وكالة مهر للأنباء- نجاح محمد علي: نظرا للصراعات الجارية بين طهران وواشنطن وفشل محاولات لخفض هذا الصراع وبما أن أمريكا ترى ايران تهديدا لمصالحها وايران تعتبر الولايات المتحدة تسعى لاضعاف موقعها الاستراتيجي فإيران اليوم في لحظة مفصلية تتطلب منها استراتيجية شاملة تجمع بين الردع العسكري والدبلوماسية الفعالة والاستقلال الاقتصادي:
1.السياق العام للعلاقات بين إيران وأمريكا
تُعد العلاقات بين إيران والولايات المتحدة واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا في السياسة الدولية، حيث تتسم بالتوتر المستمر والمواجهة المتبادلة منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وعلى الرغم من المحاولات المتقطعة لخفض التوتر، لا تزال واشنطن تعتبر إيران تهديدًا لمصالحها الإقليمية، بينما ترى طهران أن سياسات أمريكا وحلفائها تهدف إلى إضعاف موقعها الاستراتيجي.
في هذا السياق، تصاعدت الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لمنع إيران من تطوير برنامجها النووي السلمي، بحجة أن القدرات التقنية والتكنولوجية الإيرانية قد تشكل تهديدًا محتملًا في المستقبل. في المقابل، يُعتبر الردع عنصرًا أساسيًا في الاستراتيجية الأمنية الإيرانية، لا سيما أن القوى الكبرى وبعض المنافسين الإقليميين يمتلكون أسلحة نووية، بينما تواجه إيران الضغوط السياسية والاقتصادية رغم التزامها بالمعاهدات الدولية.
2.خيارات إيران لتعزيز قدراتها الدفاعية والردعية
استراتيجية الردع والعقيدة الدفاعية
على الرغم من تأكيد إيران على الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي، فإن الضغوط الغربية والتهديدات المستمرة تفرض عليها إعادة النظر في استراتيجياتها الدفاعية. في هذا الإطار، يجب أن تستند سياسات إيران إلى المحاور التالية:
- تطوير التكنولوجيا النووية السلمية كحق مشروع، إلى جانب تعزيز القدرات الدفاعية التقليدية لتحقيق توازن رادع.
- زيادة دقة وقدرات الصواريخ الباليستية والكروز لتعزيز نظام الردع الاستراتيجي.
- تحسين أنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية لمواجهة التهديدات الجوية والصاروخية.
تنويع التحالفات الاستراتيجية
- تعزيز العلاقات مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا لضمان الدعم الدبلوماسي والحصول على التكنولوجيا العسكرية المتقدمة.
- توسيع التعاون الدفاعي مع الدول الصديقة في محور المقاومة لإنشاء منظومة ردع إقليمية مشتركة.
- الاستثمار في العلاقات الاقتصادية مع الدول المحايدة لتقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي.
تحسين القدرات الاقتصادية لمواجهة العقوبات
- تطوير الصناعات العسكرية والاقتصادية المحلية للحد من تأثير العقوبات.
- إنشاء آليات تجارية بديلة من خلال استخدام العملات المحلية ونظام المقايضة مع الحلفاء.
- تقليل اعتماد الميزانية العامة على صادرات النفط من خلال تنويع مصادر الدخل وتعزيز القطاعات غير النفطية مثل الصناعات التحويلية والتكنولوجيا والزراعة. من شأن ذلك أن يمنح إيران مرونة أكبر في مواجهة العقوبات الاقتصادية ويقلل من الضغوط الغربية.
3.الرسائل السياسية إلى الغرب والكيان الصهيوني
يجب تذكير القوى الغربية بأن امتلاك السلاح النووي ليس حكرًا على دول معينة، بل تمتلكه أطراف دولية مختلفة، بينما تواجه إيران تهديدات أمنية متعددة دون امتلاك هذه القدرة.
كما يجب التأكيد على أن:
- الضغط المستمر على إيران لن يؤدي إلا إلى تعزيز تصميمها على تقوية قدراتها الدفاعية.
- أمريكا لا تحترم سوى الدول التي تمتلك عناصر قوة حقيقية، كما يتضح من تعاملها مع كوريا الشمالية والصين.
- التجربة أثبتت أن القوة هي العامل الحاسم في السياسة الخارجية الأمريكية.
- الكيان الصهيوني، الذي يمتلك ترسانة نووية غير معلنة، لا يمكنه فرض قيود على خيارات إيران الدفاعية.
إيران اليوم في لحظة مفصلية تتطلب منها استراتيجية شاملة تجمع بين الردع العسكري والدبلوماسية الفعالة والاستقلال الاقتصادي. وتُعد سياسة تقليل الاعتماد على النفط حجر الأساس في تأمين السيادة الاقتصادية وتقليل تأثير العقوبات الغربية، مما يمنح إيران قدرة أكبر على الصمود في وجه الضغوط الدولية.
/انتهى/
تعليقك