أفادت وكالة مهر للأنباء أن محمد مهدي رحمتي، الرئيس التنفيذي لمجموعة مهر الإعلامية، ألقى كلمته حول موضوع "تعزيز نظام عادل ومنصف على الساحة الدولية" في اجتماع وسائل الإعلام ومراكز الفكر لمنظمة شنغهاي للتعاون، المنعقد في الفترة من 23 إلى 27 يوليو/تموز 2025، في مدينة تشنغتشو، عاصمة مقاطعة هنان، الصين، بمشاركة أكثر من 400 ممثل عن وسائل الإعلام ومراكز الفكر والمؤسسات الفكرية للدول الأعضاء وشركاء الحوار.
وفيما يلي النص الكامل لكلمته:
الضيوف الكرام المشاركون في اجتماع وسائل الإعلام لمنظمة شنغهاي للتعاون، ومديرو وممثلو وسائل الإعلام الأعضاء الموقرون أعضاء شنغهاي،
أسعد أوقاتكم
يسعدني ويشرفني أن أكون حاضرًا وأخاطبكم، وأن أشكر صديقي العزيز السيد "فو" وزملائه المجتهدين في وكالة أنباء شينخوا على تنظيم هذا اللقاء.
في السنوات الأخيرة، برهنت وكالة أنباء شينخوا على مكانتها المتميزة في التنسيق والتعاون الإعلامي الإقليمي والدولي. وتماشى أداء شينخوا مع "روح شنغهاي"، التي تجسد الثقة المتبادلة، والمنفعة المتبادلة، والمساواة، والتشاور المتبادل، واحترام التنوع الثقافي، والسعي لتحقيق التنمية المشتركة.
عندما نتحدث عن نظام عادل ومنصف، من الطبيعي أن نعتبر الهوية التاريخية والإقليمية عاملًا مؤثرًا في تشكيل هذا النظام الجديد. على سبيل المثال، في بلدي، إيران، يُعد أبو نصر محمد الفارابي (فيلسوف من القرن العاشر الميلادي)، والمعروف في الغرب باسم اَلفارابیوس، مفكرًا ومنظرًا للموسيقى، ومؤسس الفلسفة الإسلامية.
وُلِد في فاراب، كازاخستان، وتوفي في دمشق، سوريا، وكُتبت معظم أعماله باللغة العربية؛ ولكن في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك إيران، نعتبر الفارابي إرثًا ثقافيًا خاصًا بنا. وبغض النظر عن بعض التنافسات في تحديد الانتماء إلى تراث ثقافي، فإن هذه القضية تُشير إلى الأساس المتكامل لهويتنا في وسط وغرب آسيا. أي نظام لا يُراعي هذه الأسس الثقافية المشتركة ليس عادلًا ومنصفًا.
ربما يكون الشرق الذي بناه الغرب، والذي انتُقد في نظريات مفكرين مثل إدوارد سعيد (المسيحي العربي)، وهوميلي بابا، وغاياتري سبيتاك (الهندية)، أول محاولة لطرح ضرورة إيجاد توازن عادل. وسواء كنا نؤمن بفكر ما بعد الاستعمار أم لا، فإن الحق في تحديد نظام وطني ودولي عادل ومستقل محفوظ لنا.
إحدى طرق إرساء نظام دولي عادل ومنصف هي الإيمان بمجتمع دولي متنوع الحضارات. وكما قال الفيلسوف الصيني منسيوس في القرن الرابع قبل الميلاد: "إن الاختلاف يعطي للأمور ماهيتها". لذلك، فإن أي مستقبل يسعى إلى تعزيز آليات بديلة، مثل شنغهاي، لمواجهة الأحادية والتجانس، يجب أن يلتزم بالتنوع الحضاري والثقافي.
شنغهاي ليست غربية، ولكنها ليست معادية للغرب. شنغهاي حلٌّ يُنظّم، في إطار التوازن المؤسسي، نظام العلاقات بين الدول الأعضاء من جهة، والعلاقات مع الدول الأخرى والقوى الدولية من جهة أخرى، ويقترح حلاً بديلاً للنظام الدولي.
إذا تعاونت هذه المنظمات، فستلعب دورًا فعالًا وأخلاقيًا في تشكيل نظام عالمي جديد قائم على العدل والإنصاف.
لكن السؤال الذي يبدو أنه بحاجة إلى طرحه والإجابة عليه في قمة شنغهاي للإعلام هو: كيف يُمكن للثقافة والإعلام تعزيز نظام عادل ومنصف في منظمة شنغهاي للتعاون؟
الخطوة الأولى هي بناء الثقة المؤسسية ووضع إطار عمل مُحكم للتعاون الإعلامي، تتولى أمانة مُحددة مسؤوليته. انطلاقًا من روح شنغهاي، يجب أن نتعرف على بعضنا البعض بشكل أفضل وأكثر، ووسائل الإعلام هي الوسيلة الرئيسية للتعريف. التنوع والاختلاف أمر طبيعي. من المهم أن يرتكز التعاون على القضايا المشتركة العديدة الموجودة، وعلى الأمانة رصد مستوى مشاركة الأعضاء في هذا المجال وتقديم تقارير عنه باستمرار، بالإضافة إلى مشاركة الأخبار والتحليلات القيّمة. بالطبع، يجب على الأمانة التعاون مع وسائل الإعلام الرئيسية، وألا تصبح مُنافسًا للإعلام نفسه.
الخطوة الثانية هي دعم روح شنغهاي من خلال تعزيز الحوار الإعلامي. إن خلق فرص للنقاش المُتكافئ والسعي إلى التفاهم المتبادل أمرٌ مُفيد. تُؤدي هذه الحركة الإعلامية إلى تقليل تضارب المصالح داخل المنظمة، وزيادة التضامن والمشاركة في أهدافها. إن التعاون الإعلامي في هذه المناقشات يسمح بسماع أصوات البلدان المختلفة وفي الوقت نفسه التفاعل من أجل نظام أكثر عدالة وإنصافًا.
يمكن لأي مؤسسة أن تكون تقدمية وفعالة عندما تتمتع بمؤسسية راسخة مقارنةً بالمؤسسات الأخرى القائمة مسبقاٌ . في الخطوة الثالثة، يُطلب من وسائل إعلام شنغهاي متابعة قرارات المنظمة في مختلف مراحلها على المستويين الوطني والدولي وتسهيل تنفيذها. يمكن أن يكون تناول الإعلام للقضية جزءًا من عملية المؤسسية الراسخة. على سبيل المثال، في المجال الاقتصادي، يُعد بنك شنغهاي للتعاون والتنمية أحد المشاريع التي، إذا طُبِّقت، ستزيد من العمق المؤسسي لشنغهاي.
الخطوة الرابعة هي الإيمان بأن الالتزام المتبادل بالأمن الآسيوي ضروري لبناء نظام عادل ومنصف. يقع على عاتق وسائل الإعلام واجب مساعدة منظمة شنغهاي على تحقيق التفاهم المتبادل من خلال توسيع هذا المفهوم نظريًا وتعريف الجمهور به وأبعاده وضرورته؛ لأن هذه المفاهيم لا يمكن تحقيقها دون دعم ومشاركة الرأي العام.
كخطوة خامسة ومشروع تنفيذ مشترك، أقترح التفاعل الإعلامي في تحقيق مبادرة الحزام والطريق. هذه الفكرة، على الرغم من اختلاف مساهمات أعضاء شنغهاي، تنبع من تجربة تاريخية وثقافية ناجحة. كان طريق الحرير سياقًا أتاح تبادلات ثقافية واقتصادية وتعاطفًا إقليميًا مع نمو جميع المشاركين منذ قرون. ورغم أن الصين، بصفتها الداعم الرئيسي، لها دور استراتيجي في تصميمه وتوجيهه، إلا أنها لطالما تركت مجالًا مفتوحًا للحوار وتوسيع التعاون في هذا المجال، لا سيما بين أعضاء شنغهاي. ويمكن للدول الأعضاء أن تجعله نموذجًا ناجحًا لممر تنمية دولي من خلال التفاعل البنّاء. كما يمكن لوسائل الإعلام تبديد الغموض حول هذه المبادرة من خلال الحوار البنّاء داخل المجتمع وعلى الصعيد الدولي، وتشجيع تقدمها.
يُقال إن الناس يتغيرون بعد الحرب ولا يعودون كما كانوا. قبل أقل من شهر، كنتُ شخصًا مختلفًا! لا يعرف ألم الحرب إلا من عاشها. لا أدري إن كنا نحن الصحفيين قد اقتربنا من الحرب أم أن الحرب الصامتة قد جمعتنا بهدوء. إن استشهاد 227 صحفيًا في غزة ليس بالأمر الهين. قبل أربعين يومًا، وخلال الحرب بين إيران والكيان الصهيوني، استشهد أحد أصدقائي، نيما رجب بور. نشأنا معًا في حي نارماك بطهران، المعروف برمانه. كان يكبرني بأربع سنوات، وأصبح صحفيًا قبلي ببضع سنوات. كنا نذهب إلى المدرسة والمسجد والنادي معًا، وفي السنوات الأخيرة، أصبحت بناتنا صديقات، ويأخذن دروسًا في الموسيقى وصناعة الفخار. على عكسي، الذي كنتُ مهتمًا بخوض غمار إدارة الإعلام، لم يكن نيما مهتماً سوى في الصحافة وكتابة الأخبار . في اليوم الذي أسقطت فيه الطائرات الإسرائيلية إحدى عشرة قنبلة على المبنى الرئيسي لإذاعة وتلفزيون إيران؛ استشهد متأثرًا بإصابته بشظايا حديدية ساخنة وزجاج. بنفس الهدوء المعتاد، وبنفس الابتسامة الطيبة التي ارتسمت على وجوهنا. ليت الحرب لم تقتل الطيبين. ليت الحياة لم تحوّلها إلى ذكريات. ظننتُ أن حب الناس لبعضهم البعض يقلّ في الحرب، لكن ذكرى نيما جعلتنا أكثر صمودًا. أنا متأكد أن من لا يكذب لا تدمره الحرب.
شكرًا لاهتمامكم.
/انتهى/

تعليقك