقسم الفلسفة في جامعة العلامة أن الأستاذ النجفي كان ورعاً وفاضلاً في العلوم والأخلاق، وقال إن الغرض من ذكر سماته الحميدة هو تذكير أنفسنا بها، وإلا فإن الأستاذ النجفي لا يحتاج المدح.
وفي ختام المراسم ألقى الأستاذ النجفي كلمة مقتضبة قال فيها إنه كان معلماً ويفتخر بذلك، المعلم لا يقتصر على تعليم النحو والعلوم، بل المعلم يسعى إلى الحلول في الطالب وبناء الإنسان، وهي مهمة شاقة للغاية.
وقال إنه بخلاف سعدي الذي قال إنه يجب على المعلم أن يتعلم مهنة يستفيد منها وقت الشدة ويتجنب تعليم كل علمه للطالب، يجب على المعلم أن يعلم بصدق و أن يكون طالبه أعلى منه بدرجة وإلا يكون قد تقاعس في مهمته. واعتبر اللغة العربية وآدابها من الفروع التي يمكن الاستفادة منها في بناء الإنسان.
/انتهى/
تعليقك