٠٥‏/٠١‏/٢٠٢٥، ١١:٢١ ص

المستقبل الغامض لسوريا في ظل حكم الجولاني: من التواطؤ مع تركيا إلى التعاون مع الكيان الصهيوني

المستقبل الغامض لسوريا في ظل حكم الجولاني: من التواطؤ مع تركيا إلى التعاون مع الكيان الصهيوني

في ظل التعاون بين النظام الإرهابي الحاكم في سوريا مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا، يواجه الشعب السوري ومستقبل الحكم السياسي في بلادهم مصيرًا غامضًا.

وكالة مهر للأنباء- قسم الشؤون الدولية: إن إعداد خارطة طريق طويلة الأمد تمتد لأربع سنوات للسير نحو عملية سياسية وانتخابات رسمية، سيغلق الباب أمام مشاركة المجموعات والتيارات المختلفة في سوريا، ما يمنح نظام الجولاني ذريعة للسيطرة الكاملة على جميع مفاصل السلطة.

بدأ العام الميلادي الجديد على السوريين في ظروف قاسية وصعبة، حيث تخلو دمشق وحلب ومدن أخرى من أي مظاهر للنشاط أو الحيوية المعتادة لبدايات العام. وعلى الرغم من استقرار نسبي في البلاد خلال برد الشتاء، فإن مستقبل سوريا ما زال مجهولاً، ولا تزال صورة الهيكل السياسي والتنفيذي غير واضحة.

ومع ذلك، تشير الدلائل والإجراءات الحالية إلى أن جميع المناصب والوظائف الحساسة تُمنح لأشخاص كانوا في السابق مقاتلين متشددين في إدلب، والذين باتوا اليوم يظهرون بمظهر سياسيين يرتدون البدلة وربطات العنق، ليقدموا أنفسهم كممثلين رسميين للنظام السوري.

وفي الأيام الأخيرة، وصفت العديد من وسائل الإعلام الغربية قائد تنظيم "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع، المعروف باسم الجولاني، باستخدام العبارة التالية: "القائد الفعلي لسوريا" (Syria's de facto leader).

يشير مصطلح "القائد الفعلي" (de facto leader) في السياقات السياسية والقانونية إلى شخصية تتولى السلطة في ظروف طارئة، خارج إطار العملية السياسية أو الانتخابات، مما يجعل قيادته "غير رسمية". القائد الفعلي هو شخص لم ينتخبه المواطنون، لكنه عمليًا يسيطر على مقاليد الحكم. وقد استخدمت كل من وكالتي رويترز وفرانس برس وعدة وسائل إعلام أخرى هذا المصطلح لوصف منصب الجولاني، قائد "هيئة تحرير الشام". وتعكس هذه المقاربة عدم رغبة الدول الغربية في الاعتراف بتصريحات ومواقف القيادة الحالية في سوريا كبيانات رسمية وموثوقة.

وتطرقت وكالة أسوشيتد برس إلى قضية نقل السلطة بناءً على تجارب شهدتها دول مثل تونس، مصر، ليبيا، اليمن، والسودان في السنوات الماضية. وأشارت إلى أن عدم انتقال السلطة إلى المدنيين يمثل قضية حساسة وحاسمة، وقد يؤدي إلى سلسلة من التداعيات المستقبلية. وأبرزت الوكالة أن الموقف في سوريا لا يزال غامضًا، خاصة فيما يتعلق بنوايا الجولاني تجاه بقايا النظام السابق، وما إذا كان يسعى إلى تطهير كامل للهيكل السياسي أم التوصل إلى تسوية.

الجولاني، أمريكا، والانتخابات

بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، لم يتم حتى الآن الإعلان عن سياسة إدارة ترامب تجاه سوريا أو العلاقات بين واشنطن ودمشق. ومع ذلك، أعرب الجولاني مرارًا عن أمله في أن يقوم دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي المنتخب، برفع العقوبات المفروضة على سوريا. ورغم أن دبلوماسيين أمريكيين بارزين زاروا دمشق وتم إلغاء المكافأة المالية البالغة 10 ملايين دولار المخصصة للقبض على الجولاني، إلا أن خبراء وزارة الخارجية الأمريكية وصفوا مواقف وتصريحات الجولاني بعد عودتهم إلى واشنطن بأنها "عملية"، مع بقاء الشكوك حول استمراره في هذه المواقف.

وأشارت وكالة رويترز في تقرير لها إلى أن الجولاني أظهر عدم استعجاله بشأن الجدول الزمني المحتمل للانتخابات. فقد صرح بأن تنظيم الانتخابات في سوريا قد يستغرق أربع سنوات، مع توقع أن يتطلب إعداد دستور جديد فترة زمنية تصل إلى ثلاث سنوات. ورغم ذلك، لم يتم تقديم أي ضمانات حول هذه الفترات الزمنية، ومن المحتمل أن تستغرق العملية أكثر من أربع سنوات عمليًا.

وفي مقابلة بثتها وسيلة إعلام حكومية سعودية يوم الأحد، قال زعيم تنظيم "هيئة تحرير الشام"، الذي أطاح بالرئيس السوري بشار الأسد، إن تنظيم الانتخابات في سوريا قد يستغرق ما يصل إلى أربع سنوات، بينما صياغة الدستور الجديد قد تحتاج ثلاث سنوات إضافية.

الجولاني وتركيا: ارتباطات وثيقة ودعم استراتيجي

تشير الأدلة إلى أن العديد من القرارات السياسية للجولاني ومرافقيه ترتبط مباشرة بتوصيات ورغبات أنقرة. حتى الآن، يشغل ثلاثة على الأقل من الوزراء في "الحكومة المؤقتة" بدمشق مناصبهم بعد أن أكملوا دراساتهم العليا في الجامعات التركية. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "قرار" الصادرة في أنقرة، فإن وزراء العدل والإدارة المحلية وعددًا من المسؤولين المحليين في دمشق وحلب جميعهم خريجو جامعات تركية.

وفي الأوساط السياسية التركية، تم الكشف عن أن فريقًا استشاريًا خاصًا بقيادة "إبراهيم قالين"، رئيس جهاز الاستخبارات التركية (MIT)، تم تعيينه لتقديم المشورة في إنشاء وكالة استخباراتية جديدة للنظام الذي يقوده الجولاني.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية التركي "هاكان فيدان" في تصريحاته الصحفية أنه خلال فترة رئاسته لجهاز الاستخبارات التي استمرت 13 عامًا، كان على اتصال بجميع فصائل المعارضة السورية، بما في ذلك الجولاني، وأنه يسعى حاليًا لتقديم خبراته للنظام الذي يقوده الجولاني.

تصريحات المسؤولين الأتراك تشير بوضوح إلى أن فريق الرئيس رجب طيب أردوغان يبحث عن طرق لإطالة أمد العملية السياسية في سوريا وتعزيز موقع الجولاني وحلفائه.

في ظل هذه الظروف، يبدو أن جميع المؤسسات العسكرية والأمنية والشرطية، إلى جانب الوزارات الحساسة والوثائق والمعلومات الهامة والموارد المالية والقضايا الاستراتيجية لسوريا، ستبقى تحت سيطرة الجولاني ونظامه. وبمرور الوقت، قد تُصمم العملية السياسية والانتخابات بطريقة تضمن إقصاء جميع الجماعات والتيارات السياسية والاجتماعية والقومية والدينية الأخرى من المشهد السوري.

نتنياهو یضرب، والجولاني يصمت

من أبرز الأحداث التي أعقبت سقوط بشار الأسد في سوريا استمرار الهجمات الجوية التي يشنها سلاح الجو التابع للجيش الإسرائيلي على المنشآت العسكرية والدفاعية السورية، حيث طالت الغارات حتى القواعد القريبة من دمشق. ومع ذلك، التزم الجولاني ونظامه الإرهابي بالصمت إزاء هذه الاعتداءات الواضحة، في مشهد يوحي بوجود تنسيق ضمني بين الطرفين.

تشير الشواهد إلى غياب أي موقف حازم من قبل الجولاني، بينما صرّح بنيامين نتنياهو مرتين بأن سوريا في مرحلتها الجديدة بحاجة إلى مليارات الدولارات لإعادة الإعمار والبنية التحتية.

تقرير موسع نشرته مجلة The Cradle كشف عن أن المحللين الغربيين ينظرون بعين الشك إلى تاريخ التعاون بين الجولاني والكيان الصهيوني. ففي الفترة التي كانت فيها "هيئة تحرير الشام" تُعرف بـ"جبهة النصرة"، تعاونت عام 2014 مع إسرائيل خلال معاركها ضد حزب الله اللبناني والجيش السوري. ووفقًا للتقارير، فإن مقاتلي "جبهة النصرة" في القنيطرة خاضوا معارك تحت توجيه إسرائيلي مباشر، كما أن الصحفيين وثقوا نقل جرحى الجبهة لتلقي العلاج في مستشفيات عسكرية إسرائيلية.

هذا السياق يُفسر استمرار الجيش الإسرائيلي في توسيع احتلاله للجنوب السوري، بدءًا من جبل الشيخ وصولًا إلى أطراف دمشق، حيث سيطر على أكثر من 500 كيلومتر مربع من الأراضي السورية الجنوبية.

/انتهى/

رمز الخبر 1952606

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha