٢٨‏/٠٩‏/٢٠٢٣، ٨:٥٨ ص

د.سمير أيوب لِمِهر:

أسلحة أمريكا والغرب لن تغير المعادلة لصالح أوكرانيا

أسلحة أمريكا والغرب لن تغير المعادلة لصالح أوكرانيا

أكد المتخصص في الشؤون الروسية والدولية "د. سمير أيوب"، أن الغرب وأمريكا مهما قدموا من أسلحة فتاكة إلى اوكرانيا، لا يمكن أن يغير ذلك المعادلة على جبهات القتال، مشيراً إلى أن الهدف من بناء احلاف ومجموعات اقتصادية كقمة شنغهاي ومجموعة البريكس وغيرها، هو قيام عالم متعدد الاقطاب ومواجهة هيمنة أمريكا.

وكالة مهر للأنباء_ القسم الدولي: حرّضت الولايات المتحدة الأمريكية، أوكرانيا على افتعال أزمة مع روسيا، وكان نتيجتها حرب عبثية ألقت بحبالها على العالم أجمع، ولازال لظى الحرب التي أشعلت أمريكا فتيلها مشتعلاً إلى يومنا هذا.

ويقول الباحث والمتخصص في الشؤون الروسية والدولية الدكتور سمير ايوب، في حديث له مع وكالة مهر للأنباء، أن أحد أهداف الولايات المتحدة الأمريكية من تحريض اوكرانيا هو دق الاسفين في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين روسيا وأوروبا.

ويضيف المختص بالشأن الروسي في حديثه الشيّق، فيما يخص المعاهدات الأخير: "إن بناء احلاف ومجموعات اقتصادية كقمة شنغهاي ومجموعة البريكس ومجموعة العشرين ومجموعة ال77 زائد الصين، كل هذا يأتي في إطار مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية واتباعها، فهذه المجموعات تهدف إلى قيام عالم متعدد الاقطاب، إلى قيام عالم يعتمد على العدالة على عالم لا يعتمد على سرقة ثروات الشعوب وعدم الهيمنة والاستفراد بالقرارات الدولية كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية".

واستطرد ضيفنا الكريم بما يخص الوضع الإفريقي بالقول: :أما فيما يخص الدول الأفريقية يبدو أن الاستعمار الأوروبي الذي كان لمئات السنين في هذه الدول بدأ يتآكل لأن العلاقات بين هذه الدول والدول التي أرادت التحرر من الولايات المتحدة الأمريكية أو التي نسجت علاقات جديدة مع دول أفريقية أظهرت لهم بأنه عبر احترام المصالح وعبر الفائدة لكلا الطرفين افضل بكثير من التعامل مع فرنسا أو مع الدول التي فقط عملت على سرقة هذه الدول ولم تقدم لها أي شيء يمكن أن يساعدها في النمو الاقتصادي وان يحررها من المصائب المعيشية التي تعيشها ومن الأزمات السياسية والانقلابات العسكرية المتواصلة".

ولما للحرب بين روسيا وأوكرانيا من أهمية وانعكاسات على الداخل الأوروبي والعالم، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الباحث والمتخصص في الشؤون الروسية والدولية الدكتور "سمير أيوب"، وجاء نص الحوار على الشكل التالي:

هناك جدل اعلامي على شاشات التلفزة حول ما سمي بالهجوم المعاكس الاوكراني والنجاح الذي حققه ميدانيا.. ما الذي كان يريده دعاة الحرب من هذا الهجوم؟ وكيف ستنعكس نتائجه على الرأي العام الغربي الداعم لهذه الحرب ؟

الهدف الأساسي لما يسمى بالهجوم الأوكراني المعاكس كان الوصول إلى شاطىء بحر اوزوف عبر مدينة ميلتوبل، والدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية الداعمة لنظام كييف والتي زودتهم وتزودهم بأحدث أنواع الأسلحة المتطورة وتدعمه عبر الأقمار الصناعية تهدف من خلال ذلك أن تقطع الطريق البري من الأراضي الروسية إلى شبه جزيرة القرم، بحيث اولا، تعلن عن أن أهداف روسيا قد فشلت من العملية العسكرية، ثانيا، لتوجيه ضربات قوية ومتعددة بإتجاه جسر شبه جزيرة القرم. بحيث تصبح شبه جزيرة القرم محاصرة من قبل التحالف الغربي مع القوات الاوكرانية، لكن يبدو أن صمود الجيش الروسي وفشل الهجوم الأوكراني حتى الآن في تحقيق أهداف أدى إلى تغيير استراتيجية الجيش الاوكراني، إذ أنه بدأ في الفترة الأخيرة يحاول تعويض خسائره وفشله على جبهات قتال بالقيام بأعمال إرهابية تخريبية، اعمال اغتيال، تفجير لمناطق مدنية وخاصة عبر الطائرات المسيرة احيانا تصل إلى موسكو، واحيانا تصل إلى بعض المدن الروسية وايضا إلى العمق الروسي، لكن كل هذا بتقديري لن يؤثر بشكل كبير على القوات الروسية ولن يجعلها تتراجع أمام الجيش الأوكراني بل عكس ذلك تماما القوات الروسية لا تزال صامدة، الجيش الأوكراني يدفع اثمان باهظة، المعدات الغربية تُدمر يوميا، الجيش الأوكراني يخسر المئات من جنوده ووصل العدد منذ أن بدأ الهجوم إلى حوالي ثمانين الف ضحية من الجيش الأوكراني، إذن الغرب فشل في أهدافه من هذا الهجوم، وايضا نظام كييف يعيش حالة من التخبط ومن التشاؤم بنتائج هذا الهجوم.
لا شك أن نتائج فشل الهجوم الأوكراني على الداخل الأوكراني وعلى الدول الغربية وحتى على الولايات المتحدة الأمريكية ستكون مفاجئة للجميع، فكما ذكرنا سابقا كل الدعم الذي قدم لكييف لم تحقق اهدافا، الان التخبط والخوف الذي ينتاب الدول الغربية ونظام كييف ما هي النتائج العكسية التي يمكن أن تحدث نتيجة لفشل هذا الهجوم، هل روسيا سوف تبقى على المواقع التي وصلت إليها اي على حدود المقاطعات الأربعة التي انضمت اليها، ام أنها عندما تشعر أن الجيش الأوكراني أصبح متعبا وغير قادر على المواجهة تعمد روسيا إلى توسيع العملية العسكرية، وهناك المجتمع الروسي الذي لديه اراء، لديه ما يمكن أن يطالب به قيادته بأن يستعيد معظم الأراضي التي كانت سابقا تابعة لروسيا، اي ان القوات الروسية ممكن أن توسع العمليات العسكرية بحيث تصل إلى مدينة خاركوف ومقاطعتها، وايضا إلى مدينة أوديسا ومقاطعتها، بحيث تستطيع فصل اوكرانيا بشكل نهائي عن شاطئ البحر وتستطيع استعادة مدينة اوديسا ومدينة خاركوف والتي تعتبر تاريخيا مدن روسية، إذن الغرب أصبح الآن في مأزق، الدول الغربية والمجتمعات الأوروبية بدأت تتساءل الآن وتطرح الاسئلة على قادتها إلى اي مجال سوف يبقى دعم اوكرانيا؟ والى أي فترة سوف تستنزف الشعوب الأوروبية ومقدراتها ومقوماتها؟ لذلك المخاوف الان هي على احتمالين:
الاحتمال الاول: مخاوف أوكرانية داخلية من أن روسيا قد تواصل عملياتها وتوسع انتشارها وسيطرتها على الأراضي الأوكرانية.
الاحتمال الثاني: بالنسبة للدول الأوروبية ممكن أن يؤدي إلى استنزاف مواردها، والى زيادة التضخم الاقتصادي، والى تغييرات سياسية.. يعني في حال فشل قادة الدول الأوروبية في أن يقدموا إلى شعوبهم نتائج إيجابية للهجوم الاوكراني، اي ان الضرائب التي يدفعها المواطن الأوروبي لم تذهب سدى، هي مهددة بالخطر، اي يمكن أن تأتي إلى الحكم أحزاب لا يمكن أن تكون بالحسبان، لذلك أيضا هناك تخبط سياسي، هناك محاولات اضطرابات في الدول الأوروبية وهذا ما ظهر في الفترة الأخيرة من خلافات فيما بينها فيما يخص الأزمة الأوكرانية، هناك خلافات بين بولندا واوكرانيا، بين ألمانيا وبولندا، وايضا خلافات بين هنغاريا ودول اخرى، رومانيا لديها الآن اسئلة بدأت تتطرح..
هذا الخوف وهذه الانقسامات بالشارع الأوروبي بدأت تظهر نتيجة لفشل الهجوم الأوكراني وليس نتيجة لخلافات فيما بين الدول الأوروبية، اذن كل هذا نراه انعكاسا ونتيجة لفشل الهجوم الأوكراني وعدم جدوى الأسلحة الغربية والدعم الغربي، وحتى الأسلحة الحديثة التي قدمت إلى نظام كييف، هذا يؤكد أن روسيا مستمرة ومصرة على مواصلة عملياتها العسكرية حتى تحقيق أهدافها، أهداف هذه العملية هو الأخذ بعين الاعتبار الهواجس الروسية التي قدمتها قبل بدء العملية، هذه المطالب قدمت إلى حلف الناتو وايضا قدمت إلى أوكرانيا، ما يجري الآن من صراع على الاراضي الأوكرانية هو جزء من الصراع العام بين روسيا وحلف الناتو"

تزويد العصابات الاوكرانية بالسلاح الاميركي والاوروبي يسير بخط تصاعدي..فإلى اي مدى في تقديرك تستطيع واشنطن فتح مستودعاتها لضخ الاسلحة المتطورة في الحرب الاوكرانية؟ وما هو الخط الاحمر الذي تصبح بعده الحرب مواجهة مباشرة بين الجيش الروسي وجيوش الناتو؟

مهما قدم الغرب والولايات المتحدة الأمريكية من أسلحة فتاكة إلى اوكرانيا لا يمكن أن يغير المعادلة على جبهات القتال، بدأنا تدريجيا عندما قدموا الأسلحة المضادة للدبابات كان الجميع يعتقد بأن الجيش الأوكراني يمكن أن يصمد ويمكن أن يدمر كل الآليات الروسية ويجعل العملية الروسية العسكرية دون جدوى، ولكن هذا لم يحصل، هذه الأسلحة لم تؤثر بشكل كبير، صحيح أن بداية العملية أحدثت خسائر في صفوف الجيش الروسي ولكن بعد مرور فترة روسيا تأقلمت مع هذا الوضع واستطاعت تغير استراتيجيتها العسكرية، أيضا رأينا كيف أن راجمات هيمارز دخلت الى أرض المعركة وايضا في البداية غيرت على خطوط الجبهة، إذ ساعدت اوكرانيا في الضغط على القوات الروسية التي اضطرت للتراجع من منطقة خاركوف ومنطقة خيرسون، أيضا هناك دبابات غربية وأسلحة غربية حديثة قد دخلت، وكل هذه الأسلحة خاصة المعدات الثقيله التي دخلت الحرب لم تؤثر بشكل كبير، إذ أن روسيا استطاعت أن تجد لكل هذه الأسلحة الدواء، لذلك الساحة الأوكرانية تحولت إلى ساحة مبارزة بين الأسلحة الروسية والأسلحة الغربية، وحقيقة أثبتت الأسلحة الروسية جدارتها وقوتها وقدرتها على تدمير الأسلحة الغربية عكس ما كان يصور سابقا على أن وجود الدبابات الغربية والأسلحة الغربية سيما أن اوكرانيا استلمت راجمات هيمارز استلمت صواريخ بريطانية من طراز "ستورم شادو" أيضا الباتريوت الاميركية، كل هذه الأسلحة المتطورة لم تغير على أرض الواقع بحيث تجعل الجيش الأوكراني يحقق انجازات تعتبر نصرا له، كل هذه الأسلحة يبدو أن روسيا من جهة استطاعت تدميرها قبل أن تصل إلى جبهات القتال، ومن جهة أخرى العديد من الدبابات التي شاركت ووصلت إلى جبهات القتال أصبحت وقودا للأسلحة الروسية، لذلك الآن هناك تخبط في القرارات الاوروبية، مستودعات الأسلحة أصبحت فارغة وهذا ما أعلن عنه وزير الدفاع البريطاني الأسبق إذ قال إن مستودعات الأسلحة الأوروبية أصبحت فارغة ولا تستطيع تأمين احتياجات اوكرانيا من الاسلحة، والولايات المتحدة الأمريكية أيضا اعترفت بأنها تزود نظام كييف بالأسلحة المحرمة دوليا اي الأسلحة العنقودية لأن الصواريخ والقنابل التقليدية قد نفذت من المخازن الاوروبية، حتى أن محاولة الولايات المتحدة الأمريكية بتزويد اوكرانيا بطائرات F16 وهناك حديث اليوم بإعتراف زيلنسكي أن دبابات ابرامز الأميركية وصلت إلى اوكرانيا، بتقديري أن هذا كله يدخل في الحرب الإعلامية والنفسية وحتى أن وجود عشر دبابات ابرامز أو أكثر أو عشر طائرات أو عشرين طائرة من F16 لا يمكن أن تغير مجرى الاحداث، كما تعاملت روسيا في البداية مع الأسلحة التي سلمت إلى اوكرانيا وتم تدميرها على الطرقات وعلى جبهات القتال، بتقديري أن الأسلحة الجديدة يمكن أن تدمر قبل أن تصل إلى جبهة القتال وخاصة أن روسيا مستمرة في توجيه ضربات دقيقة إلى كل المستودعات والمخازن التي تعلم عبر أجهزة مخابراتها بوجود أسلحة غربية فيها..
ما يخص الخطوط الحمراء التي يمكن أن تعتبرها روسيا لا يمكن أن تخطيها، حتى الآن كان الحديث مطولا عن هذه المسألة إذ أنه في البداية كان هناك محاولات لاظهار ان اي ضربات للأراضي الروسية من قبل الجيش الأوكراني تعتبر خطوط حمر وبعد ذلك قيل ان اي ضربات من الأسلحة الغربية للأراضي الروسية أيضا تعتبر خطوط حمر، ولكن بتقديري وحسب المعلومات والوقائع من على الارض يبدو أن روسيا لم تتأثر حتى الآن بهذه الضربات، فهي ضربات إعلامية وضربات تستهدف إلى استعراض اعلامي أكثر مما كانت تحقق أهداف أو تؤدي إلى ضربات قاسية ضد الجيش الروسي، ولكن عمليا يمكن أن نتحدث عن الخطوط الحمر في حال استخدمت أسلحة متطورة وأسلحة دمار شامل ضد الأراضي الروسية وضد البنى التحتية الروسية لذلك هنا يمكن أن تفعل العقيدة النووية الروسية، لذلك حتى الآن لم نر اي احداث خطيرة تؤدي إلى تفعيل هذه العقيدة، لأن العقيدة النووية الروسية يمكن أن تفعل عند تعرض البنى التحتية الاستراتيجية الروسية للخطر في حال تعرض مدن روسية لضربات بأسلحة الدمار الشامل، وايضا في حال تعرض أحد الحلفاء الاستراتيجيين لروسيا لهجوم مباغت أو تهديد لامنه القومي أو لوجوده وهنا الحديث عن بيلاروسيا، وما دامت هذه الأشياء لم تحصل لا أرى ما يمكن الحديث عنه من خطوط حمر، لهذا السبب نرى أن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية التي تزود نظام كييف بأسلحة تبقى حذرة، وتحذر نظام كييف من استخدام هذه الأسلحة ضد بنى استراتيجية روسية وضد اماكن مدنية، صحيح هم يحرضون النظام على طائرات مسيرة أو بعض الأسلحة غير المدمرة ضد المدن الروسية، هذا فقط يهدف إلى أن يكون هناك جو اعلامي لصالحهم وجوو نفسي لإحباط الشعب الروسي خاصة بالهجمات التي تعرضت لها روسيا، غير ذلك لا نرى اي هجمات كانت كبيرة ومؤثرة على روسيا بإستثناء بعض العمليات الإرهابية والاغتيال، إذن حتى الآن الأوضاع تحت السيطرة، روسيا ليست بعجلة من أمرها لاستخدام أسلحة ثقيلة أو لاستخدام ما تسمى بإستراتيجية الردع ضد نظام كييف أو ضد الدول الأوروبية لأنها تعتبر أن ما يجري الآن هو تحت السيطرة ولا يزال ضمن المعقول.

اكثر التوقعات من هذه الحرب لم تثبت في الواقع! فلا الغرب استطاع محاصرة روسيا واضعاف اقتصادها ولا قطع الغاز الروسي جعل اوروبا ترتجف من البرد!! والطرفان استطاعا السيطرة على نتائج الازمة حتى الان.. فإلى متى يمكن لهما الاستمرار في حرب استنزاف؟ وهل يمكن القول ان الحرب لم تنعكس على الأوضاع المعيشية لدول اوروبا؟

صحيح أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كان يهدف من تحريض اوكرانيا ودعم وصول الأحزاب النازية الفاشية إلى الحكم لاستفزاز روسيا وجعل اوكرانيا بؤرة لاضعاف روسيا وضربها اما عن طريق استفزازها أو عن طريق شن عمليات إرهابية تخريبية ضد الشرق الأوكراني الذي يعتبر بحد ذاته صديق لروسيا وسكان هذه المنطقة من اصل روسي، الآن عندما بدأت هذه العملية العسكرية يبدو أن الغرب اتخذها مبررا لفرض عقوبات قاسية على روسيا خاصة في مجال الاقتصاد، اي ان العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضت على روسيا كان الهدف منها ضرب الاقتصاد الروسي، ضرب المؤسسات المالية الروسية، وجعل حالة من الاضطراب داخل الشارع الروسي تؤدي إلى اضطرابات ومظاهرات ضد الرئيس بوتين على أساس أنه هو الذي تسبب بهذه الحالة الاقتصادية، لكن يبدو أن روسيا كانت تتوقع هذه العقوبات وتأقلمت معها، إذ أن تعرضت أيضا لعقوبات قاسية في عام 2014 بعد انضمام شبه جزيرة القرم اليها، إذن تأقلم روسيا مع هذه الأوضاع وتوقعه لهذه العقوبات يبدو أنه اولا تمكن من التصدي لها، وثانيا فتح قنوات كبيرة ومتعددة مع دول العالم، استطاع من خلاله تعويض خسائره في الاقتصاد من جهة ومن جهة أخرى منع العزلة التي كان يهدف من خلالها الغرب أن تفرض على روسيا، صحيح أن روسيا أقفلت نافذة أوروبا أمامها لكنها استطاعت أن تفتح بوابة واسعة تجاه الشرق اي بإتجاه شرق آسيا بإتجاه افريقيا بإتجاه امريكا اللاتينية، ونلاحظ بأن هناك عشرات الدول التي ترغب وتريد فتح علاقات مع روسيا وتطوير هذه العلاقات في المجالات الاقتصادية وفي مجال النفط والغاز، ونرى أيضا أن روسيا عندما أوقفت تصدير نفطها وغازها إلى أوروبا لم تتأثر بشكل كبير فقد وجدت اسواقا كثيرة وأكثر فاعلية من الأسواق الأوروبية تماما كما الصين والهند وباكستان التي هي بحاجة إلى إمدادات الطاقة والنفط الروسي وعقدت اتفاقيات معها وأبدت استعدادها للتعامل بالعملة الوطنية للالتفاف على العقوبات وعدم التأثر بها، بتقديري استنزاف روسيا من قبل الغرب في هذا المجال لم ينجح وايضا روسيا عندما اعتقدت أن الغرب يمكن أن يتعرض لخسائر كبيرة أو يمكن أن يتعرض لما سمي مسألة تجميد أوروبا في فصل الشتاء هذا لم يحصل، ولكن ما يميز روسيا عن أوروبا بأن روسيا تمتلك العديد من الموارد والمقومات والعديد من المصانع ، لها اراضي زراعية واسعة تؤهلها للإستمرار في هذه العملية العسكرية إلى أبعد امد، بينما أوروبا ليست لديها مقومات ولا موارد وحتى الآن تعاني بشكل كبير وتتخبط بإستيراد النفط والغاز.. صحيح يصل إليها الغاز الأميركي والغاز من الشرق الأوسط لكن هذا الغاز وهذه الإمدادات أصبحت اغلى ثمنا مما يهدد المواطن الأوروبي ويهدد الاقتصاد الاوروبي، إذا استمرت هذه المسألة لامد طويل أوروبا لا تستطيع تحمل ذلك، ويمكن أن تتأثر بشكل سلبي تؤدي إلى اضطرابات في الشارع إلى ضربات اقتصادية وانهيارات مالية، لاحظنا في الفترة الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية انهيار بعض البنوك وإعلان إفلاسها، هذا لم يأت من فراغ ، يبدو الان أن الصراع بين الطرفين يأتي على شكل عض الاصابع من يصرخ اولا، بتقديري روسيا كما عودنا التاريخ لا تهزم، يمكن أن تخسر جولات ولكن في نهاية اي حرب كانت هي الرابحة وكانت هي التي تنتصر، لانها لم تبدأ هي الحرب بل من بدأها واستفزها هو حلف الناتو عندما توسع تجاه حدودها وحاول بعد ذلك ضم بعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة ومن بينها جورجيا وأوكرانيا، جورجيا تم التعامل معها بطريقة سريعة وحسم الامر، أما اوكرانيا فللأسف يبدو أن التحضيرات الأوروبية والأمريكية والتعلم من اخطائهم فيما يخص جورجيا، واستغلالهم للوقت الذي بدأ منذ عام2014 حتى عام 2022 مع بدء العملية العسكرية كان وقت كافي لتجهيز الجيش الأوكراني لدعم البنى التحتية للجيش وايضا لامدادهم بأسلحة متطورة وحديثة ، لا بل أكثر من ذلك دعم الأحزاب المتطرفة والمنظمات الفاشية السابقة التي بطبيعتها تكن العداء والكره لروسيا، إذن الولايات المتحدة الأمريكية وجدت في هذه الأحزاب نقطة يمكن أن تستغلها واستثمارها بحيث دعمتها للوصول إلى السلطة من جهة ومن جهة أخرى عندما وصلت إلى السلطة أصبحت تحرضها وتجعلها وكأنها مركزا لإضعاف روسيا وهذا ما حصل في منطقة الشرق الأوكراني مما اضطر روسيا للقيام بهذه العملية.

معظم الدول الاوروبية تعاني اليوم من ازمات غلاء كلفة المعيشة وضعف النمو والتضخم .. بينما اميركا تجني الارباح من صفقات السلاح وتفرض على اوروبا تحمل كلفة الحرب في اوكرانيا.. فما الذي يجعل الانظمة الغربية قادرة على السيطرة الاعلامية على شعوبها ؟ وما هي مراهناتها لخوض الحروب العبثية برأيكم؟

لا شك أن هذه الحرب تؤثر على روسيا كما تؤثر على أوروبا لكن في روسيا صحيح أن هناك ضغوطات ورفع اسعار، صحيح أن الاقتصاد تأثر لكن كل شيء بقي تحت السيطرة ، بمعنى لم تفقد من الأسواق الرئيسية اي مواد اساسية، لم ترتفع أسعار النفط والغاز ولم يتأثر الشارع الروسي بشكل كبير قد تؤدي إلى إحداث مظاهرات والى مشاكل اقتصادية خطيرة أو انهيار العملة الروسية، رغم تعويل الغرب على أن الروبل يمكن ان ينهار أمام الدولار وأمام العملات الصعبة لكن هذا لم يحدث وبقي كل شيء تحت السيطرة، الدول الأوروبية صحيح أن اقتصادها لم ينهار لكن على المدى البعيد هناك اثمان باهظة يمكن أن يدفعها الاقتصاد الاوروبي، وبدا من الآن يدفعها، فهناك العديد من الشركات الأوروبية أما أعلنت إفلاسها أو أقفلت مكاتبها في أوروبا وبدأت تتجه بإتجاه بلدان أخرى كالصين والهند، مثلا الاقتصاد الألماني تأثر بشكل كبير وبتقديري وبحسب كل من يطلع على التقارير الأميركية يعلم ويستنتج ان أحد أهداف الولايات المتحدة الأمريكية من تحريض اوكرانيا هو دق الاسفين في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين روسيا وأوروبا وخاصة بين روسيا وألمانيا لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تتخوف من استمرار العلاقات الجيدة بين الطرفين وازدهارها بين روسيا وألمانيا أو بين روسيا وبعض الدول الأوروبية يجعل الأطراف تزداد ثقة فيما بينها ولا تعد تحتاج إلى وجود قواعد عسكرية اميركية، أو وجود اميركي في المنطقة، لذلك أحد أهدافها أيضا هو تدجين أوروبا وجعلها تتخوف وترتعد من روسيا بحيث تتطلب المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية اي ان تزداد القواعد العسكرية الأميركية في أوروبا من جهة ومن جهة أخرى تصبح رهينة للولايات المتحدة اي من دون الأخيرة لا يمكن للاقتصاد الأوروبي أن ينهض، ونحن نعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية تزود أوروبا بالنفط والغاز ولكن بأسعار باهظة وهذا يأتي لصالح الشركات الأميركية اي للرأسمال الاميركي، وثانيا يبدو أن العملية العسكرية قد أعادت بشكل كبير الحياة إلى مصانعها العسكرية التي تزود نظام كييف بالاسلحة، وايضا يمكن أن تزود العديد من الدول الأوروبية بأسلحة حديثة بعد أن نفذت مخازنها وكل ما لديها من أسلحة بعد أن ارسلتها إلى اوكرانيا أو أنها تريد تجديد ترسانتها الحربية لأنها تتخوف كما تدعي من روسيا.

ماذا تعني زيارة رئيس كوريا الشمالية الى موسكو في هذا التوقيت؟ وهل يمكن للرئيس بوتين ان يستخدم ورقة بيونغ يانغ للضغط على واشنطن والحد من جموحها ورغبتها في عسكرة النزاعات في العالم ؟

لا شك أن زيارة رئيس كوريا الشمالية إلى روسيا كان لها أهداف استراتيجية كبيرة تهم البلدين، نحن نعلم أن كوريا الشمالية تخضع منذ فترة طويلة لعقوبات أميركية وعقوبات غربية وعقوبات أيضا من بعض دول العالم وايضا روسيا تخضع لهذه العقوبات، لذلك لا شك أن التعامل بين البلدين في مختلف المجالات يمكن أن يساعد في تخفيف الأعباء من جراء هذه العقوبات لكن يبدو أن هناك أهداف عسكرية من خلال هذه الزيارة، إذ أنه ليس كما يصور الغرب بأن روسيا بحاجة إلى أسلحة من كوريا الشمالية ولكن يبدو أن روسيا يمكن أن تستثمر علاقاتها مع كوريا الشمالية بحيث تزودها بتكنولوجيا نووية وأسلحة استراتيجية يمكن أن تكون بعيدة المدى وهذا يبدو وكأنه رد من روسيا على الولايات المتحدة الأمريكية التي تزود نظام كييف بأسلحة ثقيلة ومتطورة، وكوريا الشمالية تتعرض لتهديدات أميركية وهناك محاولات ضغط عليها من الدول المجاورة مدعومة من واشنطن، بتقديري هذا الحلف وهذا التعامل بين البلدين يؤدي إلى تقوية مواقفهما ويمكن أن تنضم لهما الصين، والتي تتعرض أيضا لعقوبات ويمكن أن تصبح هدفا للولايات المتحدة الأمريكية، العلاقات الجيدة والمتطورة بين الصين وروسيا بين الصين وكوريا الشمالية كل هذا يجعل الحلف أقوى بشكل كبير ، اذ أن الولايات المتحدة تحاول توكيل الأوضاع في المحيط الهادئ وفي شرق آسيا من جهة تضغط على كوريا الشمالية ومن جهة أخرى تجعل الدول المحيطة بالصين وكأنها يمكن أن تستفزها بدعمهم بالأسلحة وبتحريضهم ضد الصين، ولا ننسى روسيا في الشرق الروسي هناك تخوف من إعادة تسلح اليابان ونحن نعلم أنه رغم نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الآن لا يوجد معاهدة سلام بين روسيا واليابان ، بحيث أن اليابان لا تعترف حتى اليوم بإنضمام شبه جزر الكوريل إلى روسيا وهنا روسيا تتخوف من أن تستغل اليابان انشغال روسيا بالحرب والصراع مع حلف الناتو وتقوم أما بعملية مفاجئة في هذه المناطق أو بعمليات تحريض لتوتير الأوضاع في هذه المناطق ، لذلك روسيا ترى في كوريا الشمالية وفي الصين بأنهما دول مساعدة لها ودول يمكن أن يعول عليهما في مواجهة الاستفزازات الأميركية في هذه المنطقة.

هناك تحولات كبرى واساسية في العالم نذكر منها توسيع منظمة بريكس.. وانتفاضة الافارقة ضد الهيمنة الاستعمارية ومؤتمر جي 77 في كوبا .. وكلها تؤشر الى ان القبضة الامبريالية تراخت عن العالم.. هل ترى ان هذه التطورات ستحبط الهدف الاميركي من حرب اوكرانيا؟ وهل يمكن القول ان العالم متعدد الاقطاب بات اقرب الى الواقع؟

بناء احلاف ومجموعات اقتصادية كقمة شنغهاي ومجموعة البريكس ومجموعة العشرين ومجموعة ال77 زائد الصين، كل هذا يأتي في إطار مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية واتباعها، فهذه المجموعات تهدف إلى قيام عالم متعدد الاقطاب، إلى قيام عالم يعتمد على العدالة على عالم لا يعتمد على سرقة ثروات الشعوب وعدم الهيمنة والاستفراد بالقرارات الدولية كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية، نلاحظ أن هذه الدول تنشأ احلاف اقتصادية من شأنها أن تساعد على ازدهار الاقتصاد وتحسين معيشة المواطن، بينما نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بعكس ذلك تماما من خلال إنشاء احلاف عسكرية ك حلف الناتو والذي هو مسؤول عن العديد من الحروب وقصف الدول تماما كما حصل في الشرق الاوسط، ايضا تريد انشاء حلف اوكس في منطقة شرق آسيا ليكون مواجه للصين ولكوريا الشمالية، هذا التمايز بين دول تريد بناء احلاف اقتصادية وبين الأحلاف العسكرية للولايات المتحدة واتباعها، بتقديري هناك امل كبير بأن الصين وروسيا ومعهم الكثير من الدول المؤثرة على الساحة العالمية تستطيع مواجهة الولايات المتحدة وتستطيع أن تحدث تغييرات جذرية في الساحة العالمية وخاصة في المجال الاقتصادي، إذ أن العديد من هذه الدول يمكن أن تتعامل بالعملات الوطنية هذا بحد ذاته ضربة للسياسة الأميركية وتحجيما لها، صحيح أن هذا لم يحصل بشكل قريب لكن على المستويين المتوسط والبعيد فإنه سيحصل تغييرات كبيرة تؤثر بشكل سلبي على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى اقتصادها في حال استمرت بإتباع سياستها العدوانية..
أما فيما يخص الدول الأفريقية يبدو أن الاستعمار الأوروبي الذي كان لمئات السنين في هذه الدول بدأ يتآكل لأن العلاقات بين هذه الدول والدول التي أرادت التحرر من الولايات المتحدة الأمريكية أو التي نسجت علاقات جديدة مع دول أفريقية أظهرت لهم بأنه عبر احترام المصالح وعبر الفائدة لكلا الطرفين افضل بكثير من التعامل مع فرنسا أو مع الدول التي فقط عملت على سرقة هذه الدول ولم تقدم لها أي شيء يمكن أن يساعدها في النمو الاقتصادي وان يحررها من المصائب المعيشية التي تعيشها ومن الأزمات السياسية والانقلابات العسكرية المتواصلة، لذلك نرى أن تعامل الصين وروسيا والعديد من الدول المؤثرة في مساعدة هذه الدول لتخطي العقوبات وعدم استغلالها واستثمارها كما فعلت امريكا وفرنسا أدت إلى ثورة في هذه البلدان وطردت من خلالها الاستعمار الأوروبي وخاصة الفرنسي، حتى اليوم عندما أعلن الرئيس ماكرون عن انسحابه من النيجر يعتبر نصرا لهذه الدولة ويمكن أن تحذو دول أخرى حذو النيجر ومالي وبوركينا فاسو اي بالتخلص من الاستعمار المغلف الجديد من الدول الأوروبية وان تصبح هذه الدول الأفريقية أكثر استقلالية وأكثر جرأة على مواجهة هذا الاستعمار.
لا شك أن وحدة وصمود العديد من الدول في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، هي لا تريد هذه الدول أن تهاجم الولايات المتحدة الأمريكية ولا تريد أن تضرب اقتصادها لكنها تريد أن يكون هناك توازن في الاقتصاد العالمي أن يكون هناك عدالة ومساواة في مجلس الأمن الدولي في منظمة الأمم المتحدة في المنظمات الدولية وان لا تكون مسيطر عليها من قبل الولايات المتحدة، بتقديري هذه الدول قادرة على تغيير السياسة العالمية وقادرة على ضرب سياسة الولايات المتحدة العدوانية لتقوم بتحويل السياسة العالمية إلى سياسة متعددة الأقطاب، سياسة تعتمد على الدعم الاقتصادي للدول الفقييرة، سياسة تعمل على حفظ الأمن والاستقرار وترفض العقوبات الاقتصادية من طرف واحد دون اللجوء إلى الأمم المتحدة والى مجلس الامن، وايضا إلى فرض نوع من الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لوقف سياسة الهيمنة والاعتداء والغزو التي تحاول الإبقاء عليها، رغم أن كل الحروب والغزوات التي قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية لم تعط اي نتائج إيجابية لأي دولة غزتها أو ضربتها، الولايات المتحدة تستطيع أن تدمر، أن تحتل، ولكنها لم تستطع اعطاء الأمن والاستقرار، ومساعدة الدول الفقيرة على النهوض الاقتصادي.
نحن نعيش حالة المواجهة العالمية، ولكن الدول التي تريد أن تغير سياسة العالم هي التي سوف تنجح للوصول إلى هذه الأهداف نظرا للتحولات التي تحصل الآن في العالم، ولكثرة هذه الدول ولوجود أعداد كبيرة من سكانها والتي تشكل أكثر من ثلثي سكان العالم والتي تريد التغيير وإيقاف سياسة الهيمنة والاستفراد التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية.

رمز الخبر 1937145

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha