٢٣‏/٠٢‏/٢٠٢٥، ٨:٥٥ ص

أبعاد الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد سيد حسن نصرالله

أبعاد الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد سيد حسن نصرالله

مع اقتراب موعد تشييع جثمان الأمين العام السابق لحزب الله لبنان، كشفت إحدى وسائل الإعلام اللبنانية عن أبعاد دور الولايات المتحدة في هذا الاغتيال، مشيرة إلى الدعم الاستخباري والتسليحي والسياسي الأمريكي الذي كان حاسمًا في هذه الجريمة، وأكدت أن هذا الاغتيال لم يكن ليتم دون مساعدة أمريكا.

وكالة مهر للأنباء، قسم الشؤون الدولية: استخدم الاحتلال الإسرائيلي في عملية اغتيال الشهيد "سيد حسن نصرالله" الأمين العام السابق لحزب الله لبنان أحدث التقنيات العسكرية. في هذه العملية، استخدم العديد من الطائرات الحربية من طراز F-15، حيث ألقت أكثر من 80 قنبلة خلال دقائق قليلة، وكان وزن كل قنبلة يعادل طناً واحداً. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن هذه القنابل من نوع "هايواي هايد مارك 84"، وهي قنابل متعددة الأغراض صنعت في الولايات المتحدة، وتعتبر من القنابل القادرة على اختراق التحصينات.

وفي تقرير عن هذا الموضوع، أكدت قناة المنار أنه لا شك في أن اغتيال سيد حسن نصرالله لم يكن مجرد عملية عسكرية أو أمنية عادية، بل كان يتطلب سنوات من التخطيط والإعداد، رغم أن تنفيذه جاء في إطار العدوان الإسرائيلي على لبنان ردًا على دعم المقاومة لغزة. ورغم ذلك، فإن العدو كان قد خطط لسنوات لهذه اللحظة، ما يثير تساؤلات عديدة حول قدرة إسرائيل على تنفيذ مثل هذه العملية الواسعة دون دعم خارجي. كما طرحت مصادر متعددة احتمال التعاون بين الأجهزة الاستخبارية والعسكرية الدولية، بل إن بعض التقارير أشارت إلى مشاركة مباشرة أو غير مباشرة لهذه الأجهزة في تنفيذ العملية.

ومن الأسئلة الرئيسية في هذا الملف هو مدى تورط أمريكا في هذه العملية، خاصة وأن المقاومة وقادتها دائمًا كانوا يشكلون عقبة أمام المشاريع الأمريكية والصهيونية في المنطقة. وعليه، يطرح السؤال: ما هو الدور الذي لعبته الأجهزة الاستخبارية والأمنية الأمريكية في هذه الجريمة؟ هل كانت أمريكا مشاركة بشكل مباشر في العملية؟ هل يمكننا رؤية دلائل على مشاركة مباشرة لأمريكا في مجالات الأرض، الجو، المعلومات، الأسلحة أو غيرها؟ هل قدمت واشنطن "غطاءً سياسيًا" لإسرائيل لتنفيذ هذا الاغتيال؟ وهل كانت إسرائيل قادرة على تنفيذ هذه العملية ضد شخصية مثل سيد نصرالله دون الدعم المباشر وغير المباشر من أمريكا؟ بالنظر إلى أن الطائرات والقنابل المستخدمة كانت من صنع أمريكا، هل هذا يعني مشاركة فعلية من واشنطن في هذا الاغتيال؟

الأبعاد الاستراتيجية والتسليحية لدور أمريكا

في هذا السياق، يؤكد "عمر معربوني"، الباحث في القضايا السياسية والعسكرية، أنه من الناحية العامة، يمكن اعتبار الولايات المتحدة العدو الرئيسي في المنطقة، وأن المشروع الذي يُنفذ حاليًا هو مشروع أمريكي في جوهره، حيث يُعتبر الاحتلال الإسرائيلي مجرد أداة تنفيذية فيه.

وأضاف معربوني: "بناءً على ذلك، هناك «تآزر استراتيجي» بين أمريكا وإسرائيل، وهو ما شكل هذا الصراع في جميع أبعاده ومرحله ووجهته."

أبعاد الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد سيد حسن نصرالله

وفي حديثه لشبكة المنار، أشار معربوني إلى الدور المباشر لأمريكا في الحرب الأخيرة، خاصة بعد عملية "طوفان الأقصى"، حيث قال: "أوضح الأمريكيون بشكل صريح أن أمن الاحتلال الإسرائيلي يمثل أولوية مطلقة بالنسبة لهم. هذه المواقف لم تكن ظاهرة فقط في تصريحات المسؤولين الأمريكيين، بل كانت أيضًا واضحة في تحركاتهم العسكرية والأمنية والاستخبارية والدبلوماسية."

وتابع معربوني قائلاً: "وبناءً على هذا الموقف، تم تسليم جميع الإمكانيات العسكرية الأمريكية إلى إسرائيل، بدءًا من الأسلحة والمعدات العسكرية وصولًا إلى الحرب الإلكترونية. وهذا الأمر كان واضحًا أيضًا في نوع القنابل المستخدمة في اغتيال سيد حسن نصرالله، حيث تبين أن 84 قنبلة من نوع MK-84 قد استخدمت في العملية. هذه القنابل، التي تمتلك قدرة تدميرية معادلة لثمانين طنًا، تم تصميمها خصيصًا لأهداف حساسة وخاصة، وتُعرف بأنها «قنابل الأعماق»."

الأبعاد الاستخبارية والفنية لدور أمريكا

وأشار معربوني إلى الأبعاد الفنية لهذه العملية مؤكدًا أن هناك عاملين رئيسيين كانا لهما دور بارز في تنفيذها. الأول هو التجسس الإلكتروني وجمع المعلومات الدقيقة، حيث أدت عملية استخبارية متقدمة إلى تحديد موقع الهدف بدقة. الثاني هو توفير الأسلحة والمعدات المناسبة لتنفيذ العملية، حيث أكد معربوني أن الاحتلال الإسرائيلي، دون الوصول إلى القنابل الخاصة والتقنيات المتقدمة الأمريكية، لم يكن ليتمكن من تنفيذ هجوم بهذا القدر من الدقة والتدمير.

وتعكس هذه النقاط الدور المحوري الذي لعبته الولايات المتحدة، على الأقل من ناحية توفير التكنولوجيا والمعلومات والتسليح، في تنفيذ هذا الاغتيال، رغم أن التفاصيل الدقيقة ومدى مشاركتها المباشرة لا تزال بحاجة إلى مزيد من التحقيقات.

الدعم العسكري والسياسي الأمريكي في اغتيال سيد حسن نصرالله

أكد "عدنان علامة"، الباحث والكاتب العربي، أن حكومة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن كانت الشريك الرئيسي في اغتيال الشهيد سيد حسن نصرالله. وأوضح أن الولايات المتحدة كانت المزود الرئيسي للطائرات، الأسلحة، والذخائر التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي في هذه العملية التي أدت إلى استشهاد سيد نصرالله.

وأضاف: "هذه الجريمة هي جريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، بل وللقوانين الداخلية الأمريكية أيضًا." وأوضح أن قوانين الكونغرس الأمريكي تؤكد بوضوح أن الذخائر المباعة لدول أخرى يجب أن تُستخدم فقط للدفاع عن النفس، وهو ما تم التأكيد عليه في المراسلات الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية.

كما أشار علامة إلى أن العملية تمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتناسب في الرد، حيث انتهكت كافة القوانين والاتفاقيات العسكرية الدولية.

أبعاد الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد سيد حسن نصرالله

دور الأسلحة المتقدمة في هذا الاغتيال

وقال علامة لشبكة المنار: "كانت واشنطن على علم بهذه العملية، حيث أن القنابل المستخدمة في الهجوم كانت قنابل خاصة تحتوي على اليورانيوم المُستنفذ في تركيبها، مما زاد بشكل كبير من قدرة القنابل على الاختراق وزيّـد من درجة حرارة الانفجار."

وأضاف: "إلى جانب ذلك، تم إضافة نظام توجيه خاص للقنابل، مما حولها من قنابل قافزة حرة (المعروفة بالقنابل العمياء) إلى قنابل موجهة ذكية."

وأوضح علامة أن هذه القنابل كانت من نوع "JDAM" (مهمات الهجوم المباشر المشتركة)، التي تُحسن بشكل كبير دقة الهجمات الجوية.

الاعتراف باستخدام الأسلحة الأمريكية في هذه الجريمة

أشار "عدنان علامة" إلى أن الاعتراف يُعدُّ أفضل دليل، حيث أفاد أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أن القنابل المستخدمة في اغتيال سيد حسن نصرالله كانت قنابل موجهة أمريكية من نوع مارك 84.

وأضاف أن "مارك كيلي"، رئيس اللجنة الفرعية للشؤون الجوية والفضائية في لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، كشف في مقابلة تلفزيونية في سبتمبر الماضي عن نوع الأسلحة التي استخدمها الاحتلال الإسرائيلي في هذه العملية، حيث قال: "إسرائيل استخدمت في هذه العملية قنابل مارك 84 بوزن 2000 رطل (900 كيلوغرام)."

أبعاد الدور الأمريكي في اغتيال الشهيد سيد حسن نصرالله

كما أكد "علامة" أن أمريكا لم تقتصر على الدعم العسكري فقط، بل قدمت أيضًا دعماً سياسياً غير محدود للاحتلال الإسرائيلي بهدف منع محاكمة هذا النظام بسبب الجرائم الحربية والجرائم ضد الإنسانية.

وتابع قائلاً: "هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم، وفي النهاية، ستواجه أمريكا وإسرائيل العدالة، حتى وإن طال الزمن."

وفيما يتعلق باحتمال المشاركة المباشرة لأمريكا في تنفيذ هذه العملية، أشار علامة إلى أن هناك احتمالية أكثر من 70% في مشاركتها في تنفيذ هذا الاغتيال، سواء على الأرض أو في الجو أو من خلال المعلومات الاستخباراتية، مستدلاً بعدة أسباب على ذلك:

  1. أمريكا أنشأت أكبر سفارة في العالم في لبنان، مزودة بمهبط للطائرات الهليكوبتر، ولا تخضع أي من الطائرات هناك لرقابة سلطات مطار بيروت.
  2. السفراء الأمريكيون في لبنان يتنقلون بسهولة في المؤسسات الحكومية ووزارات البلاد دون الحاجة لتأكيد وزارة الخارجية.
  3. سفارة أمريكا في لبنان مجهزة بأحدث أنظمة الاتصال والمراقبة والتنصت، حيث تقوم بجمع معلومات واسعة تُقدم بلا شك للاحتلال الإسرائيلي.
  4. أمريكا تستخدم العديد من العملاء في لبنان، ومن المرجح أن فور وصول سيد حسن نصرالله إلى الموقع المستهدف، بدأت على الفور كتيبة مكونة من 15 طائرة مقاتلة الهجوم، وقامت بإلقاء 80 طنًا من المتفجرات شديدة القوة على الهدف، ما أسفر عن استشهاد الأمين العام السابق لحزب الله ورفاقه.

واختتم "علامة" بالقول: "على الرغم من جميع الإجراءات التي اتخذتها أمريكا والاحتلال الإسرائيلي، فإن المقاومة ستظل صامدة وقوية لا تقهر. قائد المقاومة الاستثنائي، الشهيد سيد حسن نصرالله، سيظل في شهادته حاضراً كما كان في حياته، وسيظل العدو في حالة رعب. ولن يلبث الاحتلال الإسرائيلي أن يدرك أنه ارتكب أكبر خطأ في تاريخه بهذه الجريمة، وسيشعر بالندم يوماً ما."

/انتهى/

رمز الخبر 1954708

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha